اعترفت الحكومة الجزائرية بأن هناك «تمييزاً» في حجم الأجور التي تمنحها شركات خدمات لشباب في جنوب البلاد، وأعلنت منع «توظيف يد عاملة» من خارج الولاياتالجنوبية إلا في المناصب الشاغرة «التي تفتقر محلياً إلى ما يوافقها من المؤهلات». وأدت هذه القرارات الحكومية إلى حدوث انشقاقات بين لجان العاطلين من العمل في الجنوب، وصدرت بيانات تدعو إلى عدم المشاركة في مسيرات «مليونية» متوقعة الخميس. وأفرجت الحكومة الجزائرية مساء أول من أمس عن ست تعليمات جديدة في سياق الإجراءات «العاجلة» التي قررتها استباقاً لدعوات غاضبة بالخروج في مسيرات غداً الخميس في ورقلة (ألف كلم جنوب العاصمة). وقالت الحكومة إن «الممارسة في مجال الأجور في ولايات الجنوب أثبتت أن نظام الرواتب المطبق من طرف شركات تقديم الخدمات كان تمييزياً وغالباً ما يكون أدنى من ذلك المطبق من قبل المؤسسات المتعاقدة على مناصب العمل نفسها». وذكرت أنه «يستلزم على المؤسسات التي تستعين بمقدمي خدمات لإنجاز أشغال مهما كانت طبيعتها أن تُدرج بنداً في العقود التي تربطها وإياهم يتضمن تطبيق شبكة للأجور لا يمكن أن تكون أدنى من 80 في المئة من شبكات أجورها المعمول بها في مناصب مماثلة». وأمرت الحكومة والي الولاية المعنية ب «تحسين مؤهلات اليد العاملة المحلية وجرد المهن التي تسجّل عجزاً على المستوى المحلي واتخاذ التدابير الرامية إلى تكييف المؤهلات (...) بما يستجيب احتياجات المؤسسات». وأقرت الحكومة أيضاً تخفيض نسبة الفائدة على القروض الممنوحة من طرف البنوك في إطار أجهزة دعم إنشاء نشاطات مصغرة. وتوضح تعليمات الوزير الأول عبدالمالك سلال في هذا الشأن أن اللجوء إلى توظيف يد عاملة خارج الولاية لن يُرخّص به إلا في حدود المناصب الشاغرة التي تفتقر محلياً إلى ما يوافقها من المؤهلات، كما يجب على كل مستخدم أن يبلغ الوكالة المؤهلة أو البلدية بكل منصب شاغر يريد شغله في مؤسسته وإرسال المعلومات المتعلقة بالاحتياجات من اليد العاملة وبعمليات التوظيف التي قام بها إلى الوكالة المؤهلة. وخلّفت الإجراءات الحكومية انشقاقاً سريعاً وسط التنظيمات المنادية بالمسيرة «المليونية»، وبدأت الإجراءات الأمنية تخف في الولايات المعنية بالدعوة إلى التظاهر. وباشر أعيان في ولاية ورقلة حواراً بثته قنوات تلفزيونية على المباشر مع ممثلين عن الشباب العاطلين من العمل، وكان واضحاً مدى تأثير القرارات الجديدة في «تقزيم» الرغبة في الخروج في مسيرات. واتهمت لجنة تدافع عن حقوق العاطلين أحزاباً سياسية وجهات نقابية بالتحريض على «المسيرة المليونية وفق قرارات انفرادية»، ودعت الشباب إلى عدم المشاركة فيها. وقال تنظيم يسمّي نفسه «اللجنة الوطنية للدفاع عن حقوق البطّالين»، أمس، إنه «يندد بالانزلاقات الأمنية في الجنوب والتي قد تؤدي إلى الهاوية نظراً لما هو قائم وبالأخص حالة الغليان وسط الشباب». وكذّب الأمين الوطني المكلف الإدارة والتنظيم مصطفاي أمجد، في بيان حصلت «الحياة» على نسخة منه، ما سمّاه «الأقاويل المنشورة باسم اللجنة والتي مفادها بأنها مسؤولة عن تنظيم مسيرة مليونية يوم الخميس». واتهم البيان «بعض الأشخاص غير المسؤولين» باتخاذ «قرارات انفرادية وبتدخل من النقابة الوطنية المستقلة لمستخدمي الإدارة العمومية وكذلك بعض الأحزاب السياسية». ولفت هذا التنظيم إلى أن «اللجنة تدافع عن المطالب الاجتماعية للبطالين وتساهم في ترقية الحياة الاجتماعية للشباب البطّال»، لكن اللجنة في الوقت نفسه «تدعو جميع الشباب البطّال على المستوى الوطني وبخاصة في الجنوب إلى عدم المشاركة في هذه المسيرة وعدم الانسياق وراء دعوات ليس لها علاقة بمطالب البطّالين لا من قريب ولا من بعيد».