رغم أن أكثر من «مهرجان» و «احتفالية» سنوية تقام هنا أو هناك، يمكن القول من دون تحفظ أن الحياة التلفزيونية العربية لا تزال بلا مهرجان حقيقي. نتحدث هنا عن مهرجان يمكنه أن يكون مساحة حرَة وجميلة لتقويم فنون التلفزيون وتحديداً الدراما. ما عشناه من مهرجانات في العقدين الماضيين كان شيئاً مختلفاً، لم يستطع أن يكون وسيلة دفع الى أمام، بل أكثر من هذا كان عامل إحباط لإبداعات فنية اجتهد أصحابها ولكنهم اصطدموا بتقاليد تكرّس «اللهوجة» والمحسوبيات واقتسام الحصص. لو وضعنا جانباً كلَ هذا نجد أنفسنا إزاء سؤال صعب لا نعتقد بأن واحداً من تلك «المهرجانات» قد تمكَن من الإجابة عنه بطريقة مقنعة: كيف يثق المشاهد ومن خلفه المبدع بجوائز توزع بعد جلسات تحكيم لا تتجاوز أياماً قليلة لا تكفي إطلاقاً، خصوصاً حين يتعلق الأمر بجوائز الأعمال الدرامية. الدراما العربية أصبحت منذ زمن بعيد تقوم على أعمال من ثلاثين حلقة، فكيف تتمكن أية لجنة تحكيم من مشاهدة أعداد هائلة من المسلسلات خلال أيام قليلة؟ هو سؤال مهم بل يختصر طبيعة المهرجانات التلفزيونية العربية وعلاقتها بشركات الإنتاج وما يعتبره كثر من النقاد والمتابعين أساس الهزال ومنطلق ما يعتبرونه تقاسماً للجوائز. هي حال نعتقد بأنها تتسبب في أضرار لا تحصى، خصوصاً أنها تخلط الجيد بالرديء وتكافئ غالباً الرديء بمنحه حوافز معنوية لا يستحقها. هل يمكن مثلاً تأسيس مهرجان لفنون التلفزيون بعيداً من دور أساسي وفاعل للنقاد ولذوي الخبرة؟ جدارة السؤال تأتي من كوننا نتحدث عن تقويم لأعمال فنية لا يجوز أن تكون تحت سطوة وتأثيرات شركات الإنتاج والتوزيع، والتي غالباً لا تهتم بالجودة الفنية أو جدارة الموضوعات التي تعالجها تلك الأعمال. وما نثيره هنا تفرضه الفترة الزمنية الطويلة التي مرت على البث التلفزيوني العربي واكتسابه امكانات فنية وإنتاجية كبيرة. لسنا في البدايات ولذلك لسنا في طور «التشجيع» وما يرتبط به عادة من مجاملات، بعد أن تحوَلت الفنون التلفزيونية والدراما خصوصاً إلى صناعة متكاملة يعمل في مفرداتها عدد كبير من الفنانين والفنيين وتمتلك دورة رأس مال مثمرة.