أظهرت تقارير أن ديون مصر لشركات النفط بلغت خمسة بلايين دولار على الأقل، نصفها مدفوعات متأخرة، ما يُبرز الصعوبات التي تواجهها الدولة في تسديد تكاليف الطاقة المرتفعة في ظل دعمها للأسعار تفادياً لاحتجاجات شعبية. وأرجأت مصر تسديد مدفوعات للشركات المنتجة للنفط والغاز في أراضيها في ظل تراجع احتياطات النقد الأجنبي وارتفاع تكاليف الغذاء وتراجع إيرادات السياحة منذ الثورة. ويأمل معظم هذه الشركات في الحصول على مستحقاته كاملة ولكنه يقر بأن ذلك قد يستغرق سنوات عديدة. وعلى رغم استمرار خططها للاستثمار في مشاريع جديدة في مصر إلا أن مسألة الديون تبقى تحدياً. وقد يؤدي تأجيل التسديد إلى إعاقة الاستثمار في القطاع، ما قد يهدد أمن الطاقة في مصر. وقال العضو في مجلس إدارة «دانة غاز» الإماراتية مجيد جعفر إن «تأخير التسديد للشركات يضر مصر في نهاية المطاف، إذ أن احتمال تراجع الاستثمار والإنتاج قد يخفض إيرادات الحكومة ويؤدي إلى نقص المعروض». وتبلغ ديون الحكومة المصرية ل «دانة غاز» 230 مليون دولار، وهي مدفوعات متأخرة عن إمدادات غاز، بينما أكدت الشركة أنها تجري محادثات مع الحكومة حول هذا الموضوع. وتُظهر افصاحات مالية من شركات مثل «بي بي» و«بي جي» و «أباتشي» و«إديسون» و«ترانس غلوب إنرجي» أن مصر مدينة لها بأكثر من 5.2 بليون دولار حتى نهاية عام 2012. وبلغت مستحقات «بي بي» ثلاثة بلايين دولار، منها نحو بليون دولار تأخر تسديدها، بينما بلغت مستحقات «بي جي» 1.3 بليون دولار، 600 مليون منها تأخر تسديدها، ومستحقات «إديسون» 400 مليون دولار تأخر تسديدها، تليها «ترانس غلوب» و «دانة غاز». تقديرات ولم يسبق أن كشف المسؤولون المصريون عن حجم الدين كما رفضوا تقديرات تراوح بين سبعة بلايين دولار وتسعة بلايين. وانخفض إنتاج النفط في مصر خلال كانون الثاني (يناير) الماضي ثلاثة في المئة على أساس سنوي وفقاً لبيانات حكومية، والغاز تسعة في المئة. وأظهرت نشرة «ميدل ايست ايكونوميك سرفي» أن إنتاج النفط بلغ أدنى مستوياته في ثلاث سنوات والغاز في خمس سنوات، بينما زاد استهلاك النفط بمقدار الثلث خلال السنين ال10 الماضية وتجاوز الإنتاج منذ العام 2008. وبسبب النمو السكاني ودعم الطاقة، الذي يصل إلى 15 بليون دولار سنوياً أو ربع الموازنة، زاد استهلاك مصر للغاز إلى مثليه خلال السنين ال10 الماضية ليصل إلى مستوى الإنتاج تقريباً، ما يحد من الصادرات وإيرادات العملة الصعبة. ولفتت شركات إلى أنها ستضطر للانتظار سنوات للحصول على مستحقاتها، في حين توقعت «بي جي» الحصول على مستحقاتها البالغة 1.3 بليون دولار كاملة نهاية عام 2015 بموجب اتفاق عُقد أخيراً يرتبط بمستويات إنتاج النفط والغاز. ومع تدهور الأوضاع السياسية والاقتصادية اتخذ بعض الشركات إجراءات احترازية، فاشترت «أباتشي» تأميناً ضد الأخطار السياسية لسنوات من مؤسسة «أوفرسيز برايفت إنفستمنت» وشركات تأمين أخرى لتغطية الأخطار في مصر، مؤكدة أن «بوالص التأمين توفر غطاء قيمته بليون دولار من الخسائر التي قد تنجم عن المصادرة والتأميم». وحصلت الشركة أيضاً على تغطية قيمتها 300 مليون دولار من المؤسسة ذاتها ضد الخسائر التي قد تنشأ عن عدم تسديد الفواتير السابقة. وأشارت شركات نفطية الى أن تراجع الإنتاج سيتوقف مع نمو الاستثمارات على رغم التحديات المتعلقة بالديون، في حين تخطط «أباتشي» لاستثمار أكثر من بليون دولار في مصر هذه السنة. وقال الناطق باسمها بيل مينتز «لم نتوقف عن الإنتاج يوماً واحداً منذ اندلاع الثورة عام 2011، ونعتقد أن الحكومة المصرية تدرك قيمة مساهمتنا لا سيما في اوقات تعاني قطاعات اقتصادية أخرى». وأكدت شركات أخرى أن استثماراتها ستبقى كما كانت أو ستزيد على رغم الحدود القصوى التي تضعها الحكومة لأسعار الغاز، والتي تقل عن الأسعار الأميركية وتمثل نسبة طفيفة من الأسعار الأوروبية. وكانت وزارة الاستثمار المصرية أكدت أن الاستثمارات في قطاع الطاقة ستزيد على 8.2 بليون دولار المسجلة العام الماضي.