بعد التعثر الاقتصادي الخطير في مصر وتردي الوضعين الأمني والسياسي، استأنفت الحكومة المصرية محادثاتها مع وفد من صندوق النقد الدولي. وأشارت إلى بعض المتطلبات التي اشترطها الصندوق لمنحها قرضاً، ومنها بيع شركات قطاع الأعمال، وتوسيع رقعة الاستثمارات الأجنبية في مصر، وزيادة الضرائب والجمارك على سلع وخدمات جديدة. ورفضت بعثة الصندوق تحديد أي إطار زمني لمنح مصر القرض بقيمة 4٫8 بليون دولار، إضافة إلى احتمال إرجاء ذلك لما بعد انتخابات مجلس النواب. وقال المساعد الأول لوزير المال هاني قدري إن الحكومة بذلت ما في وسعها لإعداد برنامج الإصلاح، وهي مصرة على الاقتراض، والعمل مع إدارة الصندوق حتى تحصل عليه. وتزامناً مع زيارة وفد الصندوق صعّدت المعارضة احتجاجاتها ضد حكومة هشام قنديل وتظاهر ناشطون أمام دار القضاء العالي، تحت شعار «لا للجوع»، اعتراضاً على القرض وغلاء الأسعار. وأكد وزير التخطيط والتعاون الدولي أشرف العربي، أن مصر ستتوصل إلى الاتفاق النهائي مع صندوق النقد الدولي خلال الأسبوعين المقبلين. وقال في تصريح إلى راديو (سوا) الأميركي، إن الإجراءات التي تعتزم مصر تطبيقها راعت المطالب الشعبية، مشيراً إلى أن التعديلات التي أجرتها مصر على برنامجها الاقتصادي والاجتماعي عرضت على وفد الصندوق. وأشار إلى بعض التعديلات وهي مطروحة للمناقشة في مجلس الشورى، في ما يتعلق بقانون الضريبة على الدخل والمبيعات وضريبة الدمغة، وتوزيع المنتجات البترولية بالبطاقات الذكية، مضيفاً أن البرنامج المعدل سيبدأ تطبيقه من أول تموز (يوليو) المقبل بدلاً من أول الشهر الجاري، كما كان مقرراً في البرنامج السابق. ونفى العربي أن تكون مصر طلبت زيادة قيمة القرض، موضحاً أن البرنامج يمتد حتى حزيران (يونيو) 2015. وأشار الوزير إلى أن مصر تناقش الفجوة التمويلية التي تعانيها الموازنة العامة للدولة مع شركائها في صندوق النقد والبنك الدولي والبنك الأفريقي والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة وبعض الدول العربية. وقال مدير قسم الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في صندوق النقد الدولي مسعود أحمد، إن الصندوق قد يغير قيمة القرض، بناء على حاجات البلاد. ولفت الناطق الإعلامي باسم «حزب الأصالة» حاتم أبو زيد، إلى أن قرض صندوق النقد الدولي لو تم الاتفاق عليه، فسيكون وسيلة لتكبيل القرار المصري وجعله رهينة للسياسات الدولية التي تسعى إلى فرض سيطرتها على مصر مثلما كانت تفرضها في النظام السابق، ما يعني عدم استطاعة الدولة تحرير القرار المصري فيما بعد. وأردف في بيان للحزب، أن على الدولة اتخاذ إجراءات تقشفية، مستشهداً بالبعثات الديبلوماسية التي تفوق مثيلاتها الأميركية، في حين أن أثر مصر في السياسة الدولية ليس بالمقدار المطلوب. وطالب بخفض أعداد المستشارين الحكوميين، إضافة إلى تحصيل أموال المتهربين من الضرائب والتحرك الجاد من أجل «الاستثمار الأمثل لثرواتنا القومية». ودعا إلى اتخاذ إجراءات أكثر جدية في ملف العدالة الاجتماعية، واقتسام أعباء المرحلة الاقتصادية الصعبة اعتماداً على أنفسنا بما لا يشكل مزيداً من الضغط على الطبقات المتوسطة والفقيرة. وذكر أن القروض التي حصلت عليها مصر منذ منتصف سبعينات القرن الماضي لم تفلح في دفع الاقتصاد المصري إلى الأمام. ورأى أن الصندوق لن يقدم قرضاً لمصر لكنه يستخدم معها سياسة العصا والجزرة ليفرض عليها اتخاذ إجراءات اقتصادية أكثر إضراراً بالفقراء، ما سيعرض الحكومة لمزيد من السخط الشعبي «وفي النهاية لن يقدم لها شيئاً».