رأى مصدر عربي رفيع المستوى مطلع على الاقتصاد والمالية في لبنان، ان هذا البلد يشهد استخداماً سياسياً لمشاكله الاقتصادية. فهناك مثلاً وسيلة إعلام لبنانية مرئية ادعت الأسبوع الماضي ان سعوديين يسحبون أموالهم من لبنان وان المبلغ المسحوب من المصارف بلغ بليون دولار، مؤكداً ان الخبر لا اساس له من الصحة. وأكد ان الودائع المصرفية زادت في كانون الثاني (يناير) نحو570 مليون دولار، وان ميزان المدفوعات بدأ يشهد فائضاً في حين انه كان سجل عجزاً في الفترة الماضية. فمعظم زبائن المصارف اللبنانية لبنانيون وهناك بعض العرب وهم ما زالوا متواجدين في المصارف اللبنانية التي تقدم لهم خدمات جيدة. «طيران الشرق الأوسط» واستشهد المصدر بوقائع منها ان رقم اعمال «طيران الشرق الأوسط» سجل عام 2012 زيادة بلغت 2 في المئة مع ان الشركة تضطر الى خفض طفيف لأسعار البطاقات. كما ان التجار الكبار في لبنان يؤكدون ان حجم اعمالهم تساوى عامي 2012 و2011 بل شهد الأول بعض الارتفاعات. ولا تزال التجارة قطاعاً ناشطاً في البلد على رغم غياب الخليجيين عنه. وأكد ان السوريين الذين جاؤوا الى لبنان ليسوا من الاثرياء بل هم اما من الطبقة الوسطى او من اللاجئين الفقراء. فالصناعيون منهم ذهبوا الى مصر ورجال الاعمال الى دبي او تركيا. ولبنان لم يستحوذ عليهم لأن الانقسام السياسي فيه يخيفهم، خصوصاً ان حوادث خطف جرت على طريق المصنع. فليس هناك اليوم موارد الا من اللبنانيين في الخارج. وأشار الى ان القطاع الذي تأثر فعلاً في لبنان فهو قطاع الفنادق نظراً الى تراجع عدد السياح. وللتأكد من ان الوضع المالي والاقتصادي اللبناني ليس كارثياً كما يحاول بعضهم تصويره، يكفي النظر الى تسديد الديون في المصارف. ففي الأوضاع المتأزمة يكون التسديد بنسب أقل كثيراً. لكن هذا في رأيه لا يعني ان لبنان يشهد نمواً كبيراً. ففي عام 2012 كان مستوى النمو 2 في المئة اما هذه السنة فلا احد يعرف بعد. وأوضح المصدر ان البنك المركزي الذي ادرك ان الاستحقاقات امام لبنان كبيرة جداً، من لاجئين سوريين الى سلسلة الرتب والرواتب، دعا المصارف لأن تستدين منه بالليرة اللبنانية بنسبة واحد في المئة، مبلغ بليون و400 مليون دولار على ان تقرض هذا المبلغ ب5 و6 في المئة للسكن والمشاريع الجديدة والبيئة، ومصادر الطاقة البديلة والبحوث والجامعات. فهذه العملية وحدها تزيد النمو نمو 2 في المئة. اما بالنسبة للقطاع العقاري، فصحيح في رأيه ان هناك تعامل أقل بيعاً وشراء، إضافة الى انخفاض الأسعار بنسبة 10 في المئة، وأصحاب العقار لا يخفضون الأسعار بشدة ما يخلق جموداً لا اختناقاً. اما استيراد السيارات مثلاً فزاد في لبنان 12 في المئة عليه في 2011. وهذه الأرقام تعكس الوضع على صعيد المال لكن ليس على صعيد السياسة بحسب المصدر. فبعضهم يطالب بأن يكون مستوى النمو 12 في المئة، بينما العالم العربي بأسره في أزمة وحروب، ودول المتوسط مفلسة من قبرص الى اليونان وفي مصر والاردن وتونس، وهي تطالب بمساعدة صندوق النقد لكن لبنان لم يطلب ذلك. وأوضح ان البنك المركزي اللبناني يملك أكثر من 35 بليون دولار من النقد الأجنبي، اضافة الى 16 بليوناً من الذهب، عدا ما يملكه من أسهم وعقارات. كما ان «طيران الشرق الأوسط» حققت 60 مليون دولار أرباحاً. لذلك لا يدعي المصدر ان لبنان يعيش عصراً ذهبياً، لكنه ليس في أزمة مالية اذا نظرنا الى محيطه. ونوه بابتعاد مصرف لبنان عن السياسة. القوة الشرائية ويعتبر المصدر ان هنالك اسباباً اجتماعية منها تراجع القوة الشرائية للبنانيين مع ارتفاع الأسعار، وفي الوقت ذاته الدولة لا تملك مالاً لتقول انها تريد رفع الرواتب، والاقتصاد لا يتحمل ضرائب. ف «هناك مأزق حقيقي». وما يحاول رئيس الحكومة نجيب ميقاتي القيام به هو ايجاد وسيلة لإرضاء المطالبين بزيادة الرواتب، وفي الوقت ذاته عدم تخويف السوق. وعندما تحدث عن رفع الرواتب كان ذلك في ايار (مايو) 2012 عندما كان النمو 4 و5 في المئة. وقد عدل عن ذلك بعد تحذير البنك المركزي من مثل هذا الاجراء، وهو يبحث حالياً عن حل. وأوضح المصدر ان انتاج النفط والغاز في لبنان قد يوفر سنوياً 6 بلايين دولار، وهو خيار جدي للمستقبل لكنه يتطلب الانتظار سبع سنوات. وعن ارسال المازوت من لبنان الى سورية أشار الى ان رئيس الحكومة قال ان ذلك يتم بناء على طلب الأممالمتحدة، وان المسؤولين الاميركيين الذين زاروا لبنان لم يعبروا عن استيائهم من هذا الأمر. كما ان مسؤولاً زار البنك المركزي وجاء للاطلاع على الوضع الاقتصادي والتأكد من ان تطبيق العقوبات في المصارف اللبنانية صارم. حتى ان رئيس «بنك بيبلوس» اللبناني فرنسوا باسيل أغلق بشجاعة حساب رامي مخلوف في فرع المصرف في سورية، مشيراً الى ان الولاياتالمتحدة تأكدت من تطبيق المصارف اللبنانية العقوبات المطلوبة منها.