خير رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني السلطات الاتحادية في بغداد بين عقد شراكة «حقيقية» أو فليسلك كل طرف «الطريق الذي يراه مناسباً». وتساءل بارزاني خلال افتتاح «المؤتمر الدولي حول جرائم الإبادة بحق الأكراد» في أربيل:»هل نحن شركاء وحلفاء أم لا؟ لماذا لسنا شركاء حتى الآن؟ وإذا كان الأمر يتعلق بالتبعية فنحن لا نقبل التبعية». وأضاف:»إذا كان الجواب نعم، نريد شراكة حقيقية وليس مجرد أقوال. وإذا كان الجواب لا، فليسلك إذاً كل طرف الطريق الذي يراه مناسباً»، من دون أي إضافة. وتشهد العلاقة بين أربيل وبغداد تدهوراً بسبب إقرار البرلمان الموازنة العامة في غياب النواب الأكراد الذين كانوا يطالبون بإضافة 4.5 بليون دولار مستحقات شركات النفط الأجنبية العاملة في الإقليم. ويمثل هذا الخلاف فصلاً جديداً في سلسلة الخلافات بين الإقليم الكردي والحكومة في بغداد، وجزءاً من الأزمة السياسية العامة التي تعيشها البلاد منذ عشية الانسحاب العسكري الأميركي نهاية 2011. ورأى بارزاني الذي ارتدى الزي التقليدي الكردي أن العراق وبعد عشر سنوات من إسقاط نظامه السابق، يعيش «أزمة حقيقية على كل الأصعدة (...) سببها الرئيسي عدم الالتزام بالدستور». ويتهم بارزاني ومعه أطراف سياسية أخرى رئيس الوزراء نوري المالكي الذي يحكم البلاد منذ 2006 بالتسلط والتفرد بالحكم، علماً أن خصوم المالكي حاولوا في السابق سحب الثقة منه في البرلمان ولم يفلحوا. وأشار بارزاني إلى أن «هناك بعض الملاحظات على الدستور، وحل الأزمة يكمن في العودة إلى اتفاقية أربيل عام 2010، التي شكلت بموجبها الحكومة الحالية، لكونها خريطة طريق لإنهاء الأزمات»، وختم بدعوة الأكراد إلى «عدم نسيان الماضي، لكن من دون جعله ذريعة للانتقام، بل التمسك بخيار التسامح والتعايش، لأن لا أحد بعد الآن يستطيع أن يستهدف الشعب الكردي». وشنت رئاسة برلمان الإقليم هجوماً عنيفاً على المالكي، وأكدت في بيان أن «مسيرة الحكومة أخذها الشطط عن النهج الدستوري فانحرفت بسفينة الحكم في العراق إلى شواطئ مجهولة مُسّلماً قيادتها الفعلية إلى المكتبين الخاصين بالقائد العام للقوات المسلحة ورئيس مجلس الوزراء مخالفاً بذلك أبسط قواعد الحكم في اكثر الأنظمة السياسية تخلفاً»، واتهمته بتبني «نهج منفرد يؤسس لنظام الحزب الواحد، ويجعل من شراكة القوى السياسية مجرد اسم لتقاسم مسؤولية سلبيات السياسة الانفرادية الخاطئة ويحرمهم من حقهم في إدارة الحكم كشركاء حقيقيين وفعليين في الوقت نفسه»، وحذرت من أن «العراق يمر بمنعطف مرحلة سياسية خطيرة قد تعصف بوحدته الوطنية وتبدد أحلام شعبه في ترسيخ حكم القانون والديمقراطية»، داعية «كل حريص على مصلحة العراق ووحدته ومستقبل أجيالهِ إلى اتخاذ مواقف واضحة وصريحة تجاه هذا النهج.. من اجل تصحيحه». في موازاة حديث بارزاني نقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن مسؤولين كرديين قولهما إن «التحالف الكردستاني في حالة تشاور لاتخاذ موقف موحد من الأزمة السياسية»، مشيرين إلى أن «الخيارات مفتوحة». وقال نائب رئيس الوزراء روز نوري شاويس على هامش المؤتمر رداً على سؤال عن إمكان انسحاب التحالف الكردستاني من الحكومة المركزية في بغداد، إن «المفاوضات مستمرة (...) نتشاور لاتخاذ موقف موحد». إلى ذلك، قال فاضل ميراني، سكرتير المكتب السياسي للحزب الديموقراطي الكردستاني الذي يتزعمه بارزاني: «لم ينسحب الوزراء لكن هناك تشاور في أفكار لا تنسجم مع العراق الجديد». وأضاف «نحن مع الغالبية البرلمانية إنما في مجتمع ذي قومية واحدة وطائفة واحدة»، في إشارة إلى تلويح المالكي بإمكان تشكيل حكومة غالبية بدلاً من حكومة الشراكة الوطنية الحالية. ورداً على سؤال عن احتمال انسحاب التحالف الكردستاني من الحكومة، قال ميراني: «ليس هناك احتمال محدد، والخيارات مفتوحة، ولكل فعل رد فعل». ومؤتمر أربيل الذي يعقد تحت شعار «من الدموع إلى الأمل» ويستمر ثلاثة أيام، ينظم لمناسبة مرور 25 عاماً على حملة الأنفال التي راح ضحيتها آلاف الأكراد أبان نظام صدام حسين. ويحضر المؤتمر مسؤولون عراقيون بينهم وزير الخارجية هوشيار زيباري وهو كردي، ونواب، إلى جانب ديبلوماسيين أجانب سابقين وحاليين بينهم السفير الأميركي السابق لدى العراق زلماي خليل زاد.