بُنيت أهداف الجمعيَّات الخيرية في "المملكة" على مبدأ المُساهمة في الأعمال الإنسانيَّة في المجتمع وتنفيذ العديد من الخطط والبرامج لمُساعدة الفقراء والمحتاجين، وذلك من مُنطلق التواصي على الخير والتكافل الاجتماعيّ الذي حثَّ عليه ديننا الحنيف، ويظهر ذلك بشكلٍ واضح خلال المواسم السنويَّة المُختلفة، ومن بينها موسم عيد الأضحى المُبارك، ويأتي هذا النهج الذي تسير عليه هذه الجمعيَّات متوافقاً مع أولويَّات تأسيسها الرامية للمساهمة في جهود البر والإحسان، والتي تهدف إلى إيجاد أساس متين لتقوية روح المحبة والإخاء وتوثيق عُرى المحبة والترابط بين أفراد المجتمع، وتماشياً مع شريعتنا السمحة التي تدعو إلى التواصي بالمرحمة وتفقُّد أحوال الأُسر الفقيرة ومساعدتهم على حل مشكلاتهم الماديّة وتقديم الإعانات التي تُخفِّف من حاجتهم، وخاصَّةً أثناء أيَّام عيد الأضحى المبارك. ويحرص العديد من أفراد المجتمع على إيصال لحوم ضحاياهم ومساعداتهم وعيديّاتهم للمحتاجين عبر طرق أبواب هذه الجمعيَّات، لكونها الأقدر والأجدر على أداء هذا الدور؛ وذلك لمعرفتها المُسبقة بالعديد من الأسر المُحتاجة، بيد أنَّ هناك من يرى أنَّه من الضروري أن تُغيِّر هذه الجمعيَّات من الأساليب التي تتبعها في هذا الشأن، ومن ذلك عدم الاقتصار على الأُسر المُسجَّلة في سجلاتها، والبحث عن وسائل مُعينة لاكتشاف العديد من الأسر المُحتاجة مِمَّن يحسبهم الجاهل أغنياء من التعفُّف، مُؤكِّدين على أنَّ "الجمعيَّات الخيريَّة" لاتزال غير قادرة على كسب القبول الاجتماعي؛ لكونها لاتملك سياسةً واضحةً ومكشوفةً للمحيط الاجتماعي الذي يُعدّ المسؤول الأول عن دعمها والشد من أزرها عبر القنوات التطوّعيَّة المُختلفة. وهناك من يرى أنَّه وعلى الرُّغم من مُشاركات "الجمعيَّات الخيريَّة" في مواسم البر والإحسان إلاَّ أنَّ هذه المُشاركات لاتزال دون المُستوى المأمول، حيث إنَّ الكثير من الأُسر المُحتاجة، وخاصَّةً المُتعفِّفة تُعاني من عدم وصول المُساعدات إليها؛ لأنَّ جهود الجمعيَّات تكاد تنحصر في مُساعدة الأُسر التي تتواصل معها، عدا عن نزرٍ يسيرٍ من الأُسر التي تكون معروفة مُسبقاً، داعين إلى ربط أعمال "جمعيات البر الخيريَّة" في المناطق والمحافظات بسياسات المجالس البلدية وتعاون الجانبين في إيجاد آليَّة مُحدَّدة لتوزيع المعونات والمساعدات لمستحقيها الفعليين؛ وذلك لترسيخ مبدأ التكافل الاجتماعي بين أفراد المجتمع، وتحويله إلى واقع عملي ملموس من خلال أهداف تأسيس "الجمعيَّات الخيريَّة" المُتمثِّلة في رعاية الأُسر الفقيرة، والسعي لتخفيف ما تُعانيه؛ بتوفير الغذاء واللباس والأثاث والأجهزة المنزليَّة وغيرها، مع تقديم مساعدات ماليَّة لهم، وتبصرة المُحسنين من الميسورين بأحوال المحتاجين، واستقبال زكاة المال والصدقات والكفَّارات وغيرها، وتوزيعها على المحتاجين، إلى جانب توزيع كسوة العيد، وكسوة الشتاء، وكذلك الإفادة من لحوم الأضاحي. وكانت "جمعيَّات البر الخيريَّة" بدأت هذه الأيَّام في إطلاق "مشروع الأضاحي" الذي يستهدف سد حاجة الأُسر المُسجَّلة في فروع الجمعيَّات، عبر استقبال الآلاف من الأضاحي بين توكيل ماليّ واستقبال عيني، وفي كل عام تتسابق فروع هذه الجمعيات في كافَّة مناطق المملكة على استقبال وتوزيع لحوم الأضاحي وتوزيعها على المحتاجين، ففي العام الماضي استقبل فرع جمعية البر الخيريَّة بحي "الربوة والنظيم" لحوم الأضاحي بعد صلاة العيد مباشرة، إذ بدأت الجموع تتوافد على موقع المشروع في تمام الساعة الثامنة صباحاً واستمر حتى مغرب يوم العيد، وتمَّ جمع قُرابة (30) طناً من اللحوم وتوزيعها في اليوم نفسه، إلى جانب جمع أعداد كبيرة من الشحوم والرؤوس. آليَّة التوزيع وسبق أن صرَّح "مساعد بن عبدالله الفاضل" -مدير فرع جمعية البر بحي "الربوة والنظيم"- أنَّه يتم في أوَّل أيَّام عيد الأضحى المُبارك تقسيم مكان الاستقبال إلى عدَّة مسارات، وفي كل مسار مسؤول وعدد من المساعدين والعمَّال؛ وذلك لتفريغ سيَّارات المُتبرعين بطريقة سريعة ومُنظَّمة، كما يتم تجهيز الموقع بعد رشه بالمُبيدات وتعقيمه بحاويات النظافة؛ ليتم التخلُّص من النفايات والمُحافظة على نظافة المكان، كما يتم تجهيز الموقع بثلاجات التبريد والتجميد ليتم حفظ اللحوم فيها؛ وذلك لضمان وصولها للمستفيد طازجةً نظيفة. مُخصَّصات الأُسر وأضاف أنَّ "لجنة الأُسر" بالفرع تُنسِّق بعد ذلك مع الأُسر المُستفيدة ليتم استلام مُخصَّصاتهم من اللحوم في اليوم نفسه؛ ليحصل لهم بذلك مشاركة إخوانهم من الموسرين فرحتهم بالعيد، مُوضحاً أنَّ الفرع يعمل على توزيع مُخصَّصات الأُسر في موقعين أحدهما موقع الفرع على طريق "خريص"، والآخر في مركز توزيع "النظيم"، مُشيراً إلى أنَّ لحضور الجهات الرسميَّة أثرا واضحا في نجاح المشروع، حيث يشارك في هذا المشروع كل من بلدية "الملز" عبر تزويد الموقع بحاويات النفايات، إلى جانب تنظيف المكان وتهيئته، لافتاً إلى أنَّ لحضور دوريَّات الأمن أثراً إيجابيّاً في التنظيم. وبيَّن أنَّ الفرع خصَّص الهاتف ذا الرقم (4970000) للإجابة عن الاستفسارات والمُقترحات وما من شأنه نجاح المشروع، مُضيفاً أنَّ العاملين في المشروع يحظون في كُلِّ عام بتقدير رؤسائهم، مُشيراً إلى أنَّهم آثروا راحتهم وارتباطهم في يوم العيد وتركوا أُسرهم ليقفوا مع إخوانهم لاستقبال صدقات المُحسنين من اللحوم وغيرها، ومن ثمَّ توزيعها على الفقراء والمحتاجين الذين باشروا بتوزيع اللحوم عليهم ليشاركوا الجميع فرحة العيد. المستودعات الخيرية وتضطلع المستودعات الخيرية بعدد من المسؤوليات الاجتماعية التي يسهم المستودع من خلالها بكفالة أعداد كبيرة من الأُسر المحتاجة، وتوزيع لحوم الأضاحي عليهم، كما تستقبل هذه المستودعات مُخلَّفات الأضاحي والإفادة منها، إلى جانب استقبال الأضاحي كاملةً أو أجزاء منها، وكذلك التوكُّل عن المُضحين بشراء الأُضحية ثمَّ ذبحها أيَّام العيد وتوزيع لحومها على الأُسر الفقيرة، إضافةً إلى التعاقُد مع العديد من الجهات التي تؤمِّن لها الأضاحي بأسعار تبدأ من (520) ريالاً للأُضحية الواحدة. الأُسر المُسجَّلة وأوضح "د. عبد السلام بن عبدالله السليمان" -مدير فرع جمعية البر بشمال الرياض- أنَّه تمَّ الإعداد لاستقبال توكيل المواطنين بالذبح والتوزيع نيابةً عنهم، إلى جانب استقبال اللحوم الواردة من المواطنين خلال أيام الذبح، مُضيفاً أنَّ الاستعدادات لهذه الأعمال تمت عن طريق تكليف أربعة موظفين يتناوبون على فترتين؛ لاستقبال المواطنين واستلام المبالغ منهم وتوقيع نموذج التوكيل المُعد لهذا الشأن، إلى جانب التعاقد مع إحدى المؤسسات المُتخصِّصة في تأمين وذبح وتوريد الذبائح وذبحها بالسعر المُتّفق عليه معهم، مُوضحاً أنَّه سيتم تحصيل المبالغ طبقاً لهذه الاتفاقية التي حُدِّد السعر بموجبها على النحو التالي (1550) ريالاً للخروف النعيمي و(650) ريالاً للخروف السواكني، و(550) ريالاً للخروف البربري. وأضاف أنَّه جرى الاتصال ب "مؤسسة العثيم للمواد الغذائيَّة" بشأن تزويد الفرع بعدد أربع سيارات تبريد لتنقل لحوم الأضاحي من مقر الاستقبال "مقر الفرع" إلى مقر التوزيع الكائن في حيّ "حطين"، مُوضحاً أنَّه تمَّ تجهيز ثلاث طاولات لتقطيع وتصفية اللحوم من الشحوم وغيرها، ومن ثمَّ تعبئتها في أكياس خاصة سعة (15) كجم، مُشيراً إلى أنَّه تمَّ استئجار ثلاث حاويات من إحدى الشركات إحداها مُعدَّة لجمع الجلود، والثانية للرؤؤس للإفادة منها، أمَّا الحاوية الثالثة فللنفايات، لافتاً إلى أنَّ جميع هذه الحاويات يتم تفريغها بعد تعبئتها فوراً واستبدالها بأخرى، مؤكِّداً على أنَّ جميع موظفيّ وعُمَّال الفروع أبدوا استعدادهم التام لإنجاح هذا العمل الخيري الذي اعتاد الفرع على تنفيذه كل عام؛ لسدّ حاجة الأُسر المُسجَّلة من لحوم هذه الشعيرة. تطبيق الاشتراطات الصحيَّة ونوَّه "د. عبدالله بن عبدالرحمن آل بشر" -أمين عام جمعيَّة البر الخيريَّة بالرياض- باهتمام سمو أمير منطقة الرياض وسمو نائبه بهذا المشروع وتأكيدهما على أهميَّة أن تصل الأضاحي لمُستحقيها في أقصر وقتٍ ممكن، مع تطبيق كافة الاشتراطات الصحيَّة والبيطريَّة، مُضيفاً أنَّ المشروع يأتي تماشياً مع توجيهات سمو أمير منطقة الرياض وسمو نائبه الرامية إلى الاهتمام وتقديم أفضل الخدمات للمستفيدين من الجمعيَّة، مُشيراً إلى وجود العديد من المشروعات التقنيَّة والغذائيَّة التي سوف تتم دراستها وطرحها في المستقبل القريب. قيمة الأُضحية وقال "عبدالله بن محمد الزامل" -رئيس لجنة مشروع الأضاحي في جمعية البر بالرياض- : "يشتمل المشروع على آليَّتين، وهما التوكيل المالي بحيث تحصر اللجنة المُشكَّلة لتنفيذ المشروع ما تحتاجه الفروع من الأضاحي بناءً على عدد الأُسر المُسجَّلة بكل فرع، بينما تتمثَّل الآليَّة الثانية في طلب عروض أسعار من قبل الشركات والمؤسَّسات التي لها علاقة بتجارة الماشية وفقا للشروط الصحيَّة والنظاميَّة"، مُضيفاً أنَّ من أهم هذه الشروط : توفير الكميَّات التي ترغب الجمعية بشرائها وسلامتها من جميع الأمراض، وألاَّ يقل وزن الأُضحية عن (18) كجم بعد الذبح بالنسبة لنوعيّ "النعيمي" و"السواكني"، و(14) كجم لنوع "البربري"، مع ضرورة التزام المُتعهّد بتوريد وذبح الأضاحي. وأضاف أنَّ الجمعيّة درست كافَّة العروض المُقدَّمة من الشركات والمُؤسَّسات، إلى جانب التأكُّد من مصداقيتها ومراعاة السعر والوزن وإمكانات الشركة أو المؤسسة بحيث تكون مؤهلةً لتنفيذ هذا المشروع، مُوضحاً أنَّ قيمة الأُضحية كانت بأقل سعر مُمكن مع أفضل جودة مُمكنة، مُشيراً إلى أنَّه يتم متابعة وتنفيذ المشروع حتى نهايته عبر تكليف أعضاء من العاملين في الفروع بالإشراف والمُتابعة المُباشرة، لافتاً إلى أنَّ آلية استقبال العيني من اللحوم تتم عبر تجهيز فروع الجمعيَّة مواقع لاستقبال اللحوم، بحيث تتوافر فيها البرَّادات والتجهيزات الأُخرى. وأشار إلى أنَّ استقبال التوكيل المالي يكون مع بداية الموسم وينتهي مع نهاية اليوم التاسع من ذي الحجة، حيث يتم الاستقبال من خلال مواقع فروع الجمعيَّة الرئيسة والمراكز التابعة لها، مُضيفاً أنَّ الاستقبال العيني يبدأ في أوَّل يوم من أيَّام العيد في تمام الساعة التاسعة صباحاً وحتى الساعة الخامسة مساءً، وذلك من خلال مواقع يُحدِّدها الفرع روعي فيها سهولة الوصول إليها من قِبَل المُتبرعين، إلى جانب المقر الرئيس، لافتاً إلى أنَّ إقبال المُتبرعين خلال الأعوام السابقة كان جيداً؛ وذلك لثقتهم بالجمعية ومنسوبيها، إلى جانب الأسعار المُنافسة للسوق، الأمر الذي يضاعف مسؤولية الجمعيَّة لمواجهة الطلب المُتوقَّع على المشروع. المستودعات الخيرية ساهمت في الإفادة من لحوم الأضاحي مشروع الأضاحي يستهدف سد حاجة الأُسر المُسجَّلة في فروع الجمعيَّات