أعلنت الحكومة المصرية إرجاء تمرير قانون ينظم عمل منظمات المجتمع المدني، كان أثار انتقادات واسعة من قبل حقوقيين، إلى ما بعد انتخاب البرلمان الجديد، فيما تجاهل الرئيس عبدالفتاح السيسي خلال اجتماع مع لجنة كان شكلها «للإصلاح التشريعي»، مناقشة قانون تقسيم الدوائر الانتخابية الذي تترقب الأوساط السياسية صدروه للبدء في إجراءات الانتخابات البرلمانية. وركز السيسي على «سرعة إنجاز القوانين، لا سيما المتعلقة بالاستثمار»، في ما بدا تمهيداً للقمة الاقتصادية التي يستضيفها منتجع شرم الشيخ أواخر شباط (فبراير) المقبل، وتعوّل عليها الحكومة لجذب استثمارات أجنبية والترويج لمشاريع كبيرة كانت أعلنت عنها في مقدمها تنمية الممر الملاحي لقناة السويس. وكانت وزيرة التضامن الاجتماعي غادة والي أكدت على هامش زيارتها إلى محافظة البحر الأحمر (جنوب شرقي القاهرة)، أن قانون الجمعيات الأهلية سيصدر من مجلس النواب المقبل. وأوضحت أن وزارتها أعدت مسودة بالقانون الجديد ستعرض على الأحزاب والوزارات والمحافظين، لإبداء آرائهم بعد مناقشته من خلال الجمعيات الأهلية والاتحاد العام للجمعيات. واعتبر عضو «المجلس القومي لحقوق الإنسان» ناصر أمين أن إرجاء إصدار القانون «قرار جيد، وكان مطلباً للمجلس وأهم توصيات مؤتمر المنظمات الحقوقية الذي كان استضافه المجلس قبل شهر». لكنه نفى أن يكون «عرض علينا (المجلس) أي مسودات ونتمنى على الوزيرة أن تعرض علينا مسودة القانون». وأشار إلى أن «معظم المنظمات متمسك بمسودة قانون صيغت في عهد وزير التضامن السابق أحمد البرعي، وبالتالي ليس هناك داعٍ لوضع مسودات جديدة وفتح حوار عليها، وأتصور عقد جلسات نقاش بين كل المنظمات غير الرسمية ووزارة التضامن الاجتماعي قبل انتخاب البرلمان الجديد». وكانت مسودة القانون أثارت انتقادات واسعة في أوساط الحقوقيين داخلياً وخارجياً. واعتبرت منظمة «هيومن رايتس ووتش» مشروع القانون «بمثابة إعلان لنهاية الاستقلال الذي ناضلت الجمعيات للحفاظ عليه». وطالبت في بيان الحكومة باستبعاد المسودة الحالية للقانون «وإصدار تشريعات لتعزيز حق المصريين في حرية تكوين الجمعيات كما كرسها الدستور والقانون الدولي». وعن إلزام وزارة التضامن الجمعيات غير الرسمية بتوفيق أوضاعها، وهو القرار الذي أثار جدلاً واسعاً، قال أمين إن «قانون تنظيم الجمعيات سيعدّل والجميع متفق على ذلك حتى الوزيرة، وبالتالي فإن من المنطقي إرجاء تقنين أوضاع الجمعيات إلى حين تمرير القانون الجديد، حتى لا تقنن المنظمات أوضاعها حالياً، ثم تعود لتوفيق أوضاعها وفقاً للقانون الجديد. التعديل يقتضي إرجاء الأمر برمته إلى حين انتخاب البرلمان الجديد». كانت وزارة التضامن الاجتماعي أعلنت في 18 تموز (يوليو) الماضي مهلة 45 يوماً لجميع المنظمات غير الحكومية المصرية والدولية للتسجيل بموجب القانون الحالي المنظم لعمل الجمعيات الأهلية، حتى لا تتعرض للمساءلة، قبل أن تمدد المهلة حتى 10 الشهر المقبل بناء على مطالبات من «المجلس القومي لحقوق الإنسان» و «الاتحاد العام للجمعيات الأهلية». إلى ذلك، اجتماع السيسي أول من أمس بلجنة الاصلاح التشريعي التي كان شكلها لإعداد مشاريع القوانين ودراستها، وطالب أعضاءها بوضع «خطة عاجلة لتعديل عدد من القوانين ذات الأولوية، مثل حزمة تشريعات الاستثمار، وفي مقدمها قانون الاستثمار الموحد وما يرتبط به من قوانين العمل والشركات والإفلاس وحماية المستهلك، وقوانين الأحوال الشخصية، والنقابات، والإدارة المحلية»، وفقاً لبيان رئاسي. وأوضح البيان أن الاجتماع «شهد عرضاً لمهمات وآليات عمل اللجنة»، مشيراً إلى أنها «انتهت من إعداد أجندة تشريعية كاملة تضمنت حصراً بكل القوانين التي يُراد تعديلها اعتماداً على القاعدة التشريعية المتوافرة في مصر، وبالتنسيق مع مركز المعلومات التابع لمجلس الوزراء». وقال وزير العدالة الانتقالية إبراهيم الهنيدي الذي يشغل عضوية اللجنة إن «الرئيس طالب بدفع عجلة العمل بسرعة أكبر، واستفسر عن حجم المعوقات التي تقابل اللجنة واطلع على آلية العمل والاستراتيجية». وأوضح أن «الرئيس تساءل عن أفضل السبل لاختصار الإجراءات وسرعة إنهاء القوانين... اللجنة لم تعرض على الرئيس أي مشاريع قوانين». وأكد أن «قانون تقسيم الدوائر الانتخابية لم يكن محور الحديث». وأشار إلى أن «اللجنة ستعد مشروع قانون العدالة حتى يتم إصداره مع بدء أعمال مجلس النواب الجديد»، نافياً أن يكون هناك مشروع خاص لقانون الكيانات الإرهابية. وأعرب عن اعتقاده بأن «الرئيس مهتم بإنجاز التشريعات الخاصة بالجوانب الاقتصادية والاجتماعية، لما تعود به من فائدة كبيرة على المجتمع». وعن آلية عمل اللجنة، قال الهنيدي إنه سيتم ضم ممثلين من وزارة العدل وأعضاء من قسم التشريع في مجلس الدولة إلى اللجنة «حتى لا تستغرق وقتاً طويلاً أثناء عرضها على قسم الفتوى والتشريع في مجلس الدولة». وينص الدستور الحالي على عرض مشاريع القوانين على القسم قبل إصدارها.