في كل نهاية اسبوع، يلتقي مراهقون ثائرون على التقاليد الاجتماعية في أحد الشوارع الرئيسة في العاصمة الكوبية هافانا ليظهروا على الملأ أنماط حياتهم غير التقليدية وسط رقابة حذرة لكن متسامحة من جانب السلطات الكوبية. وهؤلاء المراهقون الذين لا يشبهون بشيء الصورة التي روّج لها فيدل كاسترو وارنستو تشي غيفارا في ستينات الماضي عن «الرجل الجديد»، هم نتاج ثقافة عصرهم في جزيرة شيوعية اضطرت في نهاية المطاف الى منحهم مساحة من الحرية. وبذلك، قرابة منتصف الليل ايام الجمعة والسبت، يأتي بضع مئات من الاشخاص تراوح اعمار غالبيتهم بين ال 12 وال 20 سنة عارضين شعرهم الطويل وأوشامهم وسراويلهم الفضفاضة في «شارع جي» في قلب العاصمة هافانا امام تمثال الثائر الاميركي اللاتيني سيمون بوليفار. وفي فيء الاشجار الموجودة في المنتزه المركزي داخل الشارع او على الضوء الخافت للمصابيح، يجوب المراهقون المنتمون الى مختلف التيارات الشبابية اللانمطية الازقة في هذا الشارع على وقع موسيقى الهارد روك والريغيتون والسالسا التي تصدح انغامها من هواتفهم. ويتميز المشاركون في الاستعراض بتسريحات شعرهم الغريبة والملونة وبالاوشام المتعددة على اجسادهم وملابسهم الداكنة واكسسواراتهم اللافتة. وهذه المظاهر تختلف عن الصورة السائدة عن بلاد السالسا مع سياراتها الاميركية الجميلة ومبانيها العائدة الى الحقبة الاستعمارية وموسيقييها الذين يرتدون ملابس بيضاء. غير ان هذا التمرد يبقى ضمن حدود المعقول، اذ ان المشاركين في التجمعات يافعون جداً. هنا لا يوجد ضوضاء او عراكات او موسيقى صاخبة... فنحن في كوبا. وينتشر بضعة عناصر من الشرطة بلباس مدني في محيط هذا التجمع، مستعدين للتدخل في حال حصول تجاوزات أو استخدام علني للممنوعات. وتكونت الهويات المختلفة لهذه التيارات الشبابية بحسب تعدد اذواقها الموسيقية. ويمكن بالتالي التمييز بين ال «روكرز» او محبي موسيقى الميتال والهارد الروك ويتميزون بشعرهم الطويل، وال «ريباس» او محبي موسيقى الريغيتون الاتين من الضواحي، وال «ميكيز» او محبي موسيقى البوب، وال «ايمو» وهم اشخاص لا تبدو عليهم معالم واضحة تحدد جنسهم ويتشحون غالباً بالسواد. والى جان هؤلاء هناك ايضا تيارات ال «هيبي» وال «فريك» وال «بانك». ويجذب وجود هذا العدد من المراهقين غير التقليديين الانظار الفضولية للمارة، الا ان مظاهر العدائية تجاههم نادرة وموقف السلطات حيالهم اتسم بالمرونة في السنوات الاخيرة. وقال روبن غوتيريز وهو من مجموعة ال «بانك» وجسمه مغطى بالاوشام: «ثمة تسامح اكبر حالياً».