يترقب الأردنيون غداً تظاهرات دعت إليها «أقطاب» المعارضة في العاصمة عمان لإنهاء ما أسمته «عصر المكارم الملكية». ودعت «الجبهة الوطنية للإصلاح» التي يتزعمها رئيس الوزراء السابق أحمد عبيدات، إضافة إلى جماعة «الإخوان المسلمين» ومجموعات شبابية تطلق على نفسها اسم «هبة تشرين»، إلى تظاهرات ضخمة لتأكيد مطالبها المتعلقة بإلغاء قرار الحكومة رفع الأسعار، والمطالبة بتعديلات دستورية من شأنها المس بصلاحيات القصر. لكن السلطات الأردنية سارعت إلى إعلان «خطة أمنية» تتضمن إغلاق الشوارع الرئيسة داخل العاصمة الأردنية اعتباراً من مساء اليوم، وعزل مناطق عدة في محيط دوار الداخلية (منطقة انطلاق التظاهرات) الأكثر حساسية في البلاد. ودفع هذا الإعلان المعارضة الإسلامية إلى اعتباره محاولة من السلطات ل «تقليص أعداد المشاركين في التظاهرات»، لكن قيادات أمنية نفت ذلك وأكدت أن هدف الخطة «منع الاحتكاك بين تظاهرات الولاء والمعارضة» بعد أن أعلنت مجموعات شبابية مؤيدة للحكومة تنظيم تظاهرة في المكان والزمان الذي أعلنت عنهما المعارضة. وكان شباب «هبة تشرين» ناشدوا الشعب الأردني المشاركة في تظاهرات الغد لإنهاء ما قالوا إنه «عصر المكارم»، داعين إلى «إدامة الحراك الشعبي وتطويره نوعاًَ وكماً لبناء دولة أردنية حقيقية». من جهته، قال عبيدات خلال مؤتمر صحافي أمس إن «سقف تظاهرات الجمعة هو شعار إصلاح النظام»، معتبراً أن تقديم الضمانات لحمايتها «يقع ضمن مسؤوليات الدولة الأخلاقية، لكنه ليس منّة»، وأن منظمي تظاهرات المعارضة ليسوا «عصابة تجهز حماية ضد عصابة أخرى». وكشف عن اتصاله برئيس الحكومة عبد الله النسور ومطالبته بتحمل الدولة مسؤولياتها الكاملة لحماية المتظاهرين، موضحاً أن قيادات أمنية تواصلت معه خلال الساعات ال 48 الماضية، وأكدت اتخاذها الإجراءات كافة لحماية التظاهرات والحفاظ على حرية التعبير. وفي لهجة حادة، قال عبيدات إن «الجبهة لن تقامر باستقرار البلد وأمنه، وفي حال منع المشاركون الوصول إلى موقع التظاهرات، سيكون لكل حادث حديث». وفي خطوة أخرى بدت لافتة، فاجأ كيان جديد يطلق على نفسه «الملتقى الوطني لمتقاعدي جهاز المخابرات العامة»، الأوساط السياسية والرسمية بإصدار بيان نادر يحمّل الدولة مسؤولية «الأزمة» التي آلت إليها البلاد. وانتقد البيان الذي تلقت الحياة» نسخة منه ما أسماه «الإدارة العبثية للدولة»، وأكد أن «الفساد المستفحل هو فساد سياسي بالدرجة الأولى». وطالما وجهت العارضة، خصوصاً الإسلامية، نقداً لجهاز المخابرات الذي يتمتع بصلاحيات واسعة في الأردن. وكانت لافتة خلال الأشهر الماضية شعارات أطلقتها قوى معارضة ضد هذا الجهاز، مطالبة بتحجيم صلاحياته وأدواره. يأتي ذلك، فيما أطلقت قيادات «إخوانية» (محسوبة على التيار المعتدل داخل الجماعة أو ما يعرف بالحمائم) مبادرة تسعى إلى بلورة «تيار إسلامي جديد» تحت مسمى «المبادرة الأردنية للبناء» أو وثيقة «زمزم»، وهي المبادرة التي تسببت بجدل واسع داخل أروقة جماعة «الإخوان» التي يسيطر عليها التيار المتشدد (الصقور). وفيما اعتبرت قيادات إسلامية ومناصرون لها أن فكرة المبادرة بأنها تمثل «خطوة على طريق الانشقاق الداخلي»، أكد مؤسسو المبادرة أنها «مكملة» لدور الحركة الإسلامية وليست انشقاقاً على أحد. وجاءت تصريحات أحد أبرز مؤسسي المبادرة أمس لتحمل مضامين جديدة يتوقع أن تزيد حدة الجدل داخل صفوف الجماعة، حسبما يرى مراقبون لشؤون الحركات الإسلامية في عمان، خصوصاً أن هذه التصريحات التي قدمها «الإخواني» البارز محمد المجالي ل «الحياة»، اعتبرت أن إطلاق المبادرة جاء «بسبب إهمال الحركة الإسلامية» للقضايا الداخلية وتوجهها نحو القضايا العربية والإسلامية والقضية الفلسطينية. وتتضمن المبادرة بنوداً عدة أبرزها «حفظ هيبة الدولة الأردنية، واعتماد مبدأ التدرج للانتقال نحو الديموقراطية، والسعي إلى تقريب الأمناء إلى مراكز صنع القرار، والمشاركة في الحكومات».