هل يمكن الإعلام المرئي أن يعالج آثاره النفسية والمرضية بالسلاح ذاته؟ سؤال يتبادر الى الذهن عند مشاهدة الحلقة الأولى من «آراب أيدول» في موسمه الجديد، وحيث بدا السخاء واضحاً، إنتاجياً من خلال إضافة ملاحق للبرنامج، تبدأ بتصوير رحلات فريقه وجولاته في مدن عربية تجمّع فيها مئات، بل آلاف الباحثين عن فرصة. السخاء الانتاجي أضاف أيضاً للبرنامج أسماء جديدة شهيرة مثل نانسي عجرم لتصبح عضواً رابعاً في لجنة تحكيم كانت ثلاثية (راغب علامة وأحلام وحسن الشافعي) وكذلك إضافة المغني والممثل المصري أحمد فهمي ليشارك في تقديم البرنامج وليبدو في هذه الحلقات التمهيدية أشبه بالمنشط لمجموعات الشباب والشابات وقد برزت منه ملامح لم تكن واضحة من قبل مثل خفة الظل والحركة. كما استطاع «آراب آيدول» أيضاً أن ينتشر على قناتين مرموقتين في مصر، الأولى «أم بي سي» مصر ابنة الشبكة التي أطلقته، والثانية «النهار» ابنة أحدث شبكة مصرية خاصة. من هنا بدا وجود البرنامج شديد القوة والوضوح من اللحظة الأولى، بسبب حالة التماس مع جمهور كبير أصبح يعيش يومه بكامله في قلب الصراع السياسي المتسارع في مصر، والذي تتسرب كل أحداثه إلى الشاشات المرئية المفتوحة 24 ساعة، تتحول فيها البيوت إلى ساحات أخرى للغضب والألم والارتباك. وبعيداً من فلسفة الإعلام هنا سواء في ما يقدمه من أحداث أم ما يغيبه، فإننا إزاء أمر واقع هو أن ما يحدث في الشارع يصل إلى الناس عبر الكاميرات المبثوثة في كل مكان من القاهرة الى المحافظات، وهو ما يجعل كثيرين يشعرون بالاختناق. من هنا أهمية برنامج «آراب أيدول» الذي استطاع سحب المشاهد المتوتر أكثر من برامج مثيلة مثل «اكس فاكتور» أو «صوت الحياة» لابتعاده قليلاً عن التركيز الكامل على لحظة الاختبار واقترابه من لحظات الأمل وظروف المتسابقين (مثل هؤلاء الذين حضروا من سورية للاختبار في لبنان رغم كل ظروفهم) وهو ما يعني أنه «لا يفل الحديد إلا الحديد» كما يقول المثل المأثور، فالحديد الأول هنا هو الظروف السياسية والصراعات الصعبة الواقعية عبر الشاشة، أما الحديد الثاني فالظروف الإنسانية المصاحبة بمشاعر الأمل بمستقبل أفضل... ولا يوجد توازن كامل بين هذا وذاك، لكن مقداراً من التوازن والراحة يسم بعض الآثار التي يخلفها الصراع، وهكذا تصبح شاشة التلفزيون الداء والدواء.