في وقت أرجأت اللجنة القضائية العليا المشرفة على الاستفتاء في مصر إعلان النتائج لإمهال قضاتها فرصة لفحص الطعون التي تقدمت بها المعارضة ومواطنون ضد تجاوزات قالوا إن الاقتراع شهدها في مرحلتيه، استبقت الحكومة والقوى الإسلامية إعلان النتائج بالتعامل وفقاً لمواد مشروع الدستور الجديد. وأصدر الرئيس محمد مرسي أمس قراراً جمهورياً بفض دور الانعقاد 32 لمجلس الشورى (الغرفة الثانية للبرلمان)، الذي ستنتقل إليه السلطة التشريعية بمجرد إقرار الدستور، ثم أصدر قراراً لاحقاً بدعوة المجلس إلى الانعقاد غداً لافتتاح دورة جديدة. وتشهد الجلسة أداء الأعضاء المعينين الجدد اليمين القانونية، وينتظر أن يلقي فيها رئيس الوزراء هشام قنديل كلمة أمام النواب. وعقد قنديل اجتماعاً أمس مع رئيس مجلس الشورى أحمد فهمي قال إنه شهد البحث في أولويات الأجندة التشريعية للمجلس، ومنها قانون الانتخابات وقانون التأمين الاجتماعي والصكوك الإسلامية والقوانين الخاصة بالعمالة، موضحاً أن «الحكومة كانت تنتظر جهة مشرعة حتى ترسل إليها القوانين التي أعدتها». وأكد أن «الحكومة ستحيل على المجلس في دور انعقاده الجديد مشاريع قوانين عدة»، رغم أن الدستور لم يكن أقر رسمياً أثناء لقاء قنديل وفهمي. وأضاف قنديل: «نتعاون مع السلطة التشريعية ممثلة في مجلس الشورى بهدف التواصل في شأن مهامه الجديدة». وعما تردد عن إجراء تعديل وزاري على حكومته، قال قنديل: «ليس هناك أي شيء محدد في هذا الأمر». وعقدت قوى إسلامية اجتماعات للبحث في الأجندة التشريعية الجديدة، إذ عقدت قيادات في حزب «الحرية والعدالة» اجتماعاً لهذا الغرض، وأيضاً الأعضاء المعينون في مجلس الشورى من التيار السلفي. كما عقد حزب «البناء والتنمية»، الذراع السياسية ل «الجماعة الإسلامية»، اجتماعاً مماثلاً، أطلق خلاله مبادرة «حوار من أجل الوطن» وناشد من خلالها مرسي دعوة كل القوى السياسية إلى «المشاركة في حوار حول القضايا التي تهم الوطن للوصول إلى حلول متفق عليها تسهم في وضع مصر على الطريق الصحيح». من جهة أخرى، أكد وزير الدفاع الفريق أول عبدالفتاح السيسي أن الجيش «هو الضامن الحقيقي لأمن البلاد». وشدد خلال لقائه عدداً من قادة وضباط سلاح «الحرب الكيماوية» على أن المؤسسة العسكرية «تمارس مهامها بتجرد تام ولا يعنيها إلا شعب مصر في إطار عقائد استراتيجية راسخة بأهمية عدم التدخل في الصراعات والممارسات السياسية حتى لا تكون طرفاً ضد آخر إدراكاً منها بمخاطر ذلك على الأمن القومي والاستقرار الداخلي». لكن السيسي حذر من الوضع الاقتصادى «الحرج»، معتبراً أنه «تحد خطير» يواجه البلاد إضافة إلى الخلافات السياسية التي «تتطلب تكاتف جميع المصريين». وفي ما بدا رداً على مرشد «الإخوان» محمد بديع الذي اتهم قيادات الجيش السابقة ب «الفساد»، أشاد السيسي ب «الدور الوطني الذي قام به القادة السابقون للقوات المسلحة». وقال إنهم «ضربوا أروع الأمثلة في التضحية والفداء من أجل الوطن ووضعوا المصلحة العليا للبلاد فوق كل اعتبار فكانوا خير من حمل الأمانة». في غضون ذلك، طرح المنسق العام ل «جبهة الإنقاذ الوطني» التي تضم أبرز قوى المعارضة محمد البرادعي مبادرة للتوافق. وقال في تصريحات لجريدة «الشروق» إنه يمد يديه إلى الرئيس محمد مرسي «شرط تشكيله حكومة إنقاذ وطني، وأن يتحدث كرئيس لكل المصريين، وأن يبدأ من الآن في تشكيل لجنة تأسيسية جديدة تكتب دستوراً لكل المصريين بهدوء شديد حتى لو استغرق عملها عامين». واعتبر البرادعي أن نتائج الاستفتاء تشير إلى «خسارة الجميع» ولا يوجد منتصر. وقال: «حتى من يحق لهم الانتصار فهم لا يتعاملون معه باعتباره نصراً سياسياً بل كأنه انتصار فى حرب»، مضيفاً أن «الدستور حصل على شرعية قانونية وليس على شرعية شعبية أو إنسانية كاملة». واقترح التعامل مع الدستور الجديد باعتباره دستوراً موقتاً على أن يدعو الرئيس إلى تشكيل جمعية تأسيسية حقيقية وممثلة لكل أطياف الشعب كي تعمل بهدوء شديد ومن دون ضغوط أو جداول زمنية، لتنجز دستوراً ديموقراطياً حقيقياً يعيد التوازن المفقود ويحقق العدالة الاجتماعية ويلم الشمل. وعن رفضه تعديل المواد المختلف عليها في الدستور، أبدى استغرابه من تعديل دستور بعد ساعات من الموافقة عليه.