تستعد المعارضة الإسلامية الأردنية إلى التصعيد مجدداً ضد أجهزة الدولة، في تظاهرة تنظمها ذراعها الشبابية المعروفة باسم «حراك 24 آذار» الأحد المقبل إحياء لذكرى انطلاقه وسقوط أول ضحايا الحركة الاحتجاجية في البلاد، وهو الإسلامي خيري جميل سعيد الذي قضى قبل عامين على أيدي أفراد من الشرطة كانوا يفضون اعتصاماً مفتوحاً دعا إليه الحراك نفسه. في غضون ذلك، يلتقي رئيس الحكومة الأردنية المكلف عبدالله النسور اليوم ممثلين عن الجماعة وعدداً آخر من قادة الأحزاب لمشاورتهم في شكل الحكومة المقبلة وأبرز التحديات التي تواجه المملكة، على ما أفاد مصدر رسمي ل «الحياة». ومن الممكن أن تشهد التظاهرة المرتقبة احتكاكاً بين المتظاهرين والشرطة بسبب تعهد الحراك الذي يضم في غالبيته شخصيات «إخوانية» شابة وعدداً أقل من الناشطين القبليين، رفع شعارات ساخنة قد تساهم في إعادة هدم الجدران المحرمة، إلى جانب عزم التظاهر عند دوار الداخلية (ميدان جمال عبدالناصر) وسط العاصمة عمان الذي سبق أن حظرت السلطات التظاهر فيه على اعتبار أنه منطقة «حساسة»، مؤكدة استخدام القوة إن لزم الأمر. وقال الحراك في بيان نادر أمس: «لقد استنفدت السلطة على مدار عامين من التظاهر الوطني السلمي كل الفرص الشعبية للإصلاح والتغيير، وهي بذلك أثبتت عدم رغبتها في تحقيق إصلاحات تعيد السلطة إلى الشعب وتحاسب المفسدين والسماسرة». وأضاف أن «حصيلة الإصلاحات الرسمية أوهام وسراب لم يعد يصدقها الشعب الأردني». وذهب إلى حد القول إن «دائرة المخابرات العامة (الواسعة النفوذ) تسير في البلد نحو الهاوية، ومزيد من الأزمات والاحتقان». وسوف تضغط التظاهرة كما ظهر في الدعوات إليها، من أجل إجراء تعديلات دستورية من شأنها المس بصلاحيات العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني. وقال القيادي البارز في «الإخوان» زكي بني أرشيد ل «الحياة»: «نتحدث عن مرحلة جديدة بعد مضي عامين على الحركة الشعبية المستمرة، ومن عدم الاستماع إلى المطالب الإصلاحية». في المقابل، قالت الحكومة الأردنية المكلفة أمس إن «الأردن نجح في أن يكون مثالاً يحتذي به العالم العربي على صعيد الديموقراطية والأمن والاستقرار». وأضافت في تصريحات نقلتها وكالة الأنباء الرسمية (بترا) أمس: «نجحنا طيلة العامين الماضيين في انتهاج الديموقراطية والمحافظة على الأمن والاستقرار وسط بيئة إقليمية رافقتها تطورات سياسية اتسمت بالعنف أحياناً». وعلى مدى نحو عامين، يشهد الأردن احتجاجات سلمية تستلهم أحداث «الربيع العربي» ينظمها إسلاميون وعلمانيون وشخصيات عشائرية، غير أنها تركز على إصلاح الحكومة والحد من سلطات الملك بدل إطاحته. في غضون ذلك، يلتقي النسور اليوم ممثلين عن جماعة «الإخوان»، وفق قيادي بارز في حزب «جبهة العمل الإسلامي»، الذراع السياسية للجماعة، وأكبر أحزاب المعارضة. وقال الأمين العام للحزب حمزة منصور ل «الحياة»: «وجهت إلينا دعوة للقاء الرئيس المكلف اليوم، وقررنا تلبيتها من منطلق التواصل مع الجميع، رغم أن موقفنا واضح من مجمل العملية السياسية». إلى ذلك، أوصت لجنة «حكماء» داخلية بإعادة تشكيل المكتب التنفيذي للفرع «الإخواني» الأردني الذي يمثل حكومة مصغرة ويسيطر عليه التيار المتشدد «الصقور»، ليضم بعض القيادات المعتدلة (الحمائم)، في محاولة لاحتواء الأزمة التي تعصف بالتنظيم الأكبر في البلاد. وعلمت «الحياة» أن هناك توافقاً أولياً بين قيادات التيارين على إعادة تشكيل المكتب، بعد أقل من عام على انتخابه في أيار (مايو) الماضي. كما علمت أن التوصية ستطرح على اجتماع طارئ لمجلس شورى الجماعة، أعلى هيئة قيادية داخل التنظيم، يرجح أن يعقد نهاية الأسبوع. وتضمن التوصية بقاء الشيخ همام سعيد (المتشدد) مراقباً عاماً للجماعة، على أن يستقيل عدد من أعضاء المكتب الحاليين، ليحل مكانهم أعضاء من التيار الآخر. وقال سعيد: «ستطرح المبادرة خلال أيام ونأمل بالموافقة عليها». وتأتي هذه التوصية على وقع أزمة مستحكمة بين السلطة والجماعة، وبعد مرور أشهر قليلة على جدل داخلي واسع، إثر مبادرة جديدة ل «الإصلاح» سميت «مبادرة زمزم»، أعلنتها شخصيات محسوبة على «الحمائم» وحاولت الاقتراب فيها من مؤسسة الحكم. لكن القيادة الحالية اعتبرتها محاولة «لشق الصف وتقديم تنازلات مجانية للنظام الهاشمي». وقال القيادي في التيار المعتدل رحيل الغرايبة ل «الحياة» معلقاً على التوصية: «نتمنى أن ينتهي حال الانقسام داخل الجماعة، وأن يختار الفرد بناء على كفاءته لا على نظرية المحاصصة». وأضاف: «نأمل بأن تنجح التوصية في إنهاء ظاهرة المال السياسي المستخدم من أجل الوصول إلى المواقع القيادية داخل الجماعة». وكانت «الحياة» نشرت أخيراً وثيقة سرية طرحتها قيادات «إخوانية» شرحت من خلالها حال الاختلاف داخل أروقة التنظيم المعارض. وأشارت إلى ما أشيع خلال الفترة الماضية عن استخدام بعض قيادات الجماعة ل «المال السياسي» خلال الانتخابات الداخلية التي صعدت بالتيار المتشدد إلى حكم الجماعة. لكن قيادات «صقورية» اتهمت مصدري هذه الوثيقة بالسعي إلى «زرع الفرقة وبذور الخلاف داخل صفوف الجماعة على أسس غير نظيفة».