فيما يُنذر قرار الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي تكليف مدير مكتبه أحمد عوض بن مبارك تشكيل الحكومة بتداعيات خطرة على الصعيدين السياسي والأمني، في ظل التصعيد المتوقع لجماعة الحوثيين التي تفرض سيطرتها على صنعاء، شنّ تنظيم «القاعدة» هجمات متزامنة فجر أمس على كل المقار الأمنية والعسكرية والحكومية في مدينة البيضاء (جنوب العاصمة) مستخدماً أسلحة متوسطة وخفيفة وسيارات مفخخة، ما أدى إلى قتل 12 جندياً، في عملية أكد التنظيم أنها استبقت مخططاً لتسليم المحافظة إلى جماعة الحوثيين. وأكد الحوثيون في بيان لمجلسهم السياسي رفضهم القاطع قرار الرئيس هادي الذي كلَّف بن مبارك تشكيل حكومة، ووصفوه بأنه «قرار خارجي بامتياز»، في إشارة إلى اجتماع سبق صدور القرار، وضمّ هادي والسفير الأميركي. كما اعتبروه «استخفافاً صارخاً» بسيادة اليمن واستقلاله، إلى جانب كونه» يتجاوز المعايير المتفق عليها، كما يتجاوز مبدأ التوافق». وكان هادي أصدر ليل الثلثاء قرار تكليف مدير مكتبه، الأمين العام لمؤتمر الحوار الوطني أحمد عوض بن مبارك تشكيل حكومة «الشراكة الوطنية»، بعد أسبوعين من المشاورات مع هيئة مستشاريه التي تضم ممثّلين لكل الأطراف اليمنية بمن فيها جماعة الحوثيين. وبشّرت الجماعة بخطاب لزعيمها مساء أمس على خلفية تكليف بن مبارك، ونفى ممثل الحوثيين في مستشارية هادي، صالح الصماد، تراجع جماعته عن القبول بالقرار بعدما وافقت عليه، مؤكداً في بيان أن اجتماع هادي مع مستشاريه أول من أمس لم يتوصل إلى إجماع على تسمية رئيس الوزراء الجديد بعد اعتذار شخصيات متوافقٍ عليها. وفي حين اعترف بأن جماعته تركت لهادي «حق اختيار رئيس الوزراء ممن تنطبق عليهم الشروط»، أشار إلى أن بن مبارك كان «استُبعِد من قائمة المرشحين للمنصب قبل أسبوعين وبقناعة الجميع». ودعا حزب التنظيم الوحدوي الشعبي الناصري إلى اجتماع عاجل لقادته اليوم، لدرس قرار تكليف بن مبارك، في حين اعتبر حزب «المؤتمر الشعبي» في بيان تلى اجتماعاً رأسه الرئيس السابق علي صالح للجنته العامة (أعلى هيئة في الحزب) اختيار بن مبارك لرئاسة الحكومة «خارج التوافق» و «جنوحاً واضحاً نحو مزيد من التصعيد»، و «خروجاً على اتفاق السلم والشراكة وقاعدة التوافق العام، بخاصة في نصوصه المتعلقة بالمعايير الخاصة باختيار رئيس للوزراء، والتي أكدت الحياد والاستقلالية وعدم التحزب». واتهم الحزب بن مبارك بعدم الحياد والاستقلالية، لافتاً إلى أنه «كان متحزّباً منذ نعومة أظفاره ولا يزال» و «أخذ مواقف عدائية متطرفة تجاه العديد من القوى السياسية، وبالتأكيد تجاه المؤتمر الشعبي العام وحلفائه وأنصاره». وأكدت مصادر قريبة من هادي أنه متمسك بقراره ولن يرضخ للتصعيد الحوثي المتوقّع، إذ يعطيه «اتفاق السلم والشراكة» أحقية اختيار رئيس الوزراء طالما تحققت فيه الشروط، ويعتقد مراقبون بأن اليمن بصدد الدخول في حالة من فراغ السلطة، ما سيفاقم مشكلاته الأمنية والاقتصادية ويهدد وحدته، في ظل مساعٍ لقادة فصائل متشددة في «الحراك الجنوبي» لفصل الجنوب عن الشمال. ميدانياً، أدت هجمات متزامنة نفّذها فجر أمس مسلحو تنظيم «القاعدة» وطاولت منشآت حكومية ومقار أمنية وعسكرية في مدينة البيضاء (جنوبصنعاء) إلى قتل 12 جندياً طبقاً لمصادر طبية، كما جُرح عشرات. وجاءت الهجمات في سياق ما يعتبره التنظيم تصدياً لتمدد الحوثيين في المحافظة ذات الغالبية السنّية. ولم تكشف السلطات الرسمية عدد ضحايا الهجمات، لكنها أكدت أن قوات الجيش والأمن نجحت في التصدي لها وتكبيد مسلحي «القاعدة» خسائر فادحة، وأشارت إلى أن «عناصر من تنظيم القاعدة الإرهابي حاولت السيطرة على إدارة أمن المحافظة ومعسكر القوات الخاصة والأمن السياسي ومرافق أخرى حكومية، مستخدمة سيارات مفخخة، ثم اندلعت اشتباكات عنيفة بين العناصر الإرهابية ورجال الأمن». وأعلن التنظيم على حساب له على «تويتر» مسؤوليته عن هذه الهجمات، مشيراً إلى أنها استهدفت عناصر «الجيش المتحوّث» (نسبة إلى جماعة الحوثيين). وكشف مقتل انتحاري يدعى أبو دجانة اللحجي بتفجير سيارة مفخخة هاجم بها معسكر قوات الأمن الخاصة، مؤكداً أن مسلحي «القاعدة» غنموا كميات كبيرة من الأسلحة والذخائر.