رحل الرئيس الفنزويلي هوغو تشافيز الخصم الأبرز ل «الامبريالية الاميركية» في اميركا اللاتنية و «الابن الروحي» لعدوها التاريخي الزعيم الكوبي فيديل كاسترو. كل الدلائل تشير الى ان فنزويلا بعد تشافيز ماضية في خطه، بعدما ضمّن نائبه نائب الرئيس نيكولاس مادورو خطاب النعي في البرلمان، عبارات تتهم اعداء الامة بالمساهمة في قتل الرئيس الراحل الذي توفي نتيجة معاناته مع مرض السرطان الذي لم تنفع معه اقامته الطويلة في هافانا للعلاج، حتى ان بعض التقارير أشار الى ان تشافيز اعيد الى بلاده قبل ايام ليموت فيها، بعدما أيقن الأطباء الكوبيون انه يحتضر. نعاه خصوم الولاياتالمتحدة في انحاء العالم، وأبرزهم الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد، الذي اعتبره «مدافعاً عن قيم الثورة»، وأعلن الحداد في ايران لمدة يوم واحد، فيما وصفه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ب «القائد البارز» و «الصديق الحميم»، وهي العبارات ذاتها التي استخدمتها القيادة الصينية في التعزية برحيله. واما الاتحاد الاوروبي فاختار الاشادة ب «التنمية الاجتماعية» في عهد تشافيز. وعمّ الحزن في اوساط انصار الرئيس الفنزويلي الراحل في اميركا اللاتينية، فيما أعلنت فنزويلا الحداد لسبعة أيام على ان تنظم الجنازة الوطنية غداً الجمعة. وقال وزير الخارجية الفنزويلي الياس خاوا ان جثمان تشافيز سيسجى في قاعة الاكاديمية العسكرية «مهد الثورة البوليفارية» في كراكاس قبل تشييعه هناك، شاكراً جميع رؤساء الدول الذين أعربوا عن نيتهم المشاركة في الجنازة. وأوضح خاوا ان السلطات تعمل على الإجراءات التنظيمية لكي يتمكن «العدد الاكبر من الفنزويليين من إلقاء نظرة الوداع على والدهم ومحررهم وحاميهم». وقال نائب الرئيس الذي أعلن وفاة تشافيز بتأثر شديد ليل الثلثاء ان الحكومة نشرت القوات المسلحة والشرطة «لكي تواكب وتحمي شعبنا وتضمن السلام». وقال: «تلقينا اكثر نبأ محزن يمكن ان نعلنه لشعبنا. عند الساعة 16.25 (20.55 ت غ) من اليوم الخامس من آذار (مارس) توفي قائدنا الرئيس هوغو تشافيز فرياس بعد صراع مع مرض منذ حوالى السنتين». وفنزويلا التي لا تزال مقسومة بعد انتخابات تشرين الاول (اكتوبر) الماضي، قد تتجه الى انتخابات جديدة في خلال 30 يوماً. وقال وزير الخارجية ان تشافيز اختار مادورو لكي يتولى الرئاسة بالوكالة في الفترة الانتقالية وان انتخابات رئاسية ستنظم في خلال 30 يوماً بموجب التعليمات التي اصدرها تشافيز قبل رحيله. لكن هناك تفسيرات متضاربة للدستور بين الحكومة وغالبية المعارضة التي تطالب بأن يتولى رئيس الجمعية الوطنية ديوسدادو كابيو الفترة الانتقالية وليس نائب الرئيس. بكاء وترقب وتدفق المئات من مناصري تشافيز الى امام المستشفى العسكري حيث توفي الرئيس وهم يبكون ويرددون: «نحن كلنا تشافيز» و «ليحيا تشافيز» فيما كان الجنود يحرسون المدخل الامامي. وقال كارلوس بيريز وهو يحمل صورة لتشافيز شاباً يرتدي بزته العسكرية: «كان اباً لنا ومحررنا. لم يكن احد ليتوقع مثل هذه الضربة القوية من القدر». وأضاف: «يجب ان نواصل بناء الثورة مع مادورو الذي سيكون الرئيس المقبل». وتوفي تشافيز الذي فاز في كل الانتخابات التي شارك فيها منذ وصوله الى السلطة عام 1999، بعد اشهر على اعادة انتخابه لولاية رئاسية جديدة مدتها ست سنوات في السابع من تشرين الاول (اكتوبر) 2012. وفي 10 كانون الثاني (يناير) الماضي، لم يتمكن من حضور مراسم اداء القسم التي ارجأتها الحكومة الى اجل غير مسمى في قرار وافقت عليه محكمة العدل العليا لكن احتجت عليه المعارضة. وخضع تشافيز منذ حزيران (يونيو) الماضي، لأربع عمليات جراحية في كوبا في اطار علاج للسرطان قبل ان يتابع علاجاً طبياً قاسياً. وكان تشافيز الذي ولد في 1954 من والدين معلمين وقامت جدته بتربتيه، يتمتع بحضور كبير وكان معروفاً بنشاطه وايمانه الكبير ككاثوليكي واعجابه الشديد ببطل التحرير سيمون بوليفار، وكانت لديه شعبية كبيرة على رغم العداء الواضح لمعارضيه الذين وصفوا ب «الخونة» منذ محاولة انقلاب عليه في 2002. مواقف عالمية وفيما عبرت اميركا اللاتينية ودول اخرى عن حزنها الشديد على رحيل تشافيز وأشادت به، أعربت جهات اخرى عن الامل في حصول انفتاح سياسي اكبر في البلاد. وأعلنت كوبا، أقرب حلفاء فنزويلا، الحداد على زعيم ساهم في انقاذ اقتصاد الجزيرة مع امدادها بالوقود بأسعار مخفضة، معتبرة اياه: «ابناً حقيقياً» للقائد الثوري فيدل كاسترو. وأشاد الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد بالرئيس الفنزويلي واعتبره «شهيداً لأنه خدم شعبه وصان القيم الانسانية والثورية». كما حيّت سورية هوغو تشافيز مشيرة الى انه وقف الى جانبها في وجه «المؤامرة» التي تتعرض لها، في اشارة الى الاحتجاجات المطالبة بسقوط نظام الرئيس بشار الاسد. وأعلنت الصين انها تعتبر الرئيس الفنزويلي «صديقاً كبيراً»، اذ ان البلدين اقاما علاقات تجارية قوية خلال السنوات الاخيرة. كما أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ان تشافيز كان «رجلاً استثنائياً وقوياً يتطلع الى المستقبل». وقال الرئيس الفلسطيني محمود عباس ان الشعب الفلسطيني فقد بوفاة الرئيس الفنزويلي سنداً قوياً لنضاله العادل من أجل الحرية، فيما اعتبر رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي ان وفاة الرئيس الفنزويلي «الصديق» هو خسارة للقضايا العربية المحقة وفي مقدمها القضية الفلسطينية. وأصدر «حزب الله» في لبنان بياناً أورد فيه: «أننا فقدنا كما فقد العالم الحر والمستضعفون في العالم صديقاً عزيزاً وناصراً وفياً وقف طيلة حياته إلى جانب المظلومين والمضطهدين، وكان مدافعاً جريئاً عن دول العالم الثالث وحقوقها في التقدم والرقي». وأكد الحزب في بيانه أن تشافيز «شكّل سداً منيعاً في وجه السياسات الإمبريالية الأميركية، ولم يهادن، مثبتاً أن الدول يمكنها أن تسير على طريق الاستقلال والتقدم من دون الركون إلى الوصاية الأميركية». أوباما وأوروبا وقال الرئيس الاميركي باراك اوباما ان الولاياتالمتحدة تدعم الفنزويليين بعد وفاة تشافيز، وأعرب عن الامل في اقامة «علاقات بناءة» مع الحكومة الفنزويلية الجديدة في «فصل جديد» من تاريخها. وأشاد الامين العام للامم المتحدة بان كي مون بالرئيس الفنزويلي، مشيراً الى انه سعى جاهداً «للرد على تطلعات وتحديات» بلاده. وفي اوتاوا، قال رئيس الوزراء الكندي ستيفان هاربر ان وفاة تشافيز تفتح الطريق لمرحلة انتقالية يفترض ان تؤمن للفنزويليين «مستقبلاً افضل». وأعرب رئيسا مجلس اوروبا والمفوضية الاوروبية امس، عن «حزنهما» لوفاة الرئيس الفنزويلي واشادا ب «التنمية الاجتماعية» التي طبقها في فنزويلا. وكتب هرمان فان رومبوي وخوسيه مانويل باروزو في بيان مشترك: «تبلغ الاتحاد الاوروبي بحزن نبأ وفاة» الرئيس الفنزويلي. وأكد المسؤولان ان «فنزويلا تميزت بتنميتها الاجتماعية ومساهمتها في الدمج الاقليمي لاميركا اللاتينية». وأعربا عن رغبتهما في «تعميق العلاقات مستقبلاً» بين كراكاس والاتحاد الاوروبي وقدما «التعازي للشعب الفنزويلي». وأكد الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند على تصميم تشافيز «لإحقاق الحق»، مؤكداً انه «ترك اثراً عميقاً في تاريخ بلاده». وأعرب وزير الخارجية الالماني غيدو فسترفيلي عن الامل في ان تفتح فنزويلا عهداً جديداً بعد وفاة رئيسها تشافيز. وعبر وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ عن حزنه لوفاة تشافيز، وقال في بيان لوزارة الخارجية البريطانية «احزنني نبأ وفاة الرئيس هوغو تشافيز»، مؤكداً انه «بصفته رئيساً لفنزويلا لمدة 14 عاماً، كان مؤثراً في بلده وفي الخارج». اميركا اللاتينية وفي برازيليا، عبرت الرئيسة البرازيلية ديلما روسيف عن حزنها لوفاة تشافيز، مؤكدة انها «خسارة لا تعوض لرجل عظيم في اميركا الجنوبية». وقالت روسيف «لم نكن دائماً على اتفاق كامل مع الرئيس تشافيز، لكن فقدانه خسارة لا تعوض، مؤكدة انه «كان صديقاً للبرازيل والشعب البرازيلي». وأشادت بالرئيس الذي كان «ملتزماً تنمية بلاده ودول القارة» معتبرة ان «غيابه سيترك فراغاً كبيراً في التاريخ ونضال اميركا اللاتينية». وعبر الرئيس البرازيلي السابق ايناسيو لولا دا سيلفا عن «حزنه» لوفاة تشافيز، مشيداً بجهوده «من اجل عالم اكثر عدالة». وأعربت حكومة الرئيس الاكوادوري الاشتراكي رافاييل كوريا الذي كان حليفاً مقرباً من الرئيس الفنزويلي الراحل عن «حزنها العميق»، مؤكدة انه كان «زعيم حركة تاريخية» وكان «ثورياً يستحق الذكر». وأضاف في بيان «امام هذه الخسارة التي لا تعوض التي لفت الشعب الفنزويلي وكل المنطقة بالحداد»، تؤكد الاكوادور على «الصداقة الخاصة التي تجمعها بفنزويلا»، مشدداً على ان العمل الذي قام به تشافيز سيتيح مواصلة «تعزيز الصلات بين البلدين والتكامل في اميركا اللاتينية». وعبرت كولومبيا عن «حزنها العميق» لوفاة الرئيس الفنزويلي، مذكرة بأنه قدم دعماً كبيراً لعملية السلام مع متمردي «القوات المسلحة الثورية الكولومبية». وقالت وزيرة الخارجية الكولومبية ماريا انجيلا هولغين: «نشعر بحزن عميق. عملنا بشكل جيد مع الرئيس تشافيز واعتقد ان العلاقة كانت جيدة جداً في السنتين الاخيرتين وحققنا تقدماً كبيراً». وفي ليما، عبر رئيس البيرو اويانتا اومالا عن «المه العميق لشعب فنزويلا وعائلة تشافيز». كما عبر عن الامل «في هذه اللحظات الصعبة التي يمر بها اقرباء الرئيس والفنزويليون بشكل عام، في الوحدة والتأمل وان تجري الامور بشكل ديموقراطي وسلمي». وعبر عن تضامنه «البوليفاري والاميركي الجنوبي والاميركي اللاتيني» مع فنزويلا. وفي بور او برانس، صرح وزير الخارجية الهايتي بيار ريشار كازيمير ان وفاة تشافيز «خسارة كبيرة» لكل المنطقة ولهايتي خصوصاً. وفي سانتياغو، وصف الرئيس التشيلي سيباستيان بينيرا الرئيس تشافيز ب «الزعيم الذي التزم عملية التكامل في اميركا اللاتينية». وقال: «كانت هناك خلافات بيننا ولكنني قدرت دائماً القوة والالتزام اللذين تمتع بهما الرئيس للدفاع عن افكاره»، معرباً عن تعازيه لعائلة تشافيز. الشاعرة الأميركية أليس ووكر ترثي «البطل الصالح»وأوليفر ستون وشون بن ومايكل مور حزينون نشرت الروائية والشاعرة الأميركية أليس ووكر على موقعها الإلكتروني قصيدة بعنوان: «الصالحون»، رثت فيها الرئيس الفنزويلي الراحل هوغو تشافيز. ووصفت ووكر الحائزة جائزة «بولتيزر» عن قصتها القصيرة «اللون القرمزي»، تشافيز الذي توفي أمس عن 58 سنة، بأنه «بطل جماهيري»، وكتبت أن «الصالحين الذين يصغون إلى النساء والأطفال والفقراء يموتون باكراً». ووصفته أيضاً بأنه «مثير للإعجاب»، و»صاحب رؤيا متّقدة»، و»رجل فقير رأى أناساً صالحين يأتون ويرحلون تاركين وراءهم من تقطّعت بهم السبل والثكالى، ولكن أيضاً أناس أمل وحلم والكثير من المثابرة». وقالت ووكر وهي أميركية من أصل إفريقي، إن تشافيز لم يمت بل إن «إرثه انتقل إلى الشعب الذي أصغى إليه والذي سينهض غداً». ووكر تعتبر كاتبة معارضة للسياسات الأميركية الخارجية، وهي اعتقلت عام 2003 بسبب مشاركتها في مسيرة مناهضة للحرب على العراق، ودانت الحرب على غزة في أواخر 2008 وأوائل 2009، وزارت القطاع المحاصر وانضمّت إلى «أسطول الحرية» الأول عام 2010. وفي العام الماضي، رفضت صدور ترجمة إسرائيلية لروايتها «اللون القرمزي»، وأرجعت قرارها إلى أن «إسرائيل مذنبة في الفصل العنصري وفي اضطهاد الشعب الفلسطيني». ووصف المخرج الأميركي أوليفر ستون الرئيس الفنزويلي بأنه «بطل كبير» معتبراً أن اسمه «سيبقى في التاريخ إلى الأبد». وقال ستون: «إني أبكي فقدان بطل كبير لغالبية شعبه وكل الذين يناضلون عبر العالم من اجل إيجاد مكان لأنفسهم». وتابع يقول: «كان مكروهاً من قبل الطبقات (الاجتماعية) الميسورة إلا أن اسم هوغو تشافيز سيبقى في التاريخ إلى الأبد». وختم يقول «صديقي نم بسلام، السلام الذي تستحق منذ فترة طويلة». وأوليفر ستون من داعمي الزعيم الفنزويلي الراحل منذ فترة طويلة وقد أجرى معه مقابلة في إطار فيلم وثائقي صدر العام 2009 بعنوان «ساوث أوف ذي بوردر» يلقي الضوء على دور تشافيز في التبدلات التي حصلت في أميركا الجنوبية. وأشاد الممثل الأميركي الملتزم شون بن وهو من داعمي هوغو تشافيز أيضاً بالرئيس الفنزويلي الراحل، معتبراً أن فقراء الأرض «خسروا مدافعاً عنهم» والولاياتالمتحدة «صديقاً لطالما تجاهلته». وكان الممثل أقام علاقة صداقة مع تشافيز وزاره مرات عدة في فنزويلا. ووصف هوغو تشافيز الممثل الأميركي بأنه «نصير القضايا العادلة». كذلك نعى المخرج الأميركي المثير للجدل، مايكل مور، الرئيس الفنزويلي الراحل، بطريقته الخاصة حيث نشر صوراً له معه في العام 2009، وقال إنه خلال لقائهما أبلغه تشافيز إنه سعيد بأنه قابل أخيراً شخصاً يكرهه الرئيس الأميركي السابق جورج بوش أكثر منه. وقال مور على حسابه على «تويتر»: «لن تسمعوا الكثير من الأمور الجيدة عنه (تشافيز) في الإعلام الأميركي في الأيام القليلة المقبلة، لذلك فكرت بأن أقول بعض الأمور لأحدث توازناً». وأضاف: «هوغو تشافيز أعلن أن النفط يعود للشعب. استخدم مال النفط لإلغاء 75 في المئة من الفقر المدقع وتأمين الصحة والتعليم المجاني للجميع... وهذا ما جعله خطيراً، ووافقت الولاياتالمتحدة على انقلاب لإطاحته على الرغم أنه رئيس منتخب ديموقراطياً».