قررت الحكومة العراقية معاودة العمل بقانون التعرفة الجمركية في شكل جزئي خوفاً من تقلبات مفاجئة في أسعار البضائع في السوق المحلية. وقال الأمين العام لمجلس الوزراء علي محسن العلاق خلال ترؤسه اجتماع اللجنة التنسيقية العليا لمتابعة الأداء الحكومي، التي تضم محافظ البنك المركزي بالوكالة رئيس ديوان الرقابة المالية عبدالباسط تركي ورئيس الهيئة العامة للجمارك منذر عبد الأمير وعدداً من ممثلي الجهات المعنية إن «الأمانة العامة تتابع ملف المنافذ الحدودية وقد تُفرض رسوم رمزية على البضائع المستوردة كمقدمة لتطبيق التعرفة الجمركية في كل المنافذ». قانون 2010 وأقر العراق قانون التعرفة الجمركية الرقم 22 عام 2010 ودخل حيز التطبيق في 6 كانون الأول (ديسمبر) من العام ذاته، إلا أن انتقادات واسعة تطورت إلى تظاهرات شعبية حالت دون التزام الحكومة بالقانون وقررت التريث. وشدّد العراق على ضرورة إزالة المعوقات في وجه المستثمرين في القطاع المصرفي والنظام الجمركي، مؤكداً أن عدم إنجاز المشاريع مرتبط بالظروف والعوامل التي ترافق النظم الخاصة بالجمارك والمصارف إضافة إلى التعقيدات والمشاكل التي تواجه الشركات المستثمرة. وتطرق تركي إلى أبرز المعوقات في وجه هيكلة المصارف العامة وعدم قدرة المصارف الخاصة على تحقيق التنمية، مؤكداً سعي المصرف إلى تسجيل الشركات الخاصة إذ إن 1200 شركة كانت مسجلة وسجِلت الآن 1500 شركة . مصاعب التطبيق ولفت عبد الأمير إلى «مصاعب تطبيق التعرفة الجمركية بسبب عدم وجود ساحة لوقوف السيارات أو مخازن جمركية»، مبدياً استعداد كادر الهيئة للبدء بتطبيقها بعد تدريب أكثر من 80 في المئة من الموظفين في المنافذ الحدودية. واتفق المجتمعون على عقد اجتماع آخر الأسبوع المقبل لمناقشة الآليات المناسبة لرفع موانع تطبيق الخيارات المناسبة لترتيب النظام المالي والمصرفي، والتطبيق الأمثل للرسوم الجمركية من خلال توصيات ترفع إلى مجلس الوزراء. وأيد الخبير في مجال المنافذ الحدودية أرسلان سالم العباسي تطبيق القانون، معتبراً أنه من أبرز أدوات الحكومة لتنظيم السياسة التجارية وحماية السوق والمنتج المحلي. وأكد ل «الحياة» أن من حق الدولة فرض قيود على حرية تدفق السلع من الخارج، إما عبر منعها من الدخول أو عبر فرض رسوم. وأكدت عضو اللجنة الاقتصادية النيابية نورة السالم البجاري أن «لا أحد يعترض على حرية التجارة، ولكن هناك أهداف أخرى يجب تحقيقها ومنها حماية الصناعات الوطنية ومساعدتها للوقوف في وجه الصناعات الأجنبية وعدم تعرض البلد إلى سياسة الإغراق بالسلع الرديئة، كما يحصل الآن». وأضافت أن فرض الرسوم يعني إنعاش الصناعة المحلية العاجزة تماماً عن منافسة المستورد المعفى من أي رسوم، ما شجع الدول المنتجة على زيادة تعاملها التجاري مع العراق، لا بل إلى التدخل في الشؤون السياسية الداخلية عبر دعم جهات نافذة للإبقاء على هذا القانون مجمداً، ودعم جهات أخرى لضرب مصالح منافسين من دول أخرى. ولفتت إلى أن ذلك يساعد على بقاء الأموال داخل البلد، فالصناعة المحلية توفر على الدولة كلفة الاستيراد وتخلق فرص عمل. ورأت عضو اللجنة الاقتصادية ناهدة الدايني أن «تطبيق هذه القوانين سيدفع ثمنه المواطن العراقي لأن التاجر يهتم فقط لأرباحه وسيلجأ إلى إضافة الرسوم على قيمة السلع وطرحها في السوق». ولم تستبعد وجود ضغوطات تمارسها دول الجوار، خصوصاً إيران وتركيا، لتمديد تجميد تطبيق هذه القوانين، إذ تعتبران العراق سوقاً خاصة لتصريف بضائعهما وجزء كبير منها ذو نوعية رديئة، وهذا مؤكد عبر ضبط شحنات كبيرة من مواد تبين أنها فاسدة مثل اللحوم والمعلبات. وأردفت: قيمة التجارة الخارجية مع إيران وتركيا تتجاوز 25 بليون دولار، ما يدفعهما إلى العمل بجهد للضغط أو إيجاد منافذ عبر برلمانيين ومسؤولين لعدم تطبيق أي قرار لا يصب في مصلحتهما. وكان الناطق باسم وزارة التخطيط والتعاون الإنمائي عبد الزهرة الهنداوي أكد في تصريح إلى «الحياة» أن تجميد قانون التعرفة يعود لوزارة المال،، وهيئة الجمارك تنفذه. واستبعدت المستشارة الاقتصادية في مجلس الوزراء سلام سميسم حدوث تداعيات سلبية على المنتج المحلي في حال لم يطبق قانون التعرفة، مؤكدة أن مشاكل زيادة الكلف ووجود أعداد كبيرة من الفائضين في القطاع الصناعي ستبقى، حتى في حال دعم الصناعة الوطنية، ما يعني أنها ستظل غير قادرة، حالياً على الأقل، على منافسة المنتج الأجنبي.