مع سيطرة الجمود على الاتصالات لتأليف الحكومة اللبنانية الى أجل غير مسمى وانتظار تطور ما على صعيد التواصل بين القيادتين السورية والسعودية لعلّه ينتج اختراقاً في جدار العقبات التي تعترض استكمال تأليف الحكومة، سيطرت أجواء من القلق جراء تصاعد حدة السجال السياسي التي أدت الى تجميد الاتصالات، حتى بين الرئيس المكلف سعد الحريري و «حزب الله» الذي طاولته حملة نواب من تيار «المستقبل» متهمة اياه بالوقوف وراء رفع زعيم «التيار الوطني الحر» العماد ميشال عون سقف مطالبه في الحكومة وحملته على الحريري. إلا أن الاخير ناشد جميع الفئات السياسية ووسائل الإعلام اللبنانية أن تغتنم فرصة شهر رمضان الكريم للتعالي عن الجراح ونسيان الإساءة وتفضيل السماح لنبذ الفتن ووقف السجالات». وفيما قالت مصادر في المعارضة ل «الحياة» إن اتصالات أجريت أمس بطريقة غير مباشرة بين جهات موالية وأخرى معارضة من أجل خفض نسبة التوتر في التصريحات تمهيداً للعودة الى قنوات الحوار التي اعتمدت في شأن تأليف الحكومة، قالت مصادر مطلعة على خلفية المناشدة التي صدرت عن الحريري انها «خطوة من جانب واحد، ويفترض استناداً الى هذا البيان أن يلتزم نواب كتلة المستقبل في تهدئة السجال السياسي، ولم تحصل اتصالات مع أطراف في المعارضة في هذا الصدد». إلا أن تلفزيون «المنار» التابع ل «حزب الله» نقل في مقدمة نشرته الإخبارية مساء عن مصدر قيادي في «حزب الله» تأكيده «ان كل كلام عن تقديم تعهد للحريري بإقناع العماد عون بموضوع الحقائب (تعديل مطالبه) كذب وافتراء وادعاءات لا أساس لها من الصحة. ولولا أن المجالس بالأمانات لكانت محاضر الجلسات هي الفيصل في هذه القضية». وجاء هذا الكلام رداً على تصريحات نواب موالين بأن «حزب الله» كان تعهد معالجة مطالب العماد عون، بعد الاتفاق على صيغة الحكومة وهي 15+10+5. ونقلت المنار عن المصدر «ان الافتراءات التي يسوقها البعض هدفها دفع حزب الله الى ممارسة ضغط على العماد عون في موضوع الحقائب.... من المعيب أن تصل الأمور الى هذا الحد والحزب ليس في حاجة الى شهود على ما اتفق عليه مع الحريري مع العلم أن لدينا شهوداً». وسأل المصدر: «إذا كان حزب الله ملتزماً إقناع العماد عون فعلى أي أساس كانت إجراءات رئيس الحكومة المكلف ومدير مكتبه نادر الحريري مع الوزير جبران باسيل ومع العماد عون». كما لفت المصدر الى ان المعاون السياسي للأمين العام للحزب الحاج حسين الخليل «كرر أكثر من مرة خلال لقاءاته مع الحريري أن حصة التيار الوطني الحر أمر يبحث مع العماد عون لا مع «حزب الله». واعتبرت «المنار» أن الرئيس المكلف «وضع مهمته رهينة لدى الخطاب التصعيدي المستعر الذي وزع الاتهامات». في موازاة ذلك، حذر رئيس الحكومة السابق نجيب ميقاتي من «أن يعتقد أحد بان الشراكة الوطنية تتحقق من خلال استهداف رئاسة الحكومة موقعاً ودوراً وصلاحيات». وأعلن ميقاتي وقوفه الى جانب الحريري و «ننوّه بصبره... وندعو الجميع الى التراجع عن فرض شروط تعجيزية بهدف النيل من صلاحيات رئيس مجلس الوزراء». وتحدثت مصادر مطلعة عن إمكان مبادرة رئيس الجمهورية ميشال سليمان الى لعب دور في إعادة التواصل واقتراح مخارج للجمود الحاصل في عملية تأليف الحكومة لأن هذا التأخير في إنجاز الحكومة لم يعد جائزاً. لكن مصادر معنية بالتأليف أشارت الى أن لا معطيات في هذا الصدد، كما ان لا صحة لما قيل عن أن الحريري سيقوم خلال الأيام القليلة المقبلة باقتراح صيغة حكومية تمهيداً لطرحها على الأفرقاء لوضعهم أمام مسؤولياتهم. من جهة ثانية، قالت مصادر في «اللقاء النيابي الديموقراطي» الذي يتزعمه رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط ان وفد اللقاء الذي زار البطريرك الماروني نصر الله صفير أول من أمس أبلغ الأخير رسالة من جنبلاط تؤكد 3 ثوابت هي أنه لن يخرج من الأكثرية وأنه متمسك بصيغة 15+10+5 للحكومة ولن يفك تحالفه مع الرئيس الحريري.