أمراض، ديون، أطفال معوقون، كلها أسباب لم تشفع لمواطن في العقد السادس، دون البقاء خلف قضبان السجن، بعد تراكم الديون عليه. وتقاعد عبدالعزيز من إحدى الشركات الخاصة قبل أعوام، ليبدأ بعدها حياة جديدة مع أولاده الستة، نصفهم يفتقدون القدرة على الكلام والسمع، إضافة إلى إصابته بأمراض عدة، كان آخرها إصابته بجلطة في القلب أدت إلى تعطل شبه كامل في القلب، الذي لا يعمل سوى بطاقة 25 في المئة فقط. ويروي ابنه إبراهيم ل«الحياة» تفاصيل قضية أبيه، موضحاً أنه «متقاعد منذ أعوام من شركة أرامكو السعودية، وقام والدي قبل نحو عام باقتراض مبالغ كبيرة، بهدف شراء أجهزة طبية لأشقائي المعوقين (ولدين وفتاتين)، الذين يعانون من عدم القدرة على الكلام والسمع، وكذلك من أجل علاجهم في أحد المستشفيات الخاصة في محافظة الخبر، عبر إخضاعهم لجلسات علاج في مركز نطق تابع للمستشفى، وتبلغ كلفة جلسة العلاج الواحدة للمريض الواحد 500 ريال، وهم يحتاجون إلى أربع جلسات أسبوعية على الأقل، أي ثمانية آلاف ريال شهرياً للأربعة، ما أثقل كاهل أبي». وأنفق والد إبراهيم مستحقات تقاعده من عمله على علاج الأطفال المعوقين، كما تحمّل جميع نفقات زواج ابنه، إضافة إلى أنه استثمر ما يربو على 700 ألف ريال في سوق الأسهم السعودية. إلا أنه خسر 90 في المئة من هذا المبلغ مع انهيار السوق في العام 2006. ولم يتبق لديه سوى 70 ألف ريال، فلجأ إلى راتبه التقاعدي للإنفاق على عائلته المكونة من ثمانية أفراد. كذلك اضطر قبل عام إلى اقتراض مبالغ كبيرة لشراء أجهزة طبية وعلاج لأولاده المعوقين، الذين يتطلب علاجهم «مبالغ مالية كبيرة، أرهقت والدي خلال الفترة الأخيرة» بحسب الابن. وأردف إبراهيم: «بعد تراكم الديون على والدي؛ تقدم الدائنون ببلاغات إلى الجهات المختصة، وتم إخطاره أكثر من مرة، إلا أنه لم يتمكن من سداد المبالغ المستحقة، التي تجاوزت 800 ألف ريال»، لافتاً إلى أنهم عجزوا عن الوصول إلى تسوية مع الدائنين، «فأجلت الجهات المختصة توقيف والدي أكثر من مرة، نظراً إلى ظروفه الصحية، إلا أنه تم توقيفه وإيداعه سجن الدمام قبل نحو شهر». ويؤكد إبراهيم أن أسرته تعيش أوضاعاً سيئة، إذ يسود الحزن أركان المنزل، مضيفاً: «كما أن والدتي تمر بحال نفسية سيئة بسبب توقيف أبي الذي يعاني من مشكلات صحية خطرة، نظراً إلى إصابته بجلطة في القلب، أدت إلى تعطل قلبه بنسبة 75 في المئة، إضافة إلى إصابته بالضغط والسكر». ويلفت إبراهيم إلى أنه طلب من الجهات المختصة «إخراج والدي بكفالة، نظراً إلى ظروفه الصحية، تمهيداً للوصول إلى اتفاق يقضي بسداد قيمة المبلغ من راتبه التقاعدي، إلا أن طلبي قوبل بالرفض، وطلبوا مني سداد كامل المبلغ». وحتى إبراهيم مهدد بدخول السجن، لأنه قام بكفالة والده لدى الدائنين، ويتوجب عليه سداد المبلغ الآن بعد تعثّر والده. ويشير إلى أنه هو الآخر يعاني من مشكلات صحية، مثل إصابته بتقرحات في القولون، و«النغرز»، والسكري. كما فصل من عمله في إحدى الجهات الحكومية بعد تغيبه عن العمل، بسبب مراجعته الدائمة للمستشفيات، وهو لا يملك القدرة المالية لسداد ديون والده، مؤكداً أنه يعيش «وضعاً سيئاً للغاية، فأنا بلا وظيفة حالياً، ولديّ أسرة مكونة من زوجة وثلاثة أطفال، واضطر أحياناً إلى بيع أثاث منزلي لإطعام عائلتي». ويؤكد إبراهيم أنه تقدّم بشكوى إلى فرع هيئة حقوق الإنسان في المنطقة الشرقية، وأرسل خطاباً إلى إمارة المنطقة الشرقية للنظر في وضعه الصحي، وإمكان إطلاق سراح والده بكفالة، والقبول بسداد جميع المبالغ المُستحقة على شكل أقساط شهرية.