الفتح هذا النادي السعودي العريق الذي أبصر النور في خريف 1958 يتربع هذا الموسم على عرش صدارة الدوري السعودي «زين» ب55 نقطة وبعيداً عن «الهلال» بسبع نقاط كاملة. في السعودية يبدو رائجاً هذه الأيام أن «الحديث» عن كرة القدم بات أكثر من «فعل» كرة القدم، في دوري «زين» هذا العام فقد 12 مدرباً مناصبهم على التوالي بسبب ضعف نتائج من يُديرونهم من الفرق الرياضية، أو قُل إن النمطية «الرياضية السعودية» تقتضي أن سوء النتائج يعني أولاً ودوماً وتحت أي ظرف تغيير المدرب! بل ربما أكثر من ذلك، في حديثه التلفزيوني بعد مباراة الأهلي مع الغرافة التي انتصر فيها الأهلي بهدفين نظيفين، قال رئيس النادي الأمير فهد بن خالد بن عبدالله إن مدرب الفريق كارل غاروليم لا يستمع لنصائح الإدارة، ثم بعد أقل من 24 ساعة قامت إدارته بإنهاء التعاقد مع المدرب بصورة ودية. نعم الفريق ينتصر في مشاركاته الآسيوية ثم يُنهي عقد مدربه لأنه لا يستمعُ لنصائحِ الإدارة.. لا أدري من المدير الفني هنا، المدرب أم الإدارة؟! في السعودية يقولون إنها ليست كرة قدم! «النصر» يتعارك مع لجنة الانضباط وتمتلئ الصحف ويضج الإعلام، «الهلال» يصطدم باللجنة الفنية ويتحدث عن المؤامرة والتأجيل والتقديم، كثيرة الأمثلة التي تقول إنهم باتوا في السعودية لا يمارسون كرة القدم، بل يتعاركون حول ردود الفعل عن شيء يسمونه كرة القدم. بين كل ذلك، يبدو أن الفتح بقيادة إدارية وفنية مستقرة، ومهمات واضحة بين إدارة كرة القدم يقوم عليها شاب يُعد واحداً من أكفأ القدرات، الأستاذ محمد السليم، وبإشراف على كرة القدم من روح قريبة ل«اللاعبين»، تتعامل معهم من دون عقدة «الأمير» أو الراعي والرعية في روح أحمد الراشد المشرف على فريق القدم ومجلس إدارة للنادي متفاعل وإعلامي متزن في شخص المهندس عبدالعزيز العفالق لا تستقطبه صراعات «الأكشن» أو اللعب على أوتار هؤلاء أو أولئك، ولا يعبأ كثيراً بالمؤامرة وقصصها. يبدو الفتح المستقرّ فنياً بطلاً قبل البطولة بقيادة رُبّانه «فتحي»، الذي يصعد معهم الجبال ويمارس كرة القدم لا ردود الفعل عن كرة القدم! في 3-3-2013، نشر صالح الخليف في «الرياضية» يقول: «قلت هنا قبل أكثر من شهرين، إن فوز الفتح بلقب الدوري السعودي ضرب من الخيال وأشبه بالمستحيل.. وكلما فاز هذا الفريق الصغير بإحدى مبارياته جاءني زميل أو سمعت صديقاً يسخر ويذكرني بأن نظريتي ورهاني سيصبحان هباءً منثوراً. المشكلة الكبيرة في كل الحكاية أنني شخص عنيد ومكابر، وأقاتل من دون آرائي حتى النفس الأخير، ولهذا سأظل محتفظاً ومتمسكاً بأن الفتح لا يمكنه الفوز بالدوري إلا إذا انتهت المنافسة في صورة رسمية، عندها أقول لمن يحب الفتح مبروك لا أكثر ولا أقل، وسأظل مصمماً أن رؤيتي كانت مبنية على المفروض والمنطق والواقع، لكنه على أية حال زمن العجايب، ويا زمان العجايب وش بقى ما ظهر؟! الفتح فريق صغير، والصغار لا علاقة لهم بالدوري في كل مكان وهذه مسألة محسومة ومتفق عليها». أقتطع حديث الزميل هنا من دون أن أعلق عليه، فقط أود القول هذا هو تماماً «العقل الجماهيري» في قلم كاتب يمارس «رد الفعل» ولا يعرف كرة القدم! أخيراً، يتقدم الفتح إلى المنصة ب«موازنة سنوية» تقترب لفريق القدم من 20 مليون ريال سعودي، وبرؤية واضحة وعمل مثابر جاد منسجم، شفاف وتلقائي وبشخصية فريق تعرف كرة القدم وتستمتع بها، لذا يظل الفتح فتحاً لكرة القدم السعودية، وعليهم أن يتعلموا الدرس، ربما عليهم أن يتعلموا كرة القدم! [email protected]