أربعة أسابيع تفصل الأميركيين عن الانتخابات النصفية للكونغرس. ويبدو الحزب الجمهوري فيها مؤهلا لانتزاع الغالبية في مجلسي النواب والشيوخ بفضل عوامل سياسية واقتصادية عدة من بينها مكاسب تنظيم «الدولة الاسلامية» (داعش) في العراق وسورية. واقتحم التنظيم الجدل الانتخابي بإعادة ترتيب أولويات الناخب الأميركي وفائض إعلانات تصور الأعلام السود والمقاتلين الملثمين وتنتقد رصيد الرئيس باراك اوباما في محاربة الإرهاب. وكما في العام 2006، حين كلفت حرب العراق الجمهوريين خسارة مضنية في الكونغرس، يعود الكابوس نفسه ليلاحق أوباما بدلاً من جورج بوش الابن وقد يطيح بأكثرية الديموقراطيين اليوم في مجلس الشيوخ وبفارق ستة مقاعد عن الجمهوريين، مع تعزيز حضور اليمين في مجلس النواب. وتعطي الاستطلاعات بمجملها أفضلية للجمهوريين في استعادة مطرقة مجلس الشيوخ للمرة الاولى منذ عشر سنوات، وترجح توقعات «واشنطن بوست» و»نيويورك تايمز» فرص الجمهوريين بالفوز بنحو 77 و67 في المئة تباعاً، بعد تقدمهم في سباقات أركنسو وكولورادو وألاسكا. ولعل نقطة التحول في الانتخابات النصفية كانت الصيف الماضي ومع امتداد «داعش» الى الموصل ومن ثم قتلها الصحافيين الاميركيين جيمس فولي وستيفن سوتلوف. وأعاد «الخطر الداعشي» وبحسب استطلاعات «سي.ان.ان» و»أسوشيتد برس» ترتيب الاولويات لدى الناخب الأميركي وصعود التهديد الإرهابي للمرة الاولى منذ 2007 الى المرتبة الثانية (12 في المئة) بعد الاقتصاد (19 في المئة) في هذا السلم. وجاءت الاولويات الجديدة على حساب الديموقراطيين بسبب تراجع شعبية أوباما وتحول الانتخابات الى استفتاء على رصيده. اذ تعكس الاستطلاعات نفسها ان شعبية اوباما لا تتخطى 42 في المئة اليوم فيما التأييد لسياسته الخارجية ينحصر في 35 في المئة. وانقض الجمهوريون على هذه الأرقام ووظفوا ورقة «داعش» بشكل بارع في الحملة الانتخابية وفي إعلانات تعيد الى الاذهان صور أسامة بن لادن وتلعب على مخاوف الأميركيين. ففي ولاية كارولينا الشمالية حيث يواجه توم تيليس الجمهوري السناتور الديموقراطية كأي هاغان، بدأ بث اعلان يتهم هاغان بالتواطؤ مع أوباما وتحيطهم صور عناصر «داعش» على عربات مسلحة أميركية استولوا عليها في العراق. ويقول الصوت «فيما تمددت داعش انتظر أوباما والتزمت كاي هاغان الصمت...ان ثمن فشلهم هو الخطر». وفي نيو مكسيكو نشر المرشح الجمهوري آلن واه إعلاناً يستعين فيه بعناصر «داعش» وصوت «جون الجهادي» الذي قتل فولي وهو يخاطب أوباما. كما يصور الإعلان المكتب البيضاوي فارغاً وأوباما يمارس رياضة الغولف. ويزعم الإعلان ان القيادة الاميركية مغيبة عن الساحة الدولية. ويتكرر المغزى في ولاية نيو هامبشاير حيث يقول المرشح الجمهوري سكوت براون في إعلانه ان اوباما «لا يفهم واختلطت عليه الأمور حول داعش». ويعيد هذا المناخ الولاياتالمتحدة وانتخاباتها الى أجواء ما بعد 11 أيلول (سبتمبر) 2001 التي أفاد فيها خطر القاعدة الحزب الجمهوري وساهم بصعود اليمين والصقور الأكثر تشدداً في خطابهم حيال الأمن القومي. وستعتمد حظوظ الديموقراطيين في 4 تشرين الثاني (نوفمبر) بشكل او بآخر على مجريات الضربات الجوية فوق الرقة والانبار والموصل، اذ سيعطي نجاح هذه الضربات او إمكانية حدوث عملية نوعية ضد «داعش» زخماً لاوباما وحزبه فيما سيفيد الوضع الراهن وصور الضحايا الغربيين الجمهوريين في تهويلهم بشبح أبو بكر البغدادي.