قبل وجود لجان الأهل في المدارس الكندية، كان أولياء الطلاب لا يتدخلون في أي شأن تعليمي أو تربوي يتعلق بنشاط أبنائهم أو سلوكهم المدرسي، بل كانوا يوكلون هذه المهمات إلى معلميهم، ويمنحونهم كل الصلاحيات للتعامل معهم بالأساليب التي يرتأونها، حتى وإن تمادوا في معاقبتهم وتأديبهم. هذا النمط التقليدي من العلاقة بين الأهل والمعلمين، انقلب منذ أوائل التسعينات من القرن الماضي رأساً على عقب. فلجان الأهل أصبحت مجالس منتخبة من أولياء الطلاب، ما جعلها تمارس سلطة حقيقية داخل المؤسسات التعليمية. لكن هذه الممارسة لم تكن دوماً قائمة على التعاون والتفاهم مع إدارات المدارس والمعلمين، بل كانت عرضة للتوتر وانعدام الثقة... وصولاً إلى درجة العداوة أحياناً. كندا مثالاً يسمح النظام التعليمي الكندي للأهل، عبر لجانهم، أن يعبروا عما يجول في خواطرهم من آراء وأفكار ومقترحات وتوصيات، وذلك بغية تفعيل العلاقة مع الهيئات الإدارية والتعليمية، وتطوير الأساليب والمناهج التربوية وتوفير أفضل المناخات لضمان نجاح أبنائهم. إلا أن اهتمامات الأهل لا تقف عند هذه الصلاحيات، إذ اعتقدوا أن قوتهم وشرعيتهم مستمدتان من لجان منتخبة هي أشبه بالبرلمانات التي من حقها مراقبة المؤسسات التعليمية ومحاسبتها، فضلاً عن مساءلة المديرين والمعلمين حول أي تقصير أو إهمال أو فشل يلحق بأبنائهم أو يسيء إلى المؤسسة التعليمية. ويرى هؤلاء أن من حقهم دعوة المديرين والأساتذة إلى عقد الاجتماعات الدورية، ومناقشة المشاريع والخطط التعليمية، وإشراكهم في إعداد موازنة المدارس السنوية، إضافة إلى حلّ المشكلات التربوية بين الأساتذة والطلاب، والإشراف على تسجيل التلامذة الجدد، وتقويم ملفات الأساتذة، والبت في مسألة إبقاء بعضهم وصرف بعضهم الآخر، من منطلق أن الرواتب التي يتقاضاها المعلمون تُجبى من مستحقاتهم الضريبية. هذه المسائل وغيرها... يعتبرها ديمان براون، رئيس لجان الأهل في المدارس الكيبكية «حقوقاً طبيعية للأهل ورافعة ضرورية لمستوى التعليم ومستقبل أبنائهم». في المقابل، يرى المعلمون أن ادعاءات مجالس الأهل «تنال من دورهم التربوي ورسالتهم التعليمية». فبعضها، كما تقول مريان بوسوليه، وهي مدرّسة في إحدى مدارس مونتريال «يتصرف بمنطق غريب وفي شكل عدواني، ويحاول اختبار الأساتذة ويشكك في مؤهلاتهم وكفاءاتهم العلمية». ويرى رئيس رابطة المعلمين في كيبك إيف شاربونو، أن «علاقة الأهل بالمعلمين ينبغي أن تكون مماثلة لعلاقة قبطان الطائرة مع الركاب، قائمة على الثقة بقيادته والامتناع عن التدخل في شؤونه المهنية». إزاء هذا التأزم الحاصل بين مجالس الأهل من جهة، والمعلمين وإدارات المدارس من جهة ثانية، تقوم وزارة التربية والتعليم في كيبك بتصويب تلك العلاقة في شكل يكفل استقلال الهيئات الإدارية والتعليمية ويمنح تلك المجالس صفة استشارية في إطار من التفاهم المتبادل والحوار الهادف والنقد البناء. وتصف وزيرة التربية في الحكومة الكيبكية هذا الحل بأنه «خريطة طريق تربوية – اجتماعية تتضمن روزنامة عمل فصلية أو سنوية لتقويم ما قد يقع من إشكالات تعليمية أو مسلكية مستقبلاً».