يشهد مجلس العموم البريطاني الإثنين المقبل تصويتاً غير مسبوق على اقتراح يدعو إلى «الاعتراف بدولة فلسطين»، وذلك في خطوة استقطبت الكثير من التأييد والحشد والحشد المضاد، ويؤمل بأن تدفع الحكومة إلى إعادة النظر في موقفها الذي يربط «الاعتراف بفلسطين» بنتائج المفاوضات بين إسرائيل والفلسطينيين. وسيُصوّت النواب في جلسة 13 الشهر الجاري على اقتراح تقدم به النائب العمالي غراهام موريس، وجاء فيه: «يعتقد هذا المجلس بأن على الحكومة أن تعترف بدولة فلسطين إلى جانب دولة إسرائيل». وما لبث الاقتراح أن استقطب تحركاً مضاداً، إذ تقدّم أنصار إسرائيل باقتراح معدّل للتصويت عليه يربط الاعتراف بفلسطين «بنهاية مفاوضات سلام ناجحة بين الحكومة الإسرائيلية والسلطة الفلسطينية» وليس قبل ذلك. ولا يختلف جوهر هذا التعديل عن موقف الحكومتين البريطانية والأميركية، وكذلك الاتحاد الأوروبي، باستثناء دول كانت اعترفت بفلسطين قبل الانضمام إلى الاتحاد، مثل بلغاريا وقبرص وهنغاريا ومالطا ورومانيا وبولندا وسلوفياكيا. كما أعلنت دولة السويد الجمعة الماضي قرارها الاعتراف بفلسطين، وهو قرار انتقدته الولاياتالمتحدة، واعتبرته إسرائيل «متعجلاً وغير مدروس»، ووصفه الرئيس محمود عباس بأنه «عظيم ومشرف». وبانتظار جلسة التصويت الإثنين، تُبذل جهود حثيثة لتمرير الاقتراح الذي، في حال إقراره، يتوقع أن يضع القضية الفلسطينية على أجندة الانتخابات البريطانية العامة في أيار (مايو) المقبل. ولأن تصويت النواب سيكون حراً وغير مقيد، بمعنى أنه لن يخضع لتوجيهات الحزب، وبالتالي يستطيع النائب أن يصوّت وفق قناعاته، فإن المؤسسات المتضامنة حضت كل بريطاني يؤيد الاعتراف بفلسطين على مراسلة النائب الذي يمثل منطقته لمطالبته بالتصويت لمصلحة الاقتراح. وقال السفير الفلسطيني في المملكة المتحدة البروفيسور مانويل حساسيان ل «الحياة»: «بدأنا كسفارة بالضغط باتجاه اعتراف رسمي بريطاني بدولة فلسطين، وبحشد التأييد لذلك مع مؤسسات غير حكومية، مثل حملة التضامن مع فلسطين، وكابو، وبرلمانيين مناصرين لنا». وكشف أنه تحدث مع زعيم حزب «العمال» إيد ميليباند الذي أكد له أنهم كحزب يعترفون رسمياً بدولة فلسطين. وأضاف: «نأمل بأن ينجح هذا التحرك، وأن تعترف بريطانيا بدولة فلسطين لأن هذا الاعتراف سيعطي منحى جديداً للمفاوضات»، موضحاً أنه سيؤثر في دول أوروبية أخرى، ودول الكومنولث، وبالتالي ستمارَس ضغوط على إسرائيل للعودة إلى المفاوضات، ليس أقلها على الصعيد الاقتصادي والتجاري. وتابع أن هذا التصويت، إن نجح، سيقنع الرئيس محمود عباس بعدم اللجوء إلى المحكمة الجنائية الدولية. واعتبر أن هذا التحرك «رمزي»، لكنه يهدف إلى تحسين شروط التفاوض عبر إرغام إسرائيل على مفاوضات جدية تتم في إطار سقف زمني محدد لإنهاء الاحتلال، مع إلغاء فكرة المرحلية تماماً. وأضاف أنه في حال عدم نجاح هذا التحرك، فإن ثمة خيارات أخرى، مشيراً إلى إعداد مشروع قرار سيطرح قريباً على مجلس الأمن لإنهاء الاحتلال بحلول نهاية عام 2016، ثم التوقيع على اتفاقية روما الناظمة لعمل المحكمة الجنائية الدولية. وأوضح مدير «مجلس التفاهم العربي - البريطاني» (كابو) كريس دويل ل «الحياة» إنها المرة الأولى التي يتم فيها التصويت على الاعتراف بفلسطين في مجلس العموم، موضحاً أن الأهمية السياسية تكمن في أن «التصويت لمصلحة المشروع، وبعدد ذي مغزى من النواب، سيضع ضغطاً على الحكومة لإعادة النظر في موقفها من الاعتراف بفلسطين». وأضاف: «أي قرار بالاعتراف بفلسطين لن يغير شيئاً على الأرض حيث يستمر الاحتلال ونقاط التفتيش والجدار، وحيث يُحرم الفلسطينيون من الحرية، لكنه سيُرسل رسالة رمزية قوية لإسرائيل والحركات المناهضة للفلسطينيين».