اعتبر مدير البنك الدولي المكلف الملفات الاقتصادية لمصر واليمن وجيبوتي هارت شافر، أن للبنك علاقة قوية مبنية على الجدية والثقة مع الحكومة اليمنية. ونوّه بالتقدم الذي يشهده اليمن في تنفيذ مشاريع ائتمانية عدة سيشعر بنتائجها المواطن اليمني خلال الأشهر المقبلة. وحذّر من جهة أخرى، من أخطار كبيرة تواجه الاقتصاد اليمني، تتمثل خصوصاً في العجز المالي ثم في البطالة المرتفعة. وكان حضر مؤتمر أصدقاء اليمن الذي عقد في لندن أخيراً، وكان في رأيه مختلفاً عن الأربعة السابقين حيث حصل تقدم كبير في تنفيذ وعود المتبرعين. وأكد مدير البنك الدولي لكل من مصر واليمن وجيبوتي هارت شافر في حديث إلى «الحياة»، أن المملكة العربية السعودية هي الأسخى بين المتبرعين إذ قدمت حتى الآن أكثر من بليون دولار كودائع في البنك المركزي اليمني، إضافة إلى بلايين أخرى قدمت لتنفيذ مشاريع. وأضاف أن الحكومة استعملت 5.6 بليون دولار أي 75 في المئة من المنح صرفتها على مشاريع مثل المستشفيات والتوظيف وتأهيل الطرقات. وأوضح أن المانحين والبنك الدولي والحكومة اليمنية توافقوا على كل هذه المشاريع، وأن البنك الدولي في صدد إنشاء مشاريع جديدة بعد وصول هبات المانحين من الاتحاد الأوروبي وبريطانيا وهولندا وألمانيا والولايات المتحدة، إضافة إلى منح من البنك نفسه. وأكد أن صرف الأموال هذه وتنفيذ المشاريع يخضعان لمراقبة دقيقة وحثيثة من قبل السلطات اليمنية والدول المانحة والبنك الدولي، والذي وصفه بأنه صاحب خبرة طويلة في التخطيط ومراقبة مثل هذه المشاريع في كل أنحاء العالم. أما الدول التي لم تنفذ وعودها بعد وهي الكويت والإمارات وقطر، فتقوم بمحادثات مع الحكومة اليمنية حول كيفية صرف هذه الأموال وطبيعة منحها. ونوه شافر بتعاون الحكومة اليمينة مع البنك الدولي، واصفاً العلاقة بالممتازة، مضيفاً أن هناك تعاوناً بين الجهتين على كل صعيد. وظهر هذا التعاون في العلاقة مع المراقبين والمحققين الذين يزورون القرى النائية للتأكد من بناء المدارس والطرق بالطرق الصحيحة، ومنها استعمال المواد الجيدة والطرق الحديثة في البناء. وأردف أن هذه الفرق راقبت حتى كانون الثاني (يناير) الماضي، 33 مشروعاً، وقد شاهدت الفتيات يواظبن على حضور صفوفهن، «وهذا كان مصدر فرح كبير لنا»، وفق قوله. وبالنسبة إلى الوضع الراهن أكد شافر أن البنك الدولي يقوم بعمله في اليمن من دون صعوبات تذكر ونحن نعتبره بلداً آمناً بالنسبة إلى دول عدة نعمل فيها. ووصف التحديات في اليمن بأنها تكمن في نمط السرعة في تنفيذ المشاريع كي يرى الشعب اليمني ويشعر بأن هناك تغييراً في نمط حياته اليومية ونوعيتها، مثل وصول المياه والكهرباء والطرق إلى المناطق النائية. وأعرب عن اعتقاده أن هذا التغيير سيحصل خلال الأربعة أو الخمسة أشهر المقبلة حيث سينتهي العمل في بعض المشاريع ويبدأ في أخرى، ما يزيد فرص العمل في اليمن. واعتبر وضع البطالة داخل اليمن غير مقبول، إذ تبلغ نسبتها بين الشباب والشابات في عمر 20 إلى 26 عاماً، حوال 50 في المئة، وهؤلاء بمعظمهم خريجون ولديهم كفاءات، مضيفاً أن أوضاعاً مماثلة تسبب الثورات والفقر. وهذه المشكلة هي ذاتها التي تعاني منها مصر ودول أخرى في المنطقة. ومن جهة أخرى يقول شافر إن فرص العمل لا بد أن تشمل المواطنين في الأرياف والمناطق النائية، وحتى من لا يملك منهم كفاءات علمية، «ونحن نعمل على جهات عدة لتوفير الكرامة والعمل للمواطنين». وشدد المسؤول الدولي على أهمية مشروع الطريق بين عدن وصنعاء والذي اعتبره الرئيس اليمني عبد ربه هادي، أولية بالنسبة إلى المشاريع التي تنفذ، «لأنه مشروع كبير ومهم جداً، إضافة إلى أننا، أي البنك الدولي، نمول جزءاً من مشروع الطريق بين عدن ومصر، ما يظهر أهمية هذه المشاريع ليس فقط في توفير فرص عمل بل لأنها تعتبر شرايين حياة». وأوضح أن مشاريع البنك الدولي تغطي كل المناطق اليمنية ولا تعطي أولية لواحدة على أخرى. لكن «بما أن الدولة تعتبر من أولوياتها توفير انتعاش اقتصادي في الجنوب، فإننا نتحدث عن مجموعة مشاريع منها كما قلت الطريق بين عدن ومصر». وأشار إلى أن المشروع الآخر يتعلق بإنعاش اقتصاد محافظة عدن مضيفاً «نحن مستعدون لمساعدة الدولة اليمنية في تقدير المشاريع وتحديد الأوليات والتخطيط لها، وتقديم خبراتنا المشهود لها في هذا المجال». أما بالنسبة إلى مجموع الأموال التي تصرف الآن على المشاريع، فقال شافر: نعمل على استثمار 700 مليون دولار في 25 مشروعاً، صرفنا منها 200 مليون، إضافة إلى 400 مليون تنفق على مشاريع بدأت في أيلول (سبتمبر) الماضي وتنتهي منتصف العام الحالي». من جهة ثانية، اعتبر شافر الذي يسكن في القاهرة، أن التحدي الأكبر الذي يواجه الاقتصاد المصري هو العجز المالي المرتفع جداً. والحكومة تعلم هذا وتعلم أيضاً أنه أصبح من الصعب التعامل معه، بخاصة أن 25 في المئة من موازنة الدولة تذهب لدعم حاجات شعبية مختلفة، مضيفاً أن عدد الفقراء في ازدياد. وأكد أن عدد العاطلين من العمل في مصر يزداد وهو تحدٍّ كبير وقال «من هنا، نحن نعمل على مشاريع عدة لتوظيف أكبر عدد ممكن من المصريين، بالتعاون مع الصندوق الاجتماعي، وقدمنا 260 مليون دولار لهذه المشاريع من أصل 4 بلايين نريد المساهمة بها في مشاريع مثل الكهرباء. ومنذ الثورة قدمنا إضافة إلى 260 مليون دولار، 100 مليون أخرى في مشروع بناء منازل لذوي الدخل المحدود. والواقع أن الكثير من المشاريع ينتظر أن تصل مصر إلى اتفاق مع صندوق النقد.