بينما يواجه الرئيس المصري محمد مرسي طريقاً مسدوداً لجهة تنحية خلافاته مع قوى المعارضة الرئيسية، بدا وكأنه يوجّه أنظاره إلى المؤسسات الأمنية والعسكرية، لإظهار بسط سيطرته على موازين القوى في البلاد، فزار أمس قيادة المنطقة المركزية العسكرية في القاهرة، والتقى ضباط الجيش وجنوده في حضور جنرالات، بعد أسبوع من اجتماعه بقادة الشرطة وضباطها. ويأتي ذلك في وقت نحّى مرسي جانباً لغة التفاوض مع قوى المعارضة الرئيسية، التي بدأت خلال الأيام الأخيرة تصعيد لهجتها لجهة المطالبة بانتخابات رئاسية مبكرة. وتوارى إلى الخلف الحديث عن جولات جديدة ل «الحوار الوطني» الذي كان يُعقد في الرئاسة، وترك مرسي تلك المهمة لحزب «الحرية والعدالة» (حزب الإخوان المسلمين) الحاكم. وعلمت «الحياة» أن حزب «النور» السلفي يقوم بجولات ماراثونية للتوسط بين الحكم وبين «جبهة الإنقاذ الوطني»، وأن محادثات تجري في الأروقة من أجل إقناع السلطة بضرورة إطاحة حكومة هشام قنديل، وتشكيل حكومة توافق وطني. وأفيد أن «النور» تلقى عرضاً من حزب «الحرية والعدالة» يقضي باستمرار رئيس الحكومة الحالية هشام قنديل في منصبه، باعتبار أن التوافق على بديل يحتاج إلى وقت، مع إجراء تعديل وزاري واسع، لينضم إلى الحكومة محسوبون على «النور» وبعض الأحزاب المنضوية في «جبهة الإنقاذ»، مع الإبقاء على عشر حقائب يشغلها قادة في «الإخوان المسلمين» باعتبارها «حصة الحزب الحاكم». لكن هذا العرض لم يلق قبولاً من قيادات «جبهة الإنقاذ» على اعتبار أن بعض الوزراء المحسوبين على «الإخوان» سيمكنهم، بحكم وضعهم النافذ في الحكومة، التأثير على الانتخابات التشريعية التي أوقفها القضاء المصري. وتطالب المعارضة بتغيير هؤلاء وتعيين مستقلين مكانهم بهدف «ضمان الحيادية». كما أفيد أن حزب «الحرية والعدالة» رفض في شدة مطلب إطاحة النائب العام المستشار طلعت عبدالله، وهو مطلب رئيسي ل «النور» السلفي و «جبهة الإنقاذ»، بدعوى «عدم امتلاك الرئيس سلطة دستورية لإقالة النائب العام». وكان الرئيس المصري زار أمس قيادة المنطقة العسكرية المركزية في ضاحية العباسية (شرق القاهرة) وأدى صلاة الجمعة مع قادة وضباط الجيش، قبل أن يجتمع معهم. وسعى كل من مرسي ووزير الدفاع عبدالفتاح السيسي إلى تبديد تكهنات بوجود خلافات بين الرئاسة والجيش، كما سعى مرسي إلى إظهار بسط نفوذه على المؤسسة العسكرية، في مواجهة دعوات متزايدة لعودة الجيش للسيطرة على السلطة. وأظهرت لقطات مصوّرة لصلاة الجمعة وقوف مرسي عقب أدائه الصلاة يصافح المسؤولين، كما وقف يتحدث إلى خطيب الجمعة الدكتور أحمد عمر هاشم. وكان السيسي يسبقه بخطوات، قبل أن ينتظر ويميل بكتفه جانباً ليتقدم مرسي الصفوف، ويخرج السيسي ومرسي متجاورين ومترجلين في طريق يفصل بين المسجد والقاعة الرئيسية التي اجتمع فيها مرسي بضباط الجيش، في حضور السيسي ورئيس أركان الجيش الفريق صدقي صبحي، إضافة إلى كبار قادة الجيش. وتحدث مرسي خلال اجتماع بالضباط مشيداً ب «الدور الوطني الذي يضطلع به الجيش في حماية وتأمين حدود الدولة، باعتباره الحارس الحقيقي للوطن والشعب بكل مكوناته»، ونفى ضمناً أي خلافات بينه وبين الجيش، داعياً أبناء القوات المسلحة والشعب المصري إلى «عدم الالتفات إلى الإشاعات والانتقال إلى مرحلة البناء والإنتاج». وحمل مرسي على من وصفه ب «العدو» الذي يحاول تقسيم المجتمع. وقال: «عدونا في الخارج يحاول أن يفت في عضدنا لكنه لن يستطيع تحقيق مأربه»، مشدداً على أن «وحدتنا هي مصدر قوتنا». وتعهد المضي في «مسيرة الديموقراطية والحرية والعدالة الاجتماعية والعدل واحترام الدستور ودولة القانون مهما كانت التحديات». وأكد أن مصر «ماضية في تحقيق الأهداف العظيمة ومواجهة كل التحديات والوصول إلى مرحلة الوحدة والبناء والإنتاج وكفالة الحقوق والواجبات لكل المواطنين والنهوض بمصر بكل ما فيها من موارد ورجال وإرادة وما حصلنا عليه من حرية لنكفل دولة العدل والقانون والعدالة الاجتماعية». كما اتهم معارضيه ب «تعطيل المسيرة»، قائلاً: «مصر تتحرك إلى الأمام ولا تقف ولا تنظر أسفل الأقدام، إن الأمل في المستقبل أكبر بكثير من الأفراد الذين يريدون تعطيل المسيرة». ودعا مرسي الجيش إلى «مزيد من القوة والتدريب والذود عن تراب الوطن وكل حبة رمل فيه»، مشدداً على «أننا لسنا دعاة حروب ولكننا نحافظ على السلام دائماً»، كما أشاد بدور الجيش «في حماية الثورة، وفي أوقات الحرب والسلام». في غضون ذلك، أعلن حزب «النور» نيته الطعن ضد قانون الصكوك بحجة «عدم دستوريته»، مؤكداً أن تمرير مجلس الشورى للقانون من دون عرضه على هيئة كبار العلماء غير دستوري. وكان مجلس الشورى أقر الثلثاء الماضي بشكل نهائي قانون الصكوك الجديد من دون عرضه على الأزهر، وخلال جلسة إقرار القانون أُجري التصويت على إحالة مشروع القانون على هيئة كبار العلماء في الأزهر لمراجعته لكن الاقتراح لم ينل الغالبية. وقال حزب «النور» في بيان أمس إن «اتجاه حزب الغالبية (داخل مجلس الشورى) إلى عدم عرض القانون على هيئة كبار العلماء، يمثّل إهداراً للمادة الرابعة من الدستور، وهي الأزمة التي انتهت بوعد رئيس المجلس بعرضه على هيئة كبار العلماء، بعد مناقشته مادة مادة، وعودته عن ذلك في اليوم التالي، مبرراً هذا بأنه شكّل لجنة أفادت بعدم قانونية عرض القانون على مجلس الشورى». وأضاف الحزب أن في القانون عواراً دستورياً يتعلق بمواد أخرى أيضاً، مثل غل يد النائب العام عن ملاحقة مرتكبي الجرائم في هذا القانون إلا بناء على طلب من رئيس هيئة المال، وأنه يعتمد على عقود فيها جدل شرعي، كالبيع باشتراط إعادة البيع للمالك والتي تعتبر بيعتين في بيعة، ومثل عقود الاستصناع التي لم يجزها غير الأحناف، وعقود المغارسة التي لا يجيزها غير الظاهرية، ولذلك فإن اجتهاد هيئة كبار العلماء يعتبر رافعاً للخلاف في المسألة. وشدد الحزب على أنه لا يعارض فكرة الصكوك «بل إنه أول من نادى بها من واقع حرصه على تقوية الاقتصاد المصري بطريقة شرعية منضبطة، وتم طرح مشروع للصكوك الإسلامية بالتعاون مع حزب الحرية والعدالة، وروعي فيه الحفاظ على ممتلكات الدولة ومواردها بصورة منضبطة، وقدم المشروع لمجلس الشعب إلا أنه حل قبل مناقشته». على صعيد آخر، ألقت قوات الأمن أمس القبض على نجلي مؤسس حركة «لازم حازم» جمال صابر وشقيقه على خلفية أحداث العنف التي شهدها حي شبرا مطلع الأسبوع الماضي وخلفت 3 قتلى و26 مصاباً. وقال مصدر أمني في تصريحات أوردتها وكالة أنباء الشرق الأوسط إنه «تم القبض على عبدالرحمن جمال صابر وشقيقه أحمد، وكذلك شقيق والدهما، تنفيذاً لقرار النيابة العامة بضبطهم وإحضارهم»، مشيراً إلى أنه «تم اتخاذ كل الإجراءات القانونية حيالهم». وأضاف المصدر أن «المتهم الأول عبدالرحمن هو الذي بدأ المشاجرة التي تطورت إلى معركة بالأسلحة النارية، بينما أحمد هو من يتهمه أهالي القتيل الأول بقتل نجلهم». وكانت الشرطة قد أوقفت في وقت سابق مؤسس حركة «لازم حازم» تنفيذاً لقرار النيابة العامة بضبطه وإحضاره، وتمت إحالته على الفور على النيابة العامة، التي أمرت بحبسه 4 أيام على ذمة التحقيق. سيناء: خطف سائحين على صعيد آخر، نفّذ ملثمون يستقلون سيارة نقل، أمس، عملية خطف سائحة نرويجية وآخر ينتمي إلى عرب إسرائيل كانا في طريقهم من طابا إلى مدينة دهب (جنوبسيناء)، ما يبرز مجدداً الصعوبات التي تواجهها قوات الجيش المنتشرة هناك منذ آب (أغسطس) الماضي في بسط الأمن في شبه الجزيرة. وأعلن مصدر أمني قيام ملثمين مسلحين باختطاف سائحة نرويجية وآخر من عرب إسرائيل في محافظة جنوبسيناء، موضحاً أنه أثناء عودة السائحين من طابا باتجاه مدينة نويبع قام ملثمون مسلحون يستقلون ثلاث سيارات بإجبارهما والسائق الذي كان برفقتهما على التوقف في منطقة الصعبة بجنوبسيناء واختطفوا السائحين وتوجهوا بهما إلى محافظة شمال سيناء. وانتشرت في الآونة الأخيرة عمليات خطف السياح في جنوبسيناء التي ينفذها بدو يسعون إلى الضغط على السلطات الأمنية لإطلاق موقوفين. ورجّح المصدر الأمني أن يكون الهدف من عملية أمس «الإفراج عن أحد ذوي الخاطفين المحتجز على ذمة قضية مخدرات». وأكد أنه تم على الفور تشكيل فريق بحث والتنسيق مع شيوخ قبائل سيناء لضبط الجناه وإعادة المختطفَين.