ندّد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ورئيس وزرائه أحمد داود أوغلو أمس بشدّة بالرئيس السوري بشار الأسد واصفين اياه ب «المجرم» و»الإرهابي» على غرار تنظيم «الدولة الإسلامية» (داعش). وتمسكت انقرة باقتراحها اقامة منطقة آمنة بين سورية وتركيا، في وقت قالت واشنطن انه ليست هناك اقتراح جديد في هذا الشأن. كما حذرت طهرانانقرة من اي «اجراء عسكري بري». وقال اردوغان امام آلاف من انصاره في طرابزون (شمال شرق): «لا يمكننا ترك مصير (اللاجئين السوريين) بأيدي الأسد المجرم الذي يمارس ارهاب الدولة». وأضاف: «اتخذنا الموقف المبدئي ذاته تجاه كل المنظمات الإرهابية نحن لا نفرق بين المنظمات الإرهابية ونصنفها بين «هذه جيدة» و «هذه سيئة» لقد اتخذنا الموقف ذاته ازاء الدولة الإسلامية». ورغم موافقة برلمانها ترفض الحكومة التركية حتى الآن التدخل عسكرياً ضد «داعش» الذي يحاصر كوباني الواقعة على مسافة بضعة كيلومترات من الحدود التركية. وكان داود اوغلو اعلن في وقت سابق اليوم ان بلاده تعارض «داعش» والنظام السوري على حد سواء. وصرح: «تركيا تعارض «الدولة الإسلامية» كما تعارض الأسد» و»الأسد و»الدولة الإسلامية» مسؤولان عن كل تلك الاحداث المأساوية». وتبرر انقرة رفضها قتال التنظيم بأنها لا تريد بذلك تعزيز حكم عدوها اللدود بشار الأسد، عبر ذلك التدخل. في باريس، عبّر وزير الخارجية التركي مولوت شافوسوغلو عن تمسك بلاده باقتراح انشاء منطقة حظر جوي ومنطقة امنية على الحدود السورية - التركية رغم العقبات التي تعترض هذا الاقتراح، في حين اكتفى نظيره الفرنسي لوران فابيوس بالتعبير عن تأييده «مبدأ» المنطقة الأمنية، لافتاً إلى أن هذا الأمر «يستدعي تشاوراً دولياً وثيقاً». وقال فابيوس خلال مؤتمر صحافي مشترك عقده مع شافوسوغلو عقب محادثاتهما في مقر وزارة الخارجية الفرنسية إنهما تناولا الأزمة السورية والوضع الطارئ في عين العرب (كوباني) الكردية « حيث تحصل مأساة لا يمكن اهمالها» خصوصاً أن «أعلام «داعش» باتت ترفرف في المنطقة». و أكد ضرورة بذل كل ما امكن لوقف تقدم مقاتلي التنظيم عبر الضربات الجوية، لكنه اضاف ان «الضربات لن تكفي» لتحقيق هذا الهدف وأنه «ينبغي العمل بإلحاح لتعزيز المعارضة السورية المعتدلة» وتصعيد الضغط على النظام. وتابع فابيوس: «كل الخيارات ينبغي ان تدرس». وأعرب عن دعمه «مبدأ إنشاء منطقة أمنية بين سورية وتركيا ما يستدعي تشاوراً دولياً وثيقاً». مؤكداً حرص فرنسا على «الا تؤدي مواجهة «داعش» الى تعزيز من أوجده» اي النظام السوري. وذكر ان الجانبين الفرنسي والتركي اتفقا على تعزيز تعاونهما الأمني في مواجهة الشبكات الجهادية، ورأى وزير الخارجية التركي أن «أمن المنطقة يحتاج الى استراتيجية تلحظ كل مكونات الوضع» وأن الضربات الجوية «لا تكفي لوقف الإرهاب» وأنه «من هناك تكمن اهمية اقامة منطقة حظر تحليق ومنطقة امنية»، مضيفاً ان «مصدر الإرهاب هو نظام الرئيس بشار الأسد» وأنه «لا بد من تغيير سياسي في سورية» لأن «النظام بخطورة «داعش» نفسه». وتابع الوزير التركي أنه «لم يعد بوسع تركيا ان تتحمل العبء وحدها» وأنه لا بد للنازحين من العودة «ما يقتضي انشاء منطقة امنية». لكن واشنطن لا تزال على موقفها في رفض الاقتراح. وقال مصدر فرنسي ان باريس تؤيد الاقتراح التركي من حيث المبدأ رغم المعارضة الأميركية والروسية له لأنها لا ترى ما يستوجب الحؤول دون اعطاء هذا الاقتراح فرصة لمعرفة ما اذا كان سيشق طريقه ام لا. في واشنطن، اعلنت وزارة الخارجية الخميس ان الولاياتالمتحدة سترسل فريقاً عسكرياً الى انقرة الأسبوع المقبل لإجراء محادثات مع تركيا، بعد التي اجراها موفدان خاصان الخميس والتي تناولت «اجراءات عاجلة وسريعة» مشتركة لوقف تقدم تنظيم «الدولة الإسلامية». وأعربت الولاياتالمتحدة في الأيام الأخيرة عن خيبة املها حيال تحفظات انقرة على المشاركة عسكرياً في عمليات في سورية. وتشترط تركيا للمشاركة في العمليات ضد «الدولة الإسلامية» اقامة منطقة عازلة. لكن نائب مستشارة الأمن القومي الأميركية توني بلينكن قال في لندن إن الاقتراح التركي بإقامة منطقة عازلة في سورية لم يأت بفكرة جديدة «وليس في دائرة الاهتمام». في طهران، اكد مساعد وزير الخارجية الإيراني للشؤون العربية والإفريقية حسين أمير عبد اللهيان أن بلاده حذرت الحكومة التركية من القيام بأي «إجراء عسكري بري في سورية». وأشار عبد اللهيان في تصريح نشرته وكالة الأنباء الإيرانية (ارنا) إلى وجود «محادثات اقليمية» حول الوضع في عين العرب، معرباً عن أمله بالقيام بإجراءات جدية بهذا الصدد. وأعلن «الائتلاف الوطني السوري» المعارض أنه «ينظر إلى المساعي التركية لفرض منطقة عازلة التي حظيت بدعم فرنسي؛ باعتبارها بارقة أمل يمكن أن تلعب دوراً حاسماً في حرمان نظام الأسد من أحد أكثر أسلحته دماراً، حيث لا نرى خياراً آخر يمكن من خلاله حماية المدنيين في كل أنحاء سورية من البراميل المتفجرة التي يلقيها نظام الأسد».