ليست سويسرا الدولة الوحيدة التي تتطلّع إلى ثروة الغاز الأذري. إذ يبحث الاتحاد الأوروبي بدوره عن مصدر لإمدادات الغاز تجعله أقل ارتباطاً بالغاز الروسي. ويبدو أن المراحل الأخيرة، بين حكومتي برن وباكو، لبناء خط أنابيب جديد يصل إلى أوروبا، بأموال سويسرية اتُفق عليها سراً. صحيح أن سويسرا تراهن ببلايين الفرنكات السويسرية على هذا الخط، لكن دول الاتحاد الأوروبي تريد بأي ثمن، مشاطرة سويسرا في حصتها. وتسعى أذربيجان إلى نقل غازها من حقل «شاه دنيز» إلى أوروبا الوسطى. لذا، نجد الدول الأوروبية في حال «استنفار» قصوى، لوضع يدها على ثروات الغاز التي ستتدفق إلى القارة القديمة، في السنوات المقبلة. وثمة مشروعان يربطان أذربيجان بأوروبا، يحمل الأول اسم «تاب»، أي «ترانس أدرياتيك بايبلاين»، وهو خط أنابيب لم يكتمل بعد، بطول 900 كيلومتر ويصل الغاز الأذري بإيطاليا واليونان وألبانيا. وتهيمن مجموعة «أكسبو» السويسرية على هذا الخط بنسبة 42.5 في المئة. أما خط الغاز الآخر، وطوله 1300 كيلومتر، فهو يندرج ضمن مشروع «نابوكو ويست»، تسيطر شركتا «أو أم في» النمسوية و «ار دبليون اي» الألمانية عليه. والى جانب الصراع السويسري - الأوروبي، حول تحصيل الضرائب من الأغنياء الأوروبيين المقيمين على الأراضي السويسرية، يبرز صراع آخر بالأهمية ذاتها، يتمثل في أولوية مقاربة حكومة باكو، لوضع خطط إمدادات بالغاز، سيكون لها ثقل اقتصادي حيوي. ويرى خبراء الطاقة السويسريون، أن الغاز الأذري ليس مشروعاً يستقطب شركات الطاقة السويسرية فقط، لأنّ للطبقة السياسية السويسرية دوراً بارزاً فيه. ويكفي رصد حركة النواب السويسريين، غير المنقطعة منذ العام 2010، ذهاباً وإياباً إلى أذربيجان، لإبرام اتفاقات مع حكومة باكو. ويبدو أن حكومة برن تنوي بناء جسر محادثات خاص بالطاقة مع أذربيجان، يكون مستقلاً عن دول الاتحاد الأوروبي. وللتحرك السويسري تجاه حكومة باكو، ثلاثة أسباب جوهرية، هي رغبة سويسرا بمساعدة دول الاتحاد الأوروبي في العثور على مصدر تجهيز جديد بالغاز، بعيداً من «الابتزاز» الروسي بحقهم، القادر على قطع الغاز عن أوروبا في لحظة واحدة. ويتمثل الثاني، بمحاولة حكومة برن تأمين الدعم المالي اللازم لمجموعة «إكسبو» للطاقة السويسرية في خلال عملياتها الاستثمارية حول العالم. ويُذكر أن الاستثمارات السويسرية في مجال الطاقة حول العالم، تخطت 125 بليون فرنك سويسري سنوياً في الأعوام الخمسة الأخيرة. أما السبب الثالث، فيتمثل في عزم سويسرا على بناء خط أنابيب مباشر مع أذربيجان لتفادي «وجع الرأس» مع الشركاء الأوروبيين. إذ أن مشروع «نابوكو» مثلاً، لم يُنجز في الموعد المحدد، بسبب تأخير عزاه السويسريون إلى الأوروبيون، ما يفرض على مجموعة «إكسبو» السويسرية موجة جديدة من التكاليف غير المحتسبة.