لم تتوصل هيئة مكتب المجلس النيابي في اجتماعها أمس، إلى تفاهم على صيغة مشتركة تتعلق بمهل الترشح للانتخابات النيابية، وأبقت الباب مفتوحاً أمام إجراء المزيد من المشاورات، لعلها تؤدي الى ابتداع صيغة قانونية غير قابلة للطعن فيها أمام المجلس الدستوري، وبالتالي تنقذ الجلسة النيابية المقررة صباح اليوم، المخصصة للتوصل الى توافق في خصوص المهل، ولا تكون مفتوحة على مواضيع أخرى، وتحديداً مشروع «اللقاء الأرثوذكسي» لقانون الانتخاب وقانون انتخاب عام 1960 الذي مازال نافذاً. وكان رئيس المجلس نبيه بري رأس اجتماعاً لهيئة مكتب المجلس عقد في مقر الرئاسة الثانية في عين التينة وحضره نائبه فريد مكاري والنواب الأعضاء مروان حماده، أحمد فتفت، سيرج طورسركيسيان، ميشال موسى، وغاب عنه أنطوان زهرا، كما حضره الأمين العام للمجلس عدنان ضاهر. وعلمت «الحياة» من مصادر نيابية أنه سبق اجتماع هيئة مكتب المجلس لقاء تشاوري شارك فيه رئيس كتلة «المستقبل» رئيس الحكومة السابق فؤاد السنيورة، مكاري، حماده، فتفت وسركيسيان. وجرت اتصالات أثناء عقد اجتماع هيئة مكتب المجلس أتى في مقدمها اتصال بين رئيس البرلمان نبيه بري ورئيس الجمهورية ميشال سليمان، وبين الأخير ومكاري وحماده، خصصت للتداول في الصيغ المطروحة حول مهل الترشح للانتخابات. وأكدت المصادر النيابية أنه جرى على هامش اجتماع هيئة مكتب المجلس عرْضٌ للأجواء التي سادت لقاء البطريرك الماروني بشارة الراعي والرئيس السنيورة والنائب جورج عدوان ومستشار الرئيس سعد الحريري الوزير السابق محمد شطح، والذي عقد مساء أول من أمس في بكركي. وتبين وفق الأجواء التي سادت اللقاء، أن البطريرك الماروني أقرب الى وجهة نظر رئيس الجمهورية لجهة تبني تمديد المهل، في مقابل تأييد عدوان تعليق المهل أو تجميدها، وهذا يعني أنه يتلاقى مع رئيس «تكتل التغيير والإصلاح» العماد ميشال عون بدعوته إلى تعليقها. وكشفت المصادر نفسها أن بري لم يكن متشدداً في موقفه، وأبدى مرونة للتوافق على صيغة قانونية مشتركة غير قابلة للطعن، وقالت إنه استمزج آراء أعضاء مكتب المجلس في صيغة تتراوح بين تعليق المهل وتجميدها، لكن أكثرية الأعضاء رأت أن تعليقها يعني إبطال مفاعيل المهل المحددة للترشح وسحب الترشيحات من ناحية، ولدعوة الهيئات الناخبة للاشتراك في الانتخابات النيابية المقررة في 16 حزيران (يونيو) المقبل من ناحية ثانية. واعتبرت أكثرية الأعضاء أن مجرد التوافق على تعليق المهل أو تجميدها يعني حتماً الالتفاف على قانون 2008 الذي ما زال نافذاً، وصولاً الى إلغائه من دون الاتفاق على القانون البديل. ولفت هؤلاء الأعضاء ايضاً الى أن مجرد الموافقة على التعليق أو التجميد يعني حتماً تعذر إجراء الانتخابات في موعدها لمصلحة تأجيلها لذرائع تقنية ولوجستية. وأكدوا أنهم لا يأخذون على عاتقهم الدخول في مغامرة يراد منها تأجيل الانتخابات، خلافاً لإصرارهم على أن تتم في موعدها الدستوري. كما أكدوا أن بري طرح أكثر من موعد زمني لتعليق المهل، وأنه استقر رأيه على أن تبقى مهلة التعليق سارية حتى 25 أيار (مايو) المقبل، وقالوا إن أجواء الاجتماع كانت إيجابية ولم يسجل أي اختلاف يصعب التغلب عليه لإيجاد صيغة قانونية مقبولة. وأوضح عدد من أعضاء مكتب البرلمان -وفق المعلومات المتوافرة ل «الحياة»- أنهم بدأوا التواصل مع رئيسي حزب «الكتائب» الرئيس أمين الجميل و «القوات اللبنانية» سمير جعجع والنواب المستقلين في 14 آذار، إضافة الى السنيورة، بغية الاتفاق على صيغة تتعلق بتمديد المهل للتشاور بها مع الرئيس بري. وأكدوا أن حماده ظل أمس على تواصل مع رئيس «جبهة النضال الوطني» النيابية وليد جنبلاط، الذي نقل عنه تفهمه بالكامل لموقف الرئيس سليمان من تمديد المهل، إضافة الى تأييده قانون انتخاب مختلطاً يجمع بين النظامين الأكثري والنسبي، شرط ألا يقوم على مبدأ المناصفة كما يقترح رئيس المجلس، وأن تكون الغلبة فيه للأكثري. كما نقل عدد من النواب عن جنبلاط تمسكه بعدم ضم قضاء المتن الجنوبي (بعبدا) الى قضاءي الشوف وعاليه، وبالتالي إصراره على دمج القضاءين الأخيرين في دائرة انتخابية واحدة، وهو يتعارض في هذا المجال مع طرح «القوات» بتقسيم لبنان الى 6 محافظات تجري فيها الانتخابات على أساس القانون المختلط. وأكد هؤلاء النواب أن بري لا يعترض على تقسيم لبنان إلى 13 دائرة انتخابية تتوزع مناصفة بين الأكثري والنسبي، وقالوا إن الوجه الآخر للمعركة حول تمديد المهل ليس معزولاً عن التباين بين الرئيس سليمان والعماد عون الذي يسعى جاهداً لتسجيل نقطة في مرمى الرئيس. وفي المقابل، فإن معظم النواب المستقلين المنتمين الى 14 آذار يخشون من أن يؤدي التباين حول تمديد المهل الى تظهير اختلاف بداخلها، بعد أن أظهرت حداً أقصى من الانسجام والتعاون لدى تسمية الرئيس تمام سلام لتشكيل الحكومة الجديدة. وأبدى هؤلاء النواب رغبة في أن تنتهي المشاورات في داخل 14 آذار الى تفاهم على صيغة مشتركة حول تمديد المهل يتولى عدد من القانونيين وعلى رأسهم الوزير السابق خالد قباني وضْعَها في إطارها القانوني لقطع الطريق على احتمال الطعن فيها، على أن يصار الى التشاور فيها مع بري في جلسة ثانية تعقدها هيئة المكتب قبل افتتاح الجلسة النيابية اليوم. ورأوا أن قوى 14 آذار في غنى الآن، بعدما ربحت معركة تكليف سلام برئاسة الحكومة، عن العودة إلى الوراء خصوصاً إذا ما ظهرت في الجلسة النيابية على أنها متصدعة بدلاً من أن تكون متماسكة لتأكيد قدرتها على تجاوز الاختلاف حول قانون الانتخاب بعدما تقرر تعليق مشروع اللقاء الأرثوذكسي. ولم يستبعد النواب لتفويت الفرصة على قوى 8 آذار، لاستغلال اختلافها حول تمديد المهل، إمكان التفاهم على صيغة قانونية تتعلق بتحديد المهل وتاريخ سريان مفعولها. مكاري وقال مكاري بعد الاجتماع: «تم التداول في موضوع مهل الترشح للانتخابات، وقد درسنا صيغاً متعددة، ولكل صيغة حسناتها وسيئاتها ومفاعيلها. لذلك ارتأينا أن نجتمع مرة أخرى قبل انعقاد الجلسة العامة غداً (اليوم، دعا إليها بري العاشرة والنصف من قبل الظهر لمناقشة جدول الأعمال)، من أجل الاتفاق على الصيغة النهائية بعد درسها من النواحي القانونية». وأضاف: «إن شاء الله نصل إلى توافق وقناعات مشتركة. لسنا بعيدين عن بعضنا البعض، لكن هناك نقاطاً قانونية يجب أن تبحث، لأن الموضوع دقيق وسنصل بإذن الله إلى صيغة». وعن تعليق المهل أو تمديدها، أجاب: «لا أريد أن أدخل بالعمق في هذه الكلمات لأن لها مفاعيلها القانونية، وقد ارتأينا أن نعود لدرسها ونجتمع مع الرئيس بري كمكتب مجلس ونتفق على صيغة حقيقية لأننا نريد الصيغة القانونية وألا يطعن بها دستورياً»، لافتاً إلى أن «الجلسة (اليوم) محددة لهذا الموضوع لا غير». وقال: «مررنا بأسبوع ملؤه التوافق والتفاهم على أمور الوطن، المسألة لم تجهز بعد. الحمد لله هناك نفس جديد في البلد وإن شاء الله نواكبه جميعاً ونصل إلى خواتيم سعيدة».