تعدّلت خطة إنقاذ قبرص في الشق المتعلق بفرض ضرائب على الودائع في المصارف العاملة في الجزيرة، بعدما أثارت رفضاً واحتجاجات محلية ودولية. وبرز أمس مشروعان معدّلان، الأول وضعته قبرص متخلّية عن الضريبة على الودائع المصرفية التي تقلّ عن 20 ألف يورو، فيما أبقتها على الودائع الأعلى والواردة في خطة الإنقاذ الأوروبية، استناداً إلى نسخة عن مشروع القانون المعدل الذي حصلت عليه وكالة «فرانس برس» أمس. ويبقي مشروع القانون المعدل، الضريبة بنسبة 6.75 في المئة على الودائع التي تراوح قيمتها بين 20 ألف يورو و100 ألف، ونسبة 9.9 في المئة على الودائع التي تفوق مئة ألف. والثاني إضطرار مجموعة اليورو إلى إعادة مناقشة الخطة، وطلبت مساء أول من أمس، استثناء أصحاب الودائع التي تقلّ عن مئة ألف يورو. وقررت العدول عن «فرض أي رسم على الودائع المصرفية للمودعين الذين يملكون اقل من 100 الف يورو في حساباتهم». لكن القرار النهائي «سيكون من صلاحيات السلطات القبرصية». وأفاد مصدر أن «منطقة اليورو تؤيد عدم فرض أي رسم على المودعين الصغار». وأعلن وزراء المال، أن «السلطات القبرصية ستعتمد مزيداً من الخطوات التدريجية المتعلقة بالرسم الاستثنائي على الودائع». وفي انتظار ما سيخرج به البرلمان القبرصي المفترض أن يكون صوّت على الخطة مساء أمس، أعلن الناطق باسم الحكومة القبرصية خريستوس ستيليانيدس، ان الرئيس نيكوس اناستاسيادس سيجري محادثات جديدة مع المستشارة الألمانية انغيلا مركل، حول خطة الإنقاذ. ولفت إلى أن الرئيس أجرى اتصالاً ليل أول من أمس مع مركل، واطلعها على الوضع في قبرص، وأبلغها «إمكان خفض حاجات القرض بواسطة أموال قبرصية». وشددت مركل، وفق ما نقلت الناطقة باسمها أمس، على «إجراء المفاوضات المتعلقة بخطة المساعدة مع الترويكا فقط». وفي المواقف بعد التشاور الهاتفي بين وزراء مال اليورو، أعلن وزير المال الفرنسي بيار موسكوفيسي، أن منطقة اليورو «أيّدت بالإجماع مساء أول من أمس، إعفاء الحسابات المصرفية التي تقل عن مئة ألف يورو في قبرص من الضريبة». وأعلن أن نظيره القبرصي ميكاليس ساريس، هو الذي دعا في إطار المجموعة الأوروبية الجمعة الماضي، إلى «هذا التوازن بما في ذلك فرض ضريبة على المودعين أياً تكن ودائعهم»، كاشفاً عن «حصول تباينات في الاجتماع الجمعة الماضي». ورأى موسكوفيسي، أن «خيار توزيع عبء الضرائب من اختصاص السلطات القبرصية». وأعلن أن «ما تقترحه منطقة اليورو هو إعادة توزيع مختلفة للنسب، على أن تبقى العائدات من دون تغيير أي 5.8 بليون يورو». وأشار الى أن «مبدأ عدم مسّ الحسابات التي تقل عن مئة ألف يورو راسخ جداً في أوروبا»، لأن الودائع التي تقل عن هذا المبلغ «مضمونة»، مؤكداً «الإجماع» في منطقة اليورو «على هذا الرأي». ولم يستبعد حاكم البنك المركزي القبرصي بانيكوس ديميتريادس، في كلمة أمام اللجنة المالية البرلمانية، أن «تخسر المصارف القبرصية أكثر من عشرة في المئة من قاعدة ودائعها في خلال أيام في حال فرض ضريبة على الودائع المصرفية». وأوضح أن البنك المركزي القبرصي والبنك المركزي الأوروبي «يفضلان إعفاء كل الودائع التي تقل عن 100 ألف يورو من الضريبة». وأكد ديميتريادس أمس أن مشروع القانون المعدل الذي يعفي المودعين الصغار من الضريبة المصرفية «لن يتيح جمع مبلغ 5.8 بليون يورو». وأيّدت مديرة صندوق النقد الدولي كريستين لاغارد أمس، «جهود الحكومة القبرصية لتخفيف العبء عن المودعين الصغار». وشددت على «حاجة قبرص إلى تقليص حجم قطاعها المصرفي وإعادة هيكلته.» وأعلنت البورصة القبرصية تعليق التداول أمس واليوم، بسبب إقفال كل المصارف، ل «ضمان حسن إدارة البورصة وحماية المستثمرين». وكانت المصارف أقفلت بعد إعلان الخطة، بعدما أثارت مخاوف من تهافت على شبابيكها. وأكد وزير المال الألماني فولفغانغ شويبله، في مقابلة مع إذاعة «دويتشلاند فونك»، أن من البديهي أن «يتحمّل مَن يستثمر أمواله الأخطار، في دول يدفع فيها ضرائب أقلّ أو تفرض عليه رقابة أقلّ». وقال «إذا لم يساهم هؤلاء، فسيكون على دافعي الضرائب الأوروبيين تمويل بلايين من الاستثمارات الأجنبية في قبرص». واعتبر أن «النموذج الاقتصادي القبرصي»، الذي يقوم على التسهيلات المالية واجتذب منذ سنوات رؤوس أموال أجنبية، «مفلس». لكن ألمانيا «تفضل عدم فرض الضريبة سوى على المستثمرين الكبار والمساهمين في المصارف». وأكد أن قبرص «لم تكن تريد سلوك هذه الطريق»، وشدد في إطار دفاعه عن الأوروبيين، أن «لا ألمانيا ولا أي بلد أوروبي يتحمّل مسؤولية هذا النموذج». إلى ذلك، اعتبر معهد المالية الدولي الذي يضم المصارف العالمية الكبرى، أن خطة إنقاذ قبرص «سيئة». ورأى أن قادة الاتحاد الأوروبي ومنطقة اليورو وصندوق النقد الدولي، «وضعوا سابقة خطيرة جداً»، إذ مسّوا «بحرمة الودائع المصرفية المضمونة، ويبدو أن السوء وقع». ولفت إلى أن «ذلك يقوض صدقية نموذج ضمان الودائع الأوروبي، وسيجعل من الصعب استخدام هذا النوع من الحماية في المستقبل، للعمل على استقرار الوضع بعد حال هلع أو أزمة مصرفية». وحذّر المدير العام لصندوق الإنقاذ في منطقة اليورو كلاوس ريغلينغ الحكومة القبرصية، من «أي مبادرة لتخفيف بنود خطة الإنقاذ». ورأى في مقابلة مع صحيفة «بيلت»، أن «تحديد هوية مَن سيدفع ثمن استقرار البلاد ومصارفها، يعود إلى الحكومة القبرصية». ونبّه إلى «إفلاس لا يمكن التحكم به، ويمكن أن يعرض اليورو للخطر»، مؤكداً أن «كل الأرقام تدل على سلوك الدول التي تمر في أزمات مثل إرلندا والبرتغال، الطريق الصحيحة».