أحالت صور «سيلفي» الأعمال التطوعية لميدان «تنافسي» تتباين أهدافه. إلا أنها اتفقت في استغلال حاجة «الطرف الأضعف» في «الاستعراض» و»التميلح». ففي الوقت الذي يسعى فيه «مضحون» إلى زرع قيم أخلاقية دينية في نفوس أبنائهم، من خلال الاعتماد عليهم في توزيع لحوم الأضحية على الجيران، وعمال النظافة في الحي، أو المحتاجين من سكانه، عمد شبان لالتقاط صور «سيلفي» أثناء توزيعهم قطع لحم الأضحية كصدقات على العمال والمحتاجين، وبثها عبر مواقع التواصل الاجتماعي «انستغرام»، و»باث، و»واتساب». فيما سجل برنامج «سناب شات» حضوراً عالياً في بث الصور الملتقطة بهدف «الاستعراض»، وذلك بسبب خاصية صورة سريعة الالتقاط والإخفاء وتدوين ساعة التصوير. وشهدت مواقع التواصل الاجتماعي خلال الأيام الماضية ظهور صورة «استعراضية» بدأت منذ ليلة عيد الأضحى الجمعة الماضي، وذلك بالتقاط صور مع راعي الأغنام في السوق، ثم أخرى مع الأضحية قبل ذبحها، وثالثة أثناء الذبح، وأخيراً التقاط صور أثناء التوزيع. واستهدف موزعو لحوم الأضاحي من الشبان سكان الحي المحتاجين وعماله، ولم تختف عصا «سيلفي» من يد الموزعين، إذ وَثقت بسمات العمال أثناء تسلمهم قطعة اللحم الصغيرة، وبرفقتهم الشاب «المتميلح»، الذي لم يتوان عن نشرِ الصورة عبر معرفاته في مواقع التواصل الاجتماعي المتعددة فور التقاطها، غير تثبيتها بخاصية «ستوري» في برنامج «سناب شات» وأثار انتشار مثل هذه الصور في الآونة الأخيرة بتصوير الإحسان إلى المحتاجين من العمال وغيرهم، جدلاً اجتماعياً شرعياً، فمن الناحية الاجتماعية هناك اتهامات باستغلال الأطراف الضعيفة بهدف البروز الإعلامي وانتشار الصور. وانقسم المشاركون بين مؤيد ومعارض، وإن بدا المعارضون أكثر. فيما بدد شرعيون تحدثوا إلى «الحياة» الجدل الشرعي في موضوع إظهار الصدقات، مؤكدين جواز ذلك من باب «التعليم والتحفيز». إلا أنهم حذروا من «الاستعراض بها، لأنها تؤدي إلى شرك «الرياء». وقال الأستاذ في كلية أصول الدين عصام صالح العويد ل «الحياة»: «إن إظهار الصدقات في الصور يختلف باختلاف القصد، وإظهار الصدقة «جائز» ولكن إخفاؤها أفضل. واتفق رئيس مركز الوسطية عضو مجلس الشورى الدكتور عيسى الغيث، مع العويد. وقال ل «الحياة»: «حكم ذلك يعود إلى النية، والأصل أن العبادات مستترة، وتُخفى ولا تظهر للرياء». وأضاف «إذا كان القصد من ذلك إشاعة البر والتحفيز لفعل الخير؛ فيجوز». بدوره، أوضح الباحث والمستشار بمركز علوم القرآن الدكتور أحمد قاسم الغامدي، في تصريح إلى «الحياة»: «إن نشر صور توزيع الأضاحي عبر مواقع التواصل الاجتماعي إذا كان لغرض صحيح، كتعليم الناس وتشجيعهم على السلوكيات الرشيدة، وتحفيزهم للاستفادة من كيفية توزيع الأضاحي، لا حرج فيه شرعاً»، مؤكداً أن هذا «من الوسائل التي يمكن توظيفها لتصحيح الكثير من السلوكيات الخاطئة وزيادة الوعي لدى الناس وانتشاره بينهم». واستدرك الغامدي «إلا إن كان المقصد استعراضاً، وطلباً للمدح والشهرة، فذلك غرض غير شرعي ورياء لا يجوز فعله».