أكثر من ألف شخص من جنسيات عربية وأجنبية، استمتعوا بحفلة «مشروع مصري» (Egyptian project) في المسرح الكبير في المعهد الفرنسي للثقافة والتعاون في شارع النبي دانييال في الإسكندرية. وأضفى جوّ الشارع الفني والتاريخي العتيق، الذي يجمع مختلف ثقافات المدينة الكوزموبوليتانية في تنوع ثري، جمالية على المزيج الموسيقي الذي قدمته الفرقة حيث تآخت الموسيقى الفولكلورية المصرية والإلكترونية الغربية. «مشروع مصري» هو ثمرة تعاون بين مناصرين للموسيقى المصرية التقليدية وموسيقيين فرنسيين. وبدأت الفكرة عندما اكتشف الفرنسي جيروم إيتنجر المعروف في فرنسا بمجدد الموسيقى الإلكترونية، وَلَعه بآلة الأرغول، وهي آلة مصرية هوائية قديمة بالكاد تستخدم الآن. سافر إيتنجر إلى مصر، مصرّاً على إيجاد وسيلة لمزج الموسيقى الفولكلورية المصرية التقليدية مع الموسيقى الإلكترونية. فالتقى منشد الفولكلور المصري المخضرم سعيد إمام، وكوّن معه فرقة «Egyptian Project» في ربيع 2010. واستطاع كلٌّ منهما الجمع بين إيقاعات الموسيقى المصرية التقليدية الصوفية والشعبية ونبضات الموسيقى الإلكترونية الحديثة. يقوم الفنانان بتأليف الكلمات وتلحين الأغاني، ثم تُضاف نغمات «تريب هوب» ليخرج مزيج موسيقي مبتكر يجمع بين نغمات دلتا النيل والصعيد، وأجواء ال «تريب هوب» والإلكترو وال «هيب هوب» والموسيقى الكلاسيكية أيضاً. يقول إيتنجر ل «الحياة»: «على رغم صعوبة هذا المزج، استطعنا الوصول إلى مناطق موسيقية جديدة غير مكتشفة، والهدف محاولة الحفاظ على الموسيقى المصرية الأصلية وعدم تشويهها، إذ يمثل الحفاظ على الثقافات الشعبية تحدياً خطيراً بعدما طرأت تبدلات واضحة على إبداع الآداب والفنون وتذوقها في ظل التحولات الثقافية الواسعة التي ميّزت عصر الثقافة العالمية والتي أثّرت في المجتمعات ذات الكيانات الحضارية الخاصة كمصر». ويضيف: «كل ما فعلناه أننا أعدنا صوغ الموسيقى الفولكلورية وتسليط الضوء عليها وتحويلها إلى إيقاعات البوب. مثل هذه الإضافات تجعل الموسيقى أكثر حداثه وأكثر تقبلاً ويمكن الوصول إليها، كما أن الغناء الفولكلوري على إيقاعات موسيقى الإلكترو يضفي مذاقاً مميزاً يجعل المشروع المصري مختلفاً جداً». ويعرب إيتنجر عن سعادته بالجمهور المصري الذي أظهر تفاعلاً راقياً وتقبلاً رائعاً للأغاني الفريدة من نوعها. أما إمام فيرى أن ما يقدمه المشروع «هو تعاشق الموسيقى الغربية والشرقية، ما يتطلب مهارة شديدة حيث تتّشح الأغاني الفولكلورية القديمة والجديدة معاً برداء من الإيقاعات الحديثة». ويتابع إمام وهو عازف على آلتَي الأرغول والكولة، إضافة لكونه مطرباً: «نؤكد في هذا المزج أن الموسيقى لغة عالمية تتخطى الحدود السياسية الضيقة». ويأسف لأن الفولكلور المصري يجد حفاوة لافتة في أوروبا، بينما هو مهمش في أرضه، مطالباً بتنظيم حفلات شهرية للفنانين الشعبيين أسوة بزملائهم من نجوم التلفزيونات. غنت الفرقة «منين أجيبك»، «نسمة»، «يا صاحبي»، «يا قمر»، «بعتلو روحي». وعلت أصوات الجمهور والتصفيق، تفاعلاً مع أغنيتي «أنت أنا» و «فول فول» التي أبدع فيها إمام بقوة آهات حنجرته، خصوصاً أن الثانية تتناول معاناة المواطن المصري المستمرة. يذكر أن فرقة «مشروع مصري» تضم أشهر فناني الفولكلور الصعيدي مثل صادق رجب (دوف) متولي سلامة (كمان وربابة)، رضوان إيهاب (عود)، وأنطوني بوندو (طبول)، إلى جانب إيتنجر وسعيد إمام. وحققت الفرقة نجاحاً كبيراً في مصر وأوروبا، بخاصة في مهرجان باليو في سويسرا. وانتهت الفرقة من تسجيل ألبومها الأول بعنوان «يا قمر» الذي سيصدر الشهر المقبل بعدما تنتهي الفرقة من جولتها المصرية الحالية، لتبدأ جولة عالمية من المغرب إلى فرنسا إلى الولاياتالمتحدة الأميركية للتسويق للألبوم الجديد.