ضرب العنف المدن المصرية خلال تظاهرات «جمعة الكرامة أو الرحيل»، وسقط عشرات المصابين في اشتباكات بين الشرطة والمتظاهرين أمام قصر الاتحادية الرئاسي وفي محافظات عدة، فيما أظهر النظام إصراراً على المضي قدماً في خطته لإجراء انتخابات مجلس النواب، رافضاً مطالب المعارضة بإقالة الحكومة وتعديل الدستور. وعلمت «الحياة» أن الحكم يخطط لإجراء الانتخابات التشريعية في مطلع نيسان (أبريل) المقبل لتنطلق باقتراع المغتربين قبل أن تتم في داخل البلاد على ثلاث مراحل. وقالت مصادر رئاسية ل «الحياة» إن الرئيس محمد مرسي سيعلن نهاية الشهر الجاري فتح باب الترشح للمنافسة على مقاعد مجلس النواب البالغة 498 مقعداً، بعد فصل المحكمة الدستورية في قانون الانتخابات المعروض عليها، والذي ترفضه المعارضة. وأشارت المصادر إلى أن «إجراءات تقديم الأوراق ستستمر نحو أسبوعين، وبعدها يُفتح الباب أمام الدعاية الانتخابية لأسبوعين آخرين، قبل عملية بدء الاقتراع في مطلع نيسان (أبريل) المقبل». وأوضحت أن الاقتراع في الداخل سيبدأ منتصف نيسان ويستمر شهراً، إذ ستجرى الانتخابات على ثلاث مراحل تستغرق كل منها يومين. في موازاة ذلك، اشتعلت المواجهات بين الشرطة والمتظاهرين مجدداً بعدما حاصرت الحشود قصر الاتحادية الرئاسي وتسلق بعض الصبية أسواره، وأطلقوا ألعاباً نارية داخله، كما رشق متظاهرون القصر بالحجارة وزجاجات حارقة سقطت في ساحته الداخلية، بعدما أزالوا الأسلاك الشائكة والمتاريس الحديد التي نصبتها قوات الحرس الجمهوري لتأمين القصر الذي تمترست داخله قوات الأمن. لكن الأمر تطور بعدما كثف المتظاهرون من هجومهم على القصر وحاولوا كسر بوابته الرئيسية، ففتحت قوات الأمن من داخله خراطيم المياه لتفريق المتظاهرين قبل ان تخرج مدرعات الشرطة وتطارد المتظاهرين مستخدمة قنابل الغاز. وكان آلاف المتظاهرين شاركوا في مسيرات إلى قصر الاتحادية وميدان التحرير وهتفوا ب «إسقاط النظام». وتطورت الأمور نحو العنف عند الاتحادية بعدما انتشرت أخبار عن مصادمات عنيفة بين الشرطة ومحتجين في محافظات عدة في الدلتا حيث حاصر غاضبون مقرات أمنية وحكومية عدة واقتحموا بعضها، بعدما رشقوها بالحجارة وزجاجات حارقة ودخلوا في مصادمات عنيفة مع الشرطة التي أطلقت وابلاً من قنابل الغاز المسيل للدموع لتفريق الحشود. ووقعت اشتباكات عنيفة في محيط قسم شرطة سيدي جابر في الإسكندرية (شمال مصر) وشوهدت سيارات محترقة في منطقة المواجهات التي تحولت حرب شوارع في محيط القسم، وظل الكر والفر سيد الموقف لساعات. ووقعت اشتباكات أمام مقر حزب «الحرية والعدالة»، الذراع السياسية لجماعة «الإخوان»، في منطقة محرم بك في الإسكندرية لدى محاولة متظاهرين اقتحامه. وأصيب عشرات في مواجهات مماثلة بين الشرطة والمتظاهرين أمام منزل الرئيس محمد مرسي في محافظة الشرقية. وحاصر متظاهرون مبنى محافظة الغربية ومديرية الأمن في مدينة طنطا، احتجاجاً على مقتل الناشط في «التيار الشعبي» محمد الجندي الذي تتهم أسرته الشرطة بتعذيبه حتى الموت بعدما أوقفته خلال تظاهرات إحياء الذكرى الثانية ل «ثورة 25 يناير». وحاصر آخرون مقر مجلس مدينة المحلة الكبرى في الغربية ورشقوه بالحجارة وزجاجات حارقة، وتصدت لهم قوات الشرطة بقنابل الغاز المسيل للدموع، كما هاجمم متظاهرون مقر «الحرية والعدالة» في المدينة وأحرقوه، وحاول آخرون اقتحام مقر مجلس مدينة كفر الزيات وتصدت لهم الشرطة. وفي محافظة المنوفية، اقتحم محتجون مقر مجلس مدينة شبين الكوم، وحطموا واجهته ونوافذه، وأشعلوا الحرائق في مدخله، بعد مواجهات عنيفة مع الشرطة. وأضرم متظاهرون النيران في مبنى المجلس المحلي في مدينة كفر الشيخ، ودارت اشتباكات عنيفة بين الشرطة والمتظاهرين، استخدمت فيها قوات الأمن قنابل الغاز المسيل للدموع، فيما رشق الغاضبون الشرطة بالحجارة وزجاجات حارقة. وحاولت حشود اقتحام مقر المحافظة ودارات اشتباكات مماثلة بين المتظاهرين والشرطة. وشارك آلاف في مسيرة حاشدة في مدينة بورسعيد طالبت برحيل الرئيس مرسي والقصاص لضحايا أحداث العنف التي اندلعت في المحافظة الشهر الماضي وسقط فيها عشرات القتلى. ورفع المتظاهرون أعلاماً ل «دولة بورسعيد المستقلة». ودعت تيارات ثورية إلى بدء عصيان مدني في المدينة وعدم سداد أية مستحقات للدولة. وتظاهرت حشود ضخمة في ميدان الأربعين في محافظة السويس التي قُتل فيها 10 أشخاص خلال احتجاجات اندلعت الشهر الماضي، وطالبت بالقصاص للقتلى ومحاكمة الرئيس ووزير الداخلية اللواء محمد ابراهيم. وعززت قوات الشرطة من وجودها أمام مقار مديريات الأمن في المحافظات ودواوينها العامة لمنع أي محاولات لاقتحامها، فيما تجمع أنصار جماعة «الإخوان» في مقار الجماعة وحزبها في محافظات عدة لمنع اقتحامها. وحمّل «الحرية والعدالة» قادة «جبهة الإنقاذ الوطني» المعارضة مسؤولية العنف. وقال الناطق باسم الحزب مراد علي: «أرى أن هذه التظاهرات تؤدي إلى مزيد من التدهور الأمني والاقتصادي، لكن أبسط القواعد أنهم (قادة الجبهة) يتحملون نتائج هذه التظاهرات، كما أنهم مسؤولون عن أي أعمال عنف يرتكبها المشاركون فيها... إن كنتم لا تسيطرون على تظاهرات تدعون إليها، فأسمحوا لي أن أقول لكم إنكم فاشلون».