أجرى الرئيس المكلف تأليف الحكومة اللبنانية العتيدة تمام سلام أمس، مشاورات مع 11 كتلة نيابية و3 رؤساء سابقين للحكومة (بصفتهم النيابية) إلى جانب رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي ورئيس المجلس النيابي نبيه بري ونائبه فريد مكاري، في اليوم الأول للمشاورات النيابية غير الملزمة في شأن تشكيل الحكومة، والتي تتواصل اليوم في مقر البرلمان في بيروت، وسط إجراءات أمنية اتخذت في محيطه. واستهل سلام مشاوراته بلقاء بري الذي لم يدل بأي تصريح، ثم ميقاتي الذي شدد في تصريح بعد اللقاء، على أن «هدف الحكومة الأساسي إجراء الانتخابات النيابية، وبذلك نكون أكدنا مجدداً ضخ دم جديد في الحياة السياسية اللبنانية. وهذا ينسجم مع قولي في القصر الجمهوري إن المداورة في الحكم هي الأساس في كل الأنظمة الديموقراطية». وكان مدرجاً على جدول المشاورات اسم الرئيس السابق للحكومة سعد الحريري، لكنه موجود خارج البلاد. ثم التقى سلام الرئيس السابق للحكومة ميشال عون. وكان عون اجتمع قبل لقائه سلام، مع بري في مكتبه، في حضور رئيس «تيار المردة» النائب سليمان فرنجية والوزيرين جبران باسيل وعلي حسن خليل والنائب إبراهيم كنعان. مكاري: لا احتكار ثم التقى سلام الرئيس السابق للحكومة فؤاد السنيورة تلاه مكاري الذي صرح بأنه أكد لسلام ثقته به، معبراً عن ثلاث تمنيات وهي: «أن يكسر التوزيع الطائفي الجامد للحقائب السياسية، وأن يحرص على ألا يحتكر فريق سياسي تمثيل طائفته، بالإضافة إلى عدم إسناد بعض الوزارات كالطاقة والاتصالات لأي فئة سياسية يمكن أن تستفيد منها بل أن يكون من يستلمها من أصحاب الكفاءة يختارهم رئيس الجمهورية والحكومة». واستهل سلام لقاء الكتل بكتلة «التنمية والتحرير» التي يرأسها بري، وأعلنت بعد اللقاء على لسان أنور خليل أنه «سمعنا كلاماً يوحي بكثير من أجواء التفاؤل وهو جو توافقي وجامع وهذا ما نريده نحن ككتلة». وتمنى لسلام باسم الكتلة «التوفيق وأن يترجم هذا الجو في عملية التشكيل». ثم التقى سلام كتلة «المستقبل» التي يرأسها السنيورة والذي أعلن بعد اللقاء أن «الكتلة تمنت التوفيق له بأن يخرج بتشكيلة وزارية تكون قادرة على أن تعمل كفريق عمل متجانس متآلفة في ما بينها ومن غير المرشحين وقادرة على إدارة الشأن العام بشكل سليم يعود بالخير على الوطن وعلى كل اللبنانيين وبشكل تكون أيضاً قادرة على تطبيق مفهوم الديموقراطية الصحيح المبني على تداول السلطة ويعني التداول في الحقائب الوزارية على جميع الحقائب، وأولها وزارة المال، وبالتالي هذا الأمر خطوة نحو الطريق الصحيح الذي يؤدي إلى توافر كل النوايا والهمم الطيبة من قبل الجميع لمساعدة الرئيس المكلف في هذه المرحلة الدقيقة من تاريخ لبنان والتي نمر بها بتحديات محلية وإقليمية تقتضي منا التنبه للمخاطر والتداعيات التي قد تحملها معها لنتمكن من أن نعبر المرحلة بسلام قبل أن يشتد وطيس المشاكل في المنطقة، على هذا الأساس تمنينا لدولة الرئيس كل التوفيق ونتمنى أيضاً أن يمحضه الآخرون كل الثقة من أجل أن تتم هذه العملية بأسرع وقت ممكن لأن الجميع متعطش لإدارة حكومية سليمة تنهض بالبلاد واقتصاده وبالعمل السياسي وتحقق الأمر الأساس الذي نتوقعه من الحكومة وهو إنجاز العملية الانتخابية بأسرع وقت ممكن لأن هذه الحكومة حكومة انتخابات ويجب أن تكمل المهمة». ثم اجتمع سلام إلى كتلة «التيار الوطني الحر» برئاسة عون الذي قال بعد اللقاء: «أوليناه الثقة ولا نحب الإعلان عن المواضيع التي تطرقنا إليها، لأننا لا نريد فتح سجال لا طعم له اليوم، كي لا نحرج أحداً لا دولة رئيس الحكومة ولا غيره حول ما نريد عمله أثناء تأليف الحكومة... لا نضع عقبات أمام الرئيس المكلف، لذلك لن نقول شيئاً الآن». وعما إذا كانت الكتلة تقبل بحكومة غير حكومة وحدة وطنية، قال: «هذا أساسي، حكومة توافق وطني لأننا لا نريد فقط إجراء انتخابات إنما علينا مواجهة هذه المرحلة، الأحداث في الشرق الأوسط، الوضع غير مستقر، في أي لحظة قد تحصل انعكاسات علينا، يجب أن نكون جاهزين في الحكومة لمواجهتها، وحكومة الوحدة الوطنية هي التي الوحيدة أن تقف في وجه هذه الأحداث». وعن تصريح السنيورة بأن كتلته تريد تداول السلطة وخصوصاً وزارة المال، قال: «على مهل حتى نضع فيها رأسمالاً أولاً، كي لا يأخذها مفلسة، يكفي أننا أخذنا وزارة الاتصالات وكانت مكسورة وصارت الآن جوهرة الاتصالات استحلوها كلهم، وأخذنا وزارة الطاقة وكانت خردة وصارت أحسن وزارة وصار فيها نفط وماء وكهرباء وصارت محط أنظار كل العالم ويشتهونها، إلى حد أنني مرة طلبت من الرئيس السنيورة أن يعطيني وزارة المال مقابل خمس وزارات أعطيه إياها لكنه رفض أما الآن فهو يريد إعطاء وزارة المال مقابل أي شيء؟ اسألوه». ثم التقى سلام كتلة «الوفاء للمقاومة» (حزب الله) برئاسة محمد رعد الذي قال: «تمنينا للرئيس المكلف التوفيق والنجاح في مهمته خصوصاً في هذه المرحلة الدقيقة التي يمر بها لبنان، وتداولنا معه في الكثير من الأمور المتصلة بالحكومة وطبيعتها ومتبنياتها السياسية، وطالبناه بأن تكون حكومة سياسية جامعة تشرف على الانتخابات وتدير شؤون البلاد ويتمثل فيها الفرقاء السياسيون وفق أوزانهم وحضورهم نسبياً في المجلس النيابي». وسئل عما إذا كان موقف الرئيس المكلف أزعجه من موضوع المقاومة وتأييد خيارات الشعب السوري، فرد رعد بالسؤال: «أي موقف؟ أمس أم أول من أمس؟». جنبلاط: لا شروط مسبقة والتقى سلام بعد ذلك، كتلة «جبهة النضال الوطني» برئاسة وليد جنبلاط الذي قال إن «لا شروط مسبقة لدينا، والهدف الوصول إلى الاستقرار، فضلاً عن إنجاز الاستحقاق النيابي، وسيرى دولته الصيغة المناسبة لتشكيل حكومة تناسب الجميع وتؤكد الاستقرار والنمو ثم بعد الانتخابات لكل حادث حديث». والتقى سلام كتلة النائب ميشال المر الذي شدد على وجوب ان تكون «التركيبة مقبولة من الجميع وان يأخذ كل فريق حقوقه وحصته وان تكون منسجمة من دون وضع شروط». وامتدت المشاورات حتى السابعة والنصف ليلاً وشملت كتل: «نواب زحلة» و«القوات»، و«الكتائب» و«وحدة الجبل» و«لبنان الحر الموحد». على أن تشمل اليوم ست كتل ونواب مستقلين ونائب «الجماعة الإسلامية». وكان سلام التقى في دارته السفير البريطاني توم فليتشر وقدم تعازيه برحيل رئيسة الوزراء مارغريت ثاتشر، كما قال فليتشر، «مثلما فعل رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي الذي التقاه في وقت سابق، وذكر ب «الدعم الذي كانت قدمته ثاتشر عام 1992 للرئيس اللبناني لاستقرار لبنان وحياده واستقلاله، وكانت واثقة كما نثق اليوم ان اهم شيء في لبنان هو العمل وتعاون الجميع لتأمين الاستقرار». وأكد «عدم التدخل بالشأن اللبناني ولا حتى في التوصل الى قانون انتخابي، وتشكيل الحكومة شأن داخلي بحت يخص قادة لبنان، والاهم بالنسبة الينا توصل الفرقاء الى اتفاق سريع على كل القضايا الملحّة». وأمل ان «يتمكن الرئيس سلام من توحيد آراء القادة اللبنانيين».وشدد على ان «الاستحقاق الدستوري من المهم ان يحصل في توقيته». وتلقى سلام من السفير التركي اينان اوزالديز تهاني بلاده، فيما نقل السفير الكويتي عبد العال القناعي اليه «رسالتي تهنئة من أمير دولة الكويت صباح الاحمد جابر الصباح ورئيس مجلس الوزراء الشيخ جابر المبارك الحمد الصباح، متمنين له وللبنان الشقيق دوام الازدهار والتقدم والامن والاستقرار، ومؤكدين وقوف الكويت الى جانب لبنان في كل الاوقات وأن يتمكن من عبور هذه المرحلة الحساسة والدقيقة من تاريخه بوئام وإجماع». وتلقى سلام اتصالاً هاتفياً من وزير خارجية فرنسا لوران فابيوس أكد له «اهتمام فرنسا بإنجاز الاستحقاقات المقبلة خصوصاً الانتخابات النيابية». وزار الرئيس امين الجميل سلام مهنئاً. وقال الجميل بعد اللقاء «الوقت ليس لطرح أفكار فضفاضة، لأن المهم تشكيل حكومة بأسرع وقت، وندعمه في التصور الذي يرتئيه لحكومة المصلحة الراهنة». وقال إن حزب الكتائب «سيؤمن كل التسهيلات اللازمة دعماً لمسيرة الرئيس المكلف».