أثار إعلان جماعة «الإخوان المسلمين» عن تقنين وضعها عاصفة من الجدل القانوني، لا سيما أنه جاء متزامناً مع تقرير قضائي أوصى بحل الجماعة التي تنحدر إلى عشرينات القرن الماضي، وقبل أيام من حكم قضائي يتوقع أن يتخذ المنحى نفسه. يأتي ذلك في وقت تتوسع المطالبات بإجراء انتخابات رئاسية مبكرة. وكانت جماعة «الإخوان المسلمين» كشفت أنها وفقت أوضاعها كجمعية أهلية. لكن على ما يظهر أن هذا القرار سيضع الإخوان أمام معضلات كبيرة. فبحسب قرار الإشهار فإن المتقدم بطلب إشهار «جمعية الإخوان المسلمين»، هو عضو في الإخوان يدعى محمد عاكف، وليس مرشدها العام محمد بديع، ما يجعل من الجمعية المشهرة وكأنها فرع من فروع الجماعة الأم. كما أن قانون الجمعيات يلزم الجمعيات الأهلية المشهرة عدم العمل السياسي، الأمر الذي ستلتف عليه الجماعة على ما يبدو عبر ذراعها السياسية «حزب الحرية والعدالة». كما أنه يحدد ضوابط قاسية للتمويل الخارجي الذي يعد المورد الرئيسي لإنفاق «الإخوان المسلمين» لا سيما في أوقات الاستحقاقات، ويضع الجماعة تحت طائلة رقابة الأجهزة الرقابية. وبدا أن الجماعة تسعى إلى تدارك هذا في قانون جديد للجمعيات الأهلية يسعى مجلس الشورى، الذي يهيمن عليه «الإخوان المسلمين، إلى تمريره خلال أيام، إذ رفع عقوبات السجن عن تلقي التمويلات الخارجية، واكتفى بالغرامات. وكان من المقرر أن تصدر محكمة القضاء الإداري الثلثاء المقبل أحكاماً في دعاوى أقامها معارضون، طالبوا فيها بحل جماعة الإخوان لمخالفتها القانون، وعدم تقنين أوضاعها طبقاً لقانون الجمعيات الأهلية. لكن مع الوضع الجديد للجماعة، تقدم عبد المقصود أمس بطلب لمحكمة القضاء الإداري لفتح المرافعة من جديد «لوجود أسباب جديدة حدثت، من شأنها أن تغير في رأي المحكمة». من جانبها أوضحت وزيرة التأمينات والشؤون الاجتماعية نجوى خليل أنها تلقت طلباً بإشهار جمعية باسم «الإخوان المسلمين» بالإخطار وفقاً للمادة 51 من الدستور الجديد، الثلثاء الماضي، وأشارت إلى أنه تم الإشهار تحت رقم 644 لسنة 2013، وبعد أن تحققت الوزارة من الشروط الواجب توافرها واستوفيت جميع المستندات المطلوبة في القانون 84 لسنة 2002، وأكدت خليل أن الوزارة ستتابع أنشطة وموازنة جمعية الإخوان المسلمين بدءاً من وقت إشهارها كجمعية وفقاً للقانون، وستلتزم مثل غيرها بتوفيق أوضاعها لحين إقرار القانون الجديد. وفي شأن الدعوى القضائية المنظورة حالياً أمام محكمة القضاء الإداري في مجلس الدولة ووضع الجماعة، شددت خليل على أن الوزارة لا دخل لها في عمل القضاء، ولكنها في الوقت نفسه أعربت عن استعدادها للتعاون مع القضاء في حال طلب أي معلومات أو تقارير أخرى تدخل في نطاق عمل الوزارة. في غضون ذلك دعا بيان لأحزاب عدة وشخصيات سياسية معارضة ومرشحين سابقين للرئاسة إلى تنظيم انتخابات رئاسية مبكرة في أيلول (سبتمبر) المقبل. ووقع البيان أحزاب سياسية عدة وشخصيات معارضة بينهم رئيس حزب المصريين الأحرار أحمد سعيد وحسام عيسى نائب رئيس حزب الدستور وجورج إسحق والمرشحان الرئاسيان السابقان خالد علي وأبو العز الحريري والكاتب علاء الأسواني، والنواب السابقون زياد العليمي وباسل عادل وباسم كامل ومصطفى الجندي، والنشطاء بثينة كامل ونوارة نجم وخالد تليمة والمتحدث باسم جبهة الإنقاذ الوطني حسين عبد الغني. وعزا الموقعون على البيان دعوتهم إلى أنه «منذ تولي مرسي الرئاسة بدأت خطة تمكين واضحة لتغلغل جماعة الإخوان المسلمين في مفاصل الدولة والأدلة والأمثلة كثيرة» ووصف البيان نظام الحكم في البلاد ب «الفاشي»، وقال إن ذلك ظهر بوضوح في تظاهرات «جمعة كشف الحساب» في تشرين الأول (أكتوبر) الماضي بعد أول مئة يوم من حكم مرسي حينما توافد الآلاف من «ميليشيات الإخوان» بالطوب لضرب المتظاهرين سلمياً في ميدان التحرير اعتراضاً على انتقاد أداء مرسي. وأضاف البيان أن»الطامة الكبرى في موقعة الاتحادية والاعتداء على المعتصمين والمتظاهرين السلميين للمرة الثانية، ثم الاعتداء على بعض الشباب الذين كانوا يعبرون عن آرائهم ببعض رسوم الغرافيتي أمام مكتب إرشادهم المقدس»، لافتاً إلى أن «وقائع التعذيب موثقة». في غضون ذلك رفضت محكمة إسبانية أمس طلباً مصرياً بتسليم رجل الأعمال حسين سالم ونجله خالد إلى مصر، لتنفيذ حكم بالسجن الغيابي لمدة 15 عاماً أصدرته محكمة قاهرية، تتعلق بإهدار المال العام والإضرار العمد به بأكثر من 700 مليون جنيه، فيما عرف بقضية «أرض جزيرة البياضية». وقال مصدر قضائي مسؤول إن جهاز الكسب غير المشروع لم يتقدم بأية طلبات جديدة لتسليم حسين سالم إلى مصر، منذ صدور حكم المحكمة الدستورية الأسبانية (المحكمة العليا) في كانون الأول (ديسمبر) الماضي برفض تسليم سالم ونجليه، في ضوء قضايا الفساد المالي المتهمين بارتكابها في مصر. وأوضح المصدر أن المحكمة الأسبانية العليا أوضحت حينها في أسباب الحكم أن الدستور الأسباني لا يجيز تسليم المواطن الأسباني المتهم بارتكاب جريمة في بلد آخر، إلا في حال وجود اتفاقية تعاون قضائي وقانوني ثنائية بين أسبانيا وهذا البلد، وأنه لا يتم الاعتداد بالاتفاقات متعددة الأطراف، مثل اتفاقية الأممالمتحدة لمكافحة الفساد التي استندت إليها مصر في السابق كركيزة في طلبات تسليم حسين سالم. وكشف المصدر النقاب عن وجود موافقة مبدئية منذ كانون الثاني (يناير) الماضي من جانب الحكومة الأسبانية، على عقد اتفاقية ثنائية مع مصر للتعاون القضائي والقانوني، تنطوي على تبادل تسليم المجرمين، على نحو من شأنه حال إبرام الاتفاقية أن يمكن مصر من طلب تسليم حسين سالم ونجليه لمحاكمتهم عن وقائع الفساد المالي التي قاموا بارتكابها، دونما الحاجة إلى انتظار صدور أحكام قضائية نهائية بالإدانة ضدهم. وأضاف أن اقتراب مصر من إبرام هذه الاتفاقية مع أسبانيا أصاب حسين سالم بحالة من «القلق والاضطراب الشديد» دفعته إلى المبادرة بمخاطبة السلطات القضائية المصرية للتصالح وتسوية منازعاته المالية في القضايا المتهم فيها بارتكاب جرائم عدوان على المال العام. وأوضح المصدر أن الجهاز أصدر أوامر متجددة إلى الشرطة الجنائية الدولية (انتربول) بالقبض على حسين سالم، مشيراً إلى أن الانتربول أصدر «مذكرة حمراء» لاعتقال سالم، وهو ما يجعله غير قادر على مغادرة أسبانيا وإلا سيتم إلقاء القبض عليه وتسليمه إلى مصر، لافتاً إلى أن المذكرة الحمراء شملت أيضاً الاسم الإسباني الجديد الذي اختاره سالم لنفسه في محاولة للتمويه، وهو حسين سالم فوزي، علاوة على اسمه الأصلي حسين كمال الدين إبراهيم سالم. وأشار إلى وجود قضية متداولة حالياً أمام القضاء الإسباني متهم فيها حسين سالم بغسل الأموال داخل إسبانيا، وأن مصر تدخلت في هذه القضية كطرف في الادعاء ضد سالم، وأن السلطات القضائية الأسبانية قبلت هذا التدخل، باعتبار أن مصر صاحبة صفة ومصلحة مباشرة.