رأى نقيب الموسيقيين في مصر المطرب إيمان البحر درويش أن الأغاني التي ظهرت بعد «ثورة 25 يناير» لا تليق بمفهوم الثورة، مشيراً إلى أن المقارنة بينها وبين ما جرى بعد «ثورة يوليو 1952» ظالمة. ولفت إلى أن الفن يعاني حالياً حصاراً وتضييقاً، بينما دُعم رسمياً وشعبياً بعد «ثورة يوليو». يُعتبر درويش أكثر مطربي جيله جرأة في اختيار الأغاني الوطنية ومسايرة الأحداث والانشغال بقضايا بلده. بدأ مشواره الفني في أوائل الثمانينات من القرن الماضي، بتكوين كورال غنائي لإحياء تراث جدّه مجدّد الموسيقى العربية الراحل سيد درويش. فقدم أول ألبوماته التي تحتوي جميعها أغاني جده في عام 1983، وأطلق عليه تسمية «الوارثين». وبعدها بدأ مسيرة التلحين بأغنية «أنا ماقبلش»، وكرّت السبحة بتأليف موسيقى تصويرية ومقدمات لمسلسلات عدة. وفي الوقت نفسه خاض مجال التمثيل وكان أول أعماله فيلم «حكاية في كلمتين» مع الفنانة ليلى علوي، وجسد شخصية الإمام الشافعي في المسلسل الذي يحمل الاسم نفسه، وشارك أيضاً في الكثير من المسرحيات مثل «انقلاب 1991» ثم رشح نفسه نقيباً للموسيقيين ونال المقعد الذي يشغله حتى الآن. «الحياة» التقت درويش أثناء تصوير مسلسل «أهل الهوى» الذي سيعرض في شهر رمضان المقبل، ويشاركه في بطولته فاروق الفيشاوي والمطربة الشعبية أمينة ومحمد لطفي عن قصة للكاتب محفوط عبدالرحمن. وقال درويش: «جسدت شخصية جدي وأتمنى أن لا أقارن بالفنان الراحل كرم مطاوع الذي قدم شخصية سيد درويش في السينما لفارق الخبرة، وآمل بأن ينال المسلسل إعجاب المشاهدين نظراً إلى المجهود الكبير الذي قام به كل فريق العمل». وعن تحريم بعض التيارات الفن عموماً والموسيقى خصوصاً، قال: «الفن الجيّد له تأثير قوي ومن يحرّمه يستند إلى أدلة ضعيفة ويتخذ من النماذج السيئة ذريعة ويستند إليها. ولمن لا يعلم يستخدم بعض الشيوخ الموسيقى في التجويد والترتيل، فالشيخ العجمي كانت معظم قراءاته على مقام الكرد. فالموسيقى والغناء لغة للتعبير بالكلمات التي حسنها حسن وقبيحها قبيح». وعن ألبومه الجديد «ثورة تحدي»، شرح درويش أنه يحتوي على تاريخه الغنائي ويمزج بين أغاني ثورة 1919 وثورة يناير، وما قدمه من أغانٍ ضد الظلم والفساد. من بينها أغنية «ثورة تحدي» التي تتناول الوضع الذي تعيشه مصر الآن. وانتقد مستغرباً التعتيم على هذا الألبوم الذي لم تبثّ القنوات الإعلامية أغانيه في الشكل المطلوب، خصوصاً أنه يتناول مواضيع تؤيد استمرار الثورة في مصر واستكمالها، مضيفاً أن أحداً لن يتمكن من منع الفن الجيّد من الاستمرار. وأكد أن مصر قدمت فنوناً عظيمة وسنظل نقاوم حتى نستردّ ريادتنا». وأوضح أن «الفن لا ينفصل عن الوطن، فهو جزء لا يتجزأ منه، والإبداع والفن تضررا بشدة من الوضع الحالي حيث لم تعد لدينا القدرة والطاقة الإيجابية على الغناء، فضلاً عن الوضع الاقتصادي السيئ الذي طاول الجميع وليس الفنانين فقط». وأعاد درويش سبب انتشار تجارب غنائية لا تُعد ولا تُحصى وتبقى دون مستوى أغاني «ثورة يوليو 1952»، إلى أن أغاني «ثورة 25 يناير» أطلقت على عجل وبمبادرات فردية ما أفقدها الجودة والتأثير في نفوس الناس. يبدو درويش منزعجاً من برامج اكتشاف المواهب الغنائية التي تغزو الفضائيات العربية، «الطامحة للربح وللربح السريع فقط»، كما قال. وأردف: «رفضت المشاركة في تقديم برامج بالتقنية نفسها، لشعوري بمسؤولية أكبر تجاه بلدي. فالوقت غير مناسب لتلك النوعية من الأعمال التلفزيونية التي تثير علامات استفهام، فالمجتمع العربي الآن ممزق ويعاني من زلازل سياسية واقتصادية... يجب احترام الظروف التي تمر بها بلاد الربيع العربي». وعن دور الفنانين في هذه الفترة الحرجة، أكد درويش أن العمل الجماعي هو أفضل وسيلة للمقاومة الآن، وتمنى ألا يتسلل الإحباط إلى نفوسهم ومواهبهم. وأعلن أنه بصدد تأسيس حزب «الشهامة» بهدف تجميع أموال لأكثر المناطق التي تضررت مما يحدث الآن في مصر، مشيراً إلى أنه عرض الفكرة على الحكومة ولم يستجب أحد، فقرر إنشاءه مع الكثير من الفنانين. وعن تعرضه لانتقادات واسعة كنقيب للموسيقين، يقول درويش أن كل ما وجِّه إليه باطل وأنه بُرّئ من كل الاتهامات. ويرى أن السبب في الحملة عليه هو كشف الفساد داخل النقابة، ما دفع البعض إلى تشويه صورته وسمعته، لكنه يؤكد أنه «لن يتراجع عن خدمة الأعضاء ورعاية الموسيقيين في تلك الظروف، وسيظل يعمل من أجل ذلك مهما تعرض لانتقادات واتهامات باطلة».