شدّد وزير الداخلية الجزائري دحو ولد قابلية على ضرورة أن تشمل جهود مكافحة الإرهاب تجفيف منابع تمويله في أي خطة أمنية دولية. وقال ولد قابلية في كلمة ألقاها في اجتماع الدورة 15 لوزراء داخلية دول (5+5) بالعاصمة الجزائرية، إن "جهودنا الحثيثة في مجال محاربة الإرهاب الدولي يجب أن تأخذ في الحسبان ضرورة تجفيف منابع تمويله". وتضم مجموعة (5+5) الجزائر والمغرب وتونس وليبيا وموريتانيا وفرنسا وإيطاليا وإسبانيا والبرتغال ومالطا. وأوضح الوزير أن "نجاعة المساعي والتدابير المنتهجة على الصعيد الدولي للقضاء على مصادر تمويل الإرهاب دفعت بالجماعات الإجرامية إلى البحث عن طرق أخرى لتمويل أنشطتها"، مشيراً إلى ظاهرة اختطاف الأشخاص بهدف الحصول على الفدية، وهي ممارسة "يسهل تقييم انعكاساتها الوخيمة على أمن واستقرار منطقتنا". وقال إن "الجزائر التي شهدت كيف تستخلص الدروس من حربها الطويلة والأليمة ضد الإرهاب، لا زالت تدافع عن مبدأ رفض دفع الفدية للجماعات الإرهابية من خلال اعتماد آليات على المستويين السياسي والقانوني تهدف إلى تحسيس المجتمع الدولي بضرورة تجريم هذا الفعل". وشدد ولد قابلية على أن تشمل جهود محاربة الإرهاب "محاربة التطرّف والتعصّب اللذان يقودان إلى العنف مع إشراك كافة الفاعلين في المجتمع وعلى جميع المستويات"، مشيراً إلى أن "المجتمع المدني يبقى فاعلاً لا بد منه للتحصن ضد الأفكار والمفاهيم المتطرّفة". كما أكد على ضرورة "العناية ببناء دولة القانون ومقتضياتها كالديمقراطية والعدالة الاجتماعية التي تساهم أساسا في الوقاية من الإرهاب"، مؤكدا على أنها "قيم دأبت الجزائر على تدعيمها وترسيخها من أجل استقرار بلادنا، وأنها في ذات الوقت سلاح فعّال ضد التطرف". ودعا ولد قابلية إلى استحداث وسائل جديدة لمكافحة الإرهاب، قائلاً "وعياً منها بالتهديد الذي يشكله الإرهاب ومخاطره على السلم واستقرار الدول، فإن الجزائر تواصل دعوتها إلى تنسيق الجهود واستحداث آليات التعاون الأنجع لاستئصال هذه الظاهرة". وقال إن "المقاربة التي ينبغي أن تحكم عملنا المشترك والرامي للوقاية من الإرهاب ومحاربته تستدعي فضلاً عن مجهود داخلي مكثف ومنسق لتضييق الخناق على الشبكات الإجرامية النشطة، العمل على تكثيف الجهود لتأمين الحدود من أجل منع عبور جماعات الإجرام ونقل الأسلحة التي عرفت في الآونة الأخيرة انتشاراً واسعاً". واعتبر أن هذا الأمر "يقتضي كذلك العمل على محاربة شبكات تهريب المخدرات وكافة المواد المحظورة التي تغذي أنشطة المجموعات الإجرامية"، مبرزاً "الارتباط الوثيق بين الإرهاب الدولي وشبكات التهريب بشتى أصنافه، الذي أضحى اليوم حقيقة مؤكدة". وحذّر ولد قابلية من أن "الجريمة المنظمة العابرة للأوطان على غرار المتاجرة بالمخدرات وتبييض الأموال والهجرة غير الشرعية والجرائم المتعلقة بتقنية المعلومات أخذت أبعاداً مقلقة وأصبحت تواكب التطور السريع الذي تشهده مجتمعاتنا مشكلة بذلك خطراً حقيقياً على المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية". وأشار الوزير إلى "الانتشار الخطير الذي تشهده تجارة المخدرات والسلائف الكيميائية وآثارها الكارثية على مجتمعاتنا عموماً وعلى فئة الشباب بصفة خاصة مما يستوجب اعتماد الحيطة واتخاذ مختلف التدابير الرامية إلى مكافحة هذه الآفة". واعتبر أن مكافحة هذه الآفة "تتطلب تضافراً للجهود ومزيداً من التنسيق في مجال تبادل المعلومات، وكذا الأساليب والخبرات المثلى بهدف تحييد الشبكات الإجرامية والقضاء عليها". كما اعتبر أن "التطوّر السريع لتكنولوجيات الإعلام والاتصال، تسمح ببروز نوع جديد من الإجرام لا يقل خطورة وضرراً عن باقي أشكال الجريمة المنظمة العابرة للحدود". وقال إن "الجرائم المتعلقة بتقنيات المعلومات قد أصبحت تمثل اليوم مصدر تهديد حقيقي لا يعترف بالحدود الجغرافية للدول والأوطان.. وباتت الأنظمة والوسائل القانونية التقليدية عاجزة عن إيقاف انتشاره المذهل". وأضاف أن "الجزائر وأمام هذا الخطر المتزايد، سارعت إلى تدعيم منظومتها القانونية بنصوص تشريعية جديدة بما يتماشى وسعيها لمحاربة هذه الجرائم". وأشار الى أن "هذا النوع من الجريمة يجب أن يدفعنا لوضع آليات للتعاون الجماعي وبصورة أكثر فاعلية تقوم أساساً على سن النصوص القانونية المناسبة، إضافة إلى ترقية تبادل الخبرات والتجارب والتكوين المتخصص". يذكر أن المسائل الأمنية تشكل أهم النقاط المدرجة في جدول أعمال اجتماع الوزراء والذي من المنتظر أن يتوج بالمصادقة على إعلان الجزائر الذي سيتضمن سبل مكافحة ظاهرة الإرهاب والجريمة المنظمة، وكذلك تعزيز التعاون بين الأجهزة الأمنية لهذه الدول، إضافة إلى رفع مستوى التعاون بينها في هذه المجالات.