صوّت الناخبون البرازيليون أمس، لانتخاب رئيس للبلاد وحكّام ولايات ونواب، للاختيار بين متابعة الإنجازات الاجتماعية لليسار الحاكم منذ 12 سنة، أو الرغبة في التغيير. ودعي حوالى 143 مليون ناخب إلى الاقتراع لانتخاب أحد ثلاثة مرشحين، بينهم امرأتان، لرئاسة البرازيل، وحكّام 27 ولاية و513 نائباً في البرلمان الفيديرالي و1069 نائباً في برلمانات الولايات و27 من أعضاء مجلس الشيوخ يشكّلون ثلث العدد الكلي، من بين 26 ألف مرشح. ويتم انتخاب الرئيس والحكّام بالغالبية في دورتين. وستكون هناك دورة ثانية في هذين الاقتراعين في 26 من الشهر الجاري، إذا لم يحصل الفائز على الغالبية المطلقة في الدورة الأولى. وتحتسب السلطات الأوراق البيض والملغاة، ما يفسّر كيف يمكن لمرشح نيل الغالبية المطلقة من دون أن يتجاوز نسبة الخمسين في المئة. ويُفترض أن يصوّت الناخب البرازيلي 5 مرات، لكن ذلك لن يستغرق أكثر من 40 ثانية، بفضل بطاقات اقتراع إلكترونية مُستخدمة منذ عام 1996 وتحدّ من أخطار التزوير وتتيح احتساب سريع للأصوات في بلد شاسع يبلغ عدد سكانه 202 مليون شخص. والتصويت إلزامي للمواطنين بين 18 و70 سنة، لكنه اختياري بين 16 و 18 سنة وللأكثر من 70 سنة. وترجح استطلاعات الرأي فوز الرئيسة اليسارية المنتهية ولايتها ديلما روسيف في الدورة الأولى، بنيلها 40 في المئة من الأصوات، لتنافس في الدورة الثانية الوزيرة السابقة للبيئة مارينا سيلفا التي يُتوقع أن تحصل على 25 في المئة، في مقابل لنحو 20 في المئة للمرشح الثالث في الاقتراع آيسيو نيفيس من الحزب الاجتماعي الديموقراطي البرازيلي. وتقدّم روسيف نفسها ضامنة لما تحقّق من مكاسب اجتماعية واقتصادية أتاحت لأربعين مليون فقير الارتقاء إلى الطبقة المتوسطة والاستهلاك، خلال 12 سنة من حكم حزب العمال اليساري. لكن سيلفا رفعت لواء «سياسة جديدة»، علماً أنها خاضت السباق الانتخابي عن الحزب الاشتراكي البرازيلي، بدل حليفها إدواردو كامبوس الذي قتل في حادث طائرة خلال حملته الانتخابية في آب (أغسطس) الماضي. وفي آخر مناظرة انتخابية تلفزيونية كبرى، تابعها 50 مليون مشاهد الخميس الماضي، عرضت روسيف برامجها في المساعدة الاجتماعية التي استفاد منها معوزون وحظيت بشعبية ضخمة، والمساعدة الغذائية «بولسا فاميليا» التي استفاد منها 14 مليون برازيلي، والمنازل الشعبية التي تُشيّد أو سُلَّمت. لكن سيلفا ونيفيس انتقدا بشدة إدارتها الاقتصادية التي أدت إلى ارتفاع التضخم (605 في المئة) وتباطؤ النمو خلال 4 سنوات ودخول الاقتصاد السابع في العالم في حال ركود خلال النصف الأول من السنة. وتعتبر الحملة الانتخابية الأكثر سخونة منذ استعادة البرازيل الديموقراطية اثر سقوط ديكتاتورية العسكر عام 1985. وقال رافاييل كورتيز، وهو محلل سياسي في مؤسسة «تيندينسياس» الاستشارية في ساو باولو، إن الانتخابات «متقاربة جداً، بحيث يصعب التكهن بنتيجتها. التقلب والإحباط يدعمان مرشحي المعارضة، ولكن أيضاً لا أزمة فعلية لإسقاط الحكومة». مقاوِمة ومزارِعة مطاط وروسيف (66 سنة) هي مقاومة سابقة تعرّضت لتعذيب خلال الديكتاتورية العسكرية، وتشبه المستشارة الألمانية انغيلا مركل بصلابة مواقفها وطاقتها الضخمة على العمل، علماً أنها وريثة الرئيس السابق لويز ايناسيو لولا دا سيلفا، وكانت أول امرأة ترأس البرازيل. أما سيلفا (56 سنة) فوُلدت في عائلة تعمل في مزارع مطاط في الأمازون، ولم تتعلّم القراءة والكتابة قبل بلوغها 16 سنة. سيلفا التي تتمتع بحضور قوي وشعبية كبرى، قد تصبح أول رئيسة سوداء، علماً أنها تنتمي إلى الطائفة الإنجيلية. عملت خادمة ثم شبه راهبة ثم نقابية وناشطة في حزب العمال اليساري، قبل أن تصبح عضواً في مجلس الشيوخ فوزيرة للبيئة في عهد لولا. عام 2009 انسحبت من حزب العمال، معلنة رفضها نموذج التنمية المستند إلى تدمير الموارد الطبيعية. وهي تعِد بمزيد من التدابير الصارمة في الموازنة ومتابعة المعركة ضد التفاوت الاجتماعي.