اسفرت الاستشارات النيابية الملزمة التي بدأها الرئيس اللبناني ميشال سليمان في يومها الاول عن تسمية النائب تمام سلام لتكليفه تشكيل الحكومة العتيدة، على ان تتواصل الاستشارات اليوم. وكان أول الواصلين إلى قصر بعبدا وفق جدول الاستشارات رئيس المجلس النيابي نبيه بري الذي حضر قبل الموعد المحدد بربع ساعة. وقال قبل توجهه إلى مكتب سليمان: «الاستشارات النيابية مسهلة جداً إن شاء الله». ولم يصرح بعد المغادرة. ميقاتي: لست نادماً ثم حضر رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي وقال بعد مقابلة سليمان: «سميت النائب سلام لتولي هذه المهمة، وكما قلت بالأمس نحن بانتظار صدمة إيجابية، نراها اليوم بكل أوجهها الديموقراطية والسلوك الديموقراطي الذي يتبع خصوصاً في تسمية واختيار رئيس الحكومة الجديد»، معتبراً أن «الديموقراطية أساسية وجزء من الحياة السياسية التاريخية التي نعتز بها كلبنانيين، ويجب أن نعرف أننا على مسافة قصيرة من الانتخابات النيابية، التي نتمنى أن تجدد الدم في الحياة السياسية، وفي الوقت نفسه هناك مسألة تداول السلطة، وهذه حسنة لا يشعر بها إلا من يمر فيها، وهي سنة من سنن الحياة السياسية، وعلينا تقبلها بكل ديموقراطية»، متمنياً لرئيس الحكومة الجديد كل خير، و«سنكون حتماً إلى جانبه، لأن همنا الأساس الوطن ووحدته واستقراره، الأشخاص يأتون ويذهبون، لكن الأساس أن نحافظ على الوطن». وأضاف: «البعض يقول إنني الضحية أو التسوية، لكن طوال مسيرتي كنت أقدم واجبي ولخدمة الوطن، لم أؤد في أي يوم من الأيام واجباً وطنياً طمعاً بأمر شخصي، بل لخدمة بلدي، وسأبقى على هذا النهج في أي موقع أكون فيه، ولم أنتظر مقابل، من أحد، ولست نادماً بل مسرور في الواقع الذي أراه في تجسيد الحياة الديموقراطية وتداول السلطة». وقال: «إن شاء الله تكون الأمور مسهلة وسريعة في ظل وجود شبه إجماع على التكليف، وهذا أمر مهم». وعقد لقاء جانبي بين بري وميقاتي، قبل مغادرة الأخير. والتقى سليمان الرئيس السابق للحكومة النائب فؤاد السنيورة، فنائب رئيس المجلس النيابي فريد مكاري الذي أعلن أنه أبلغ رئيس الجمهورية أنه يرشح سلام لرئاسة الحكومة. ووصفه بأنه «من أهل 14 آذار، وهذه القوى هي أول من سمته في اجتماع «بيت الوسط». وكانت لدينا قناعة بأن هذا الاسم سينال أصوات أكثر الكتل النيابية لما في شخصيته من اعتدال وانفتاح»، آملاً من «الرئيس سلام تأليف حكومة تكون مهمتها الأساس الانتخابات النيابية، وتهتم بكل شؤون البلد لتغطي جزءاً من النقص الذي حصل آخيراً». وتمنى على «سلام ابن الرئيس صائب سلام صاحب القول لبنان واحد لا لبنانان، أن تصبح عندنا دولة واحدة لا دولتان». وإذ رأى أن موضوع «التشكيل معقد نوعاً ما»، وامل ان «يسهلوا مهمته كما سهلوا تسميته». وعن مقاطعة رئيس «تيار المردة» النائب سليمان فرنجية، قال مكاري: «إذا عدنا للتاريخ لرأينا ان صائب سلام كان له دور كبير في انتخاب سليمان فرنجية الجد، وربما أن فرنجية (الحفيد) يرد له الوفاء». ثم التقى سليمان كتلة «التنمية والتحرير» التي تحدث باسمها النائب أنور الخليل الذي قال: «أكدنا ما كانت الكتلة قررته في اجتماعها صباحاً بتسمية النائب تمام سلام لرئاسة الحكومة الجديدة». كتلة «المستقبل» واستقبل سليمان نواب كتلة «المستقبل» وتحدث باسمها رئيسها فؤاد السنيورة فقال: «حضرنا لنقوم بواجبنا في ما خص تنفيذ المادة الدستورية المتعلقة بالاستشارات وسمينا النائب سلام، انطلاقاً من قناعاتنا المشتركة والنظرة إلى وطن العيش الواحد المشترك وإيماننا باستقلال لبنان وسيادته وحريته وديموقراطيته وأهمية الولوج معا إلى مرحلة العودة للدولة». وأضاف: «لا شك في أنه في ضوء الأوضاع الداخلية الصعبة والإقليمية الضاغطة، فإن الأمور تقتضي العمل على تأليف حكومة تكون قادرة على تشكيل فريق عمل متجانس وفاعل ومنتج يستطيع أن يوحي بثقة اللبنانيين كافة وحكومة تفتح لهم أبواباً وتقدرهم على مواجهة التحديات القائمة والمقبلة، وتعمل من خلال أدائها وجديتها على خفض مستويات التوتر في البلاد وكذلك من أجل أن تعمل على إجراء الانتخابات في أسرع وقت ممكن لكي ينتظم عمل مؤسساتنا الدستورية والحكومية وأن تعمل على معالجة هذا الكم الكبير الذي تراكم من المشاكل الأمنية والسياسية والديبلوماسية والاقتصادية والاجتماعية، وان تعيد للدولة هيبتها واحترامها وللأوضاع الاقتصادية والمالية والاجتماعية نموها واستقرارها وللعلاقات اللبنانية-العربية، وكذلك الدولية، صدقيتها وجديتها، وان تعمل مع رئيس الجمهورية على تيسير مهمة استئناف الحوار الوطني، بما يؤدي إلى تعزيز الاعتدال والانفتاح والعودة إلى الدولة بشروط الدولة، دولة احترام القانون والنظام». وقال رداً على سؤال: «نريد فريق عمل متجانساً، وكل شيء بوقته، وفي حزيران (يونيو) الماضي التزم اللبنانيون بإعلان بعبدا وهذا ما نلتزم به. نحبذ أن يكون الوزراء غير مرشحين للانتخابات، وهذا الموضوع متروك لسلام، وهو يستطيع أن يرى الأسلوب والصيغة التي تؤدي الغرض الذي يتمناه اللبنانيون، واللبنانيون متعطشون لحكومة توحي بالثقة للناس». تكتل «التغيير والاصلاح» وأوضح أمين سر تكتل «التغيير والإصلاح» النائب إبراهيم كنعان بعد لقائه ونواب التكتل رئيس الجمهورية، في غياب رئيسه ميشال عون ان «التكتل سمى النائب سلام لتأليف الحكومة». وأشار إلى أنه «كما قال النائب عون، فإن هذه التسمية فرصة لتحقيق الوحدة الوطنية، إنما الثقة التي ستمنح للحكومة تتعلق بالتأليف الذي ننتظره لتحديد موقفنا». ثم التقى سليمان نواب كتلة «الوفاء للمقاومة» برئاسة النائب محمد رعد الذي تلا بياناً مكتوباً فيه: «تأكيداً منا للانفتاح على أي خطوة قد تدفع باتجاه التفاهم وفي الحفاظ على استقرار البلاد، أو تفتح آفاق تشكيل حكومة جامعة تشكل إطاراً للوحدة الوطنية والإنقاذ أو التعاون والتكامل الوطني بين مختلف الأطراف والاتجاهات السياسية في لبنان، فإننا في الكتلة سمينا لرئاسة الحكومة في هذه المرحلة النائب تمام سلام»، آملين له «التوفيق والنجاح في مهمته وللبنان الاستقرار والتعافي». وأكد أن «موضوع الحكومة نبحثه لاحقاً». ثم استقبل سليمان نواب «جبهة النضال الوطني» برئاسة وليد جنبلاط، الذي أعلن أن «الجبهة التي ولله الحمد زاد عديدها اليوم مع النائب هنري حلو (انضم إلى الجبهة)، سمت النائب سلام على أساس تشكيل الحكومة المقبلة»، مسجلاً «تقديرها العالي للجهود الجبارة الذي قام بها الرئيس السابق نجيب ميقاتي في عملية الاستقرار والوفاق». واختتمت الاستشارات، بلقاء كتلة النائب ميشال المر، وتضم إليه نايلة تويني. وقال المر: «نؤيد سلام ليس فقط بالتكليف، بل بالتأليف». ورأى أن «الحكومة في هذا الظرف يجب أن تكون حكومة وحدة وطنية، خصوصاً أن لديها عنواناً مهماً في بيانها الوزاري اسمه إعلان بعبدا، الذي يعالج ويسهل الكثير من الأمور للعمل الحكومي». عون سمّى وفرنجية قاطع... امتنع رئيس تكتل «التغيير والإصلاح» النيابي ميشال عون عن المشاركة في الاستشارات النيابية الملزمة في القصر الجمهوري، إلا أنه سمّى بعد اجتماع استثنائي لتكتله، النائب تمام سلام لرئاسة الحكومة، في حين أعلن رئيس «تيار المردة» النائب سليمان فرنجية «مقاطعة الاستشارات ومنح الحرية لأعضاء كتلة «لبنان الحر الموحد» في التسمية». وقال عون إنه تم «التوافق على تمام سلام. خيارنا الوحدة الوطنية والاستقرار، عمِلْنا لهذا الخيار منذ سنوات وما زلنا نعمل. واليوم هناك فرصة، الكل ينادي بحكومة وحدة وطنية وبالتوافق بين جميع مكونات الوطن. انطلاقاً من هنا نقول إن اليوم هو بداية تفهّم، ونأمل بأن يصبح، كما كان يقول الرئيس صائب سلام رحمه الله «تفهّم وتفاهم»، و «لبنان واحد لا لبنانان»، و «لا غالب ولا مغلوب». وأضاف قائلاً: «تحت هذه الشعارات نتمنى أن يجتمع لبنان، أما من ليس لديه النية الصافية فلن يمكنه السير بهذه الشعارات، وتمام سلام هو وريثها الشرعي ولا أعتقد أنه سيبذّر هذا الميراث القيّم». أما فرنجية، فأعلن في بيان أنه «إذ يحترم ويقدر النائب سلام وعائلته الكريمة التي تربطنا بها علاقة عريقة، إلا أن إعلان ترشيحه بالأمس من منزل رئيس الحكومة السابق سعد الحريري كرس انتماءه الواضح إلى فريق سياسي». وأوضح أن «موقف الكتلة من منح الثقة للحكومة أو حجبها نقرره في ضوء التشكيلة الحكومية ومبادئها العامة»، مشيراً إلى أن «موقفنا المتمايز والذي يأتي انسجاماً مع أنفسنا، لن يكون له أي تأثير على الموقف الموحد لفريقنا السياسي، فتحالفنا دائم ومستمر، ونتفهم مواقف كل من الحلفاء في هذه الظروف الدقيقة التي يمر بها لبنان والمنطقة». وعلمت «الحياة» أنه تقرر أن يشارك في الاستشارات عضو الكتلة النائب إميل رحمة باسمه الشخصي، وأنه سيسمي سلام من دون الأعضاء الثلاثة الآخرين في الكتلة. واعتبرت مصادر في الكتلة أن مشاركة رحمة «تأتي انسجاماً مع موقف 8 آذار المؤيد لتسمية سلام، وأن مقاطعة الاستشارات ليست موقفاً من شخصه إنما من طريقة الإعلان عن ترشحه». وقالت إن الكتلة بكامل أعضائها ستشارك في المشاورات النيابية التي سيجريها سلام فور تكليفه.