أنهى رئيس الحكومة الليبية عبدالله الثني زيارته الأولى إلى القاهرة، باتفاق مع المسؤولين المصريين على تأسيس «نواة لجيش وطني ليبي». وعلمت «الحياة» أن الاتفاق يقضي بإرسال بعثات عسكرية ليبية من الضباط في مختلف التخصصات إلى مصر «لتلقي تدريبات عسكرية في المعاهد العسكرية كمدربين، ليعودوا بعدها إلى الأراضي الليبية لنقل خبراتهم إلى عناصر الجيش الليبي»، وهو النهج نفسه الذي سيتخذ لتدريب الشرطة الليبية. وكان الثني اجتمع مساء أول من أمس مع وزير الدفاع المصري صدقي صبحي، بعد ساعات من اجتماع لرئيسي أركان الجيشين المصري والليبي محمود حجازي وعبدالرازق الناظوري، خلص إلى اتفاق على «العمل على تدريب عناصر من الجيش الليبى وتأهيلهم، لاسيما في سلاح حرس الحدود». وقال ل «الحياة» مسؤول مصري، إن «الاتفاق تضمن وضع إطار زمني لحصول عناصر من الجيش والشرطة الليبيين على دورات تدريبية وتأهيلية في مصر»، مشيراً إلى «حرص الإدارة المصرية على دعم الدولة الليبية في استعادة الأمن، خصوصاً على الحدود المشتركة التي يبلغ طولها نحو 1200 كيلومتر». وأفيد بأن الأيام المقبلة ستشهد زيارات وفود عسكرية ليبية إلى القاهرة «لإنهاء ترتيبات إرسال البعثات». وكشف ل «الحياة» الخبير العسكري القريب من الجيش اللواء سامح سيف اليزل، عن أن الجانبين اتفقا على «أن تلعب القاهرة دوراً في تأسيس نواة لجيش وطني ليبي»، موضحاً أنه «تم الاتفاق على أن يختار رئيس أركان الجيش الوطني الليبي ضباطاً تستضيفهم المعاهد والكليات العسكرية المصرية لتلقي تدريبات للعمل مدربين بعد عودتهم إلى وحداتهم في ليبيا ونقل خبراتهم». وأشار إلى أن «المؤسسة العسكرية المصرية ستقوم بتدريب العناصر الليبية في جميع التخصصات، ويختلف الجدول الزمني للتدريب وفقاً للتخصص... مصر لن تتدخل في اختيار الوحدات الليبية لتشكيل نواة الجيش. رئيس الأركان الليبي مهمته الاختيار معتمداً على العناصر الوطنية والبعيدة من الانتماءات الطائفية والميليشيات والأجندات الخارجية، وسيحدد إعداد المنضمين إلى البعثات». وحرصت وزارة الدفاع المصرية على إجراء مراسم استقبال رسمية للثني داخل مقر الوزارة. ووفقاً لبيان عسكري، فإن الاجتماع بين الثني وصبحي تناول «تبادل الرؤى تجاه ما تشهده المنطقة من تحديات وتطورات وانعكاساتها على الأمن والاستقرار في الشرق الأوسط، وسبل دعم التعاون المشترك وتعزيزه وتبادل الخبرات بين القوات المسلحة لكلا البلدين في مختلف المجالات، خصوصاً في مجالي مكافحة الإرهاب وتأمين الحدود المشتركة». ونقل البيان تأكيدات وزير الدفاع المصري على «العلاقات الراسخة التي تجمع بين الشعبين المصري والليبي اللذين يرتبطان بوحدة الأرض والمصير»، مشدداً على «حرص القوات المسلحة المصرية على دعم الجيش الليبي الشقيق». وأشاد رئيس الحكومة الليبية ب «المواقف المصرية الداعمة للحكومة الليبية في ظل ما يواجهها من تحديات كبيرة لاستعادة وحدة الصف وتحقيق الأمن والاستقرار لأبناء الشعب الليبي». واستقبل وزير الخارجية المصري سامح شكري نظيره الليبي محمد الدايري، وتناولا «تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في ليبيا والجهود المبذولة لتحقيق الوفاق الوطني»، بحسب بيان رسمي. وأوضح الناطق باسم الخارجية المصرية بدر عبدالعاطي، أن شكري جدد خلال اللقاء «دعم مصر الكامل لتطلعات الشعب الليبي وإرادته ولمؤسساته الشرعية المنتخبة، وعلى رأسها مجلس النواب والحكومة الليبية التي أقرها المجلس». وأبدى استعداد بلاده لتقديم «أشكال الدعم الممكنة كافة لبناء مؤسسات الدولة وبناء القدرات وتوفير التدريب اللازم، بما يساهم في تحقيق تطلعات الشعب الليبي الشقيق ويصون وحدة الدولة الليبية وسلامة أراضيها، فضلاً عن تعميق التعاون في القطاعات كافة، خصوصاً في مجالات البنية التحتية وتمكين الحكومة الليبية في مواجهة التنظيمات الإرهابية والحفاظ على وحدة الأراضي الليبية». إلى ذلك، بحث شكري مع نظيره السوداني علي كرتي في «سبل تحسين مسار العلاقات الثنائية بين البلدين وأهمية استمرار تطورها في مختلف المجالات والقطاعات في إطار المصالح المشتركة للبلدين والشعبين الشقيقين والعمل على تطوير العلاقات الاقتصادية والتجارية والثقافية والتعليمية وفي مجالات التدريب والتحضير لعقد اجتماع للجنة العليا المشتركة، والترتيبات اللازمة لتحديد موعد لزيارة الرئيس عمر البشير المرتقبة لمصر في المستقبل القريب». وأوضح الناطق باسم الخارجية المصرية أن اللقاء «تناول استمرار التعاون بين البلدين في المحافل الإقليمية والدولية وتعزيز التشاور المشترك في ما يتعلق بالموضوعات ذات الاهتمام المشترك، كما تم البحث في الأوضاع في المنطقة العربية في ظل التطورات المختلفة التي تشهدها، فضلاً عن التطورات في القارة الأفريقية وقضية الأمن المائي وتطورات مشروع سد النهضة (الإثيوبي) في إطار تحقيق المصالح المشتركة للجميع من دون الإضرار بمصالح أي طرف». ويأتي هذا اللقاء قبل نحو أسبوع من اجتماع اللجنة الفنية الثلاثية التي تضم 12 عضواً من مصر والسودان وإثيوبيا، والذي سيخصص لاختيار مكتب استشاري دولي توكل إليه مهمة إجراء الدراسات الفنية على سد النهضة الإثيوبي قبل آذار (مارس) المقبل. وكان وزير الرئيس المصري حسام المغازي أعلن في بيان تأخير موعد الاجتماعات إلى الخميس المقبل، ليناسب جدول أعمال وزراء الري في الدول الثلاث الذين سيحضرون الاجتماع في القاهرة.