ليس مستغرباً أن تقيم حفنة من البشر على إحدى أكثر مجموعات الجزر بعداً على الأرض وهي جزر مرجانية صغيرة تقع في مياه المحيط الهندي اللازوردية. لكن اللافت أن مئة ألف سلحفاة بحرية أي اكثر من عددها في جزر غالاباغوس الشهيرة، توجد في هذه الجزر الصغيرة يصل وزن بعضها إلى 250 كيلوغراماً وقطر قوقعتها إلى اكثر من متر. على مجموعة جزر الدابرا المرجانية الصغيرة العائدة إلى أرخبيل السيشيل يزيد عدد هذه الزواحف الضخمة عن عدد الأفراد المقيمين عليها وهم علماء وخبراء في حفظ الحيوانات يعملون على حمايتها. وهذه الزواحف واسمها العلمي «الدابراخيليس جيغاتيون» هي من اكبر السلاحف في العالم وتعيش لأكثر من مئتي سنة على ما يقال. وتعرضت في مرحلة من المراحل إلى التهديد من قبل أنواع غازية مثل الماعز والجرذان لكن الجهود الهادفة إلى القضاء على هذه الحيوانات للحفاظ على الموطن الطبيعي الأخير لهذه الزواحف الفريدة من نوعها، أعطت ثمارها. وتقول فراوكه فليشر - دوغلي رئيسة مؤسسة جزر سيشيل (سيف) التي تساعد اليونيسكو على حماية هذا الموقع المدرج على قائمة التراث العالمي للبشرية: « بقيت أعداد السلاحف مستقرة عند مستوى مئة ألف. هذا الأمر يظهر أن الجهود التي تبذل في إطار الحفاظ عليها تعطي ثمارها». ويعتبر برنامج الأممالمتحدة للبيئة أن مجموعة الجزر المرجانية الصغيرة هذه «إحدى اكثر المناطق - البيئية انعزالاً على الأرض». البحيرة المرجانية فيها تشكيلات كلسية تعلوها رؤوس مرجانية على شكل فطر، تنتشر فيها أشجار المانغروف وتقيم فيها الطيور البحرية أعشاشها. وبقيت أعداد السلاحف على حالها في العقدين الأخيرين في حين أن عدد البشر المقيمين على هذا الأرخبيل الواقع على بعد 1100 كيلومتر غرب جزيرة سيشيل الرئيسية، لم يتجاوز يوماً عشرة أشخاص. وبقيت الدابرا غير مأهولة لفترة طويلة خصوصاً أنها لا تتمتع بأي مصادر للمياه العذبة وتبعد اكثر من 400 كيلومتر عن مدغشقر أقرب يابسة إليها. عزلة الدابرا تجعل منها المكان الوحيد في العالم حيث تشكل حيوانات زاحفة، الحيوان النباتي المهيمن، على ما تفيد اليونيسكو مع تطور الأعشاب والأشجار الصغيرة من أجل التكيف مع طريقة أكل السلاحف هذه. والتهديد الوحيد لهذه السلاحف يأتي من الماعز التي أدخلت إلى الجزر الصغيرة قبل اكثر من قرن من الزمن وقد حاول الخبراء القضاء عليها لأنها تنافس الزواحف على النبات المتدني الارتفاع. لكن ثمة سلاحف من نوع آخر في الدابرا وتشهد ارتفاعاً في أعدادها.