أنقرة - أ ف ب - يرى محللون أن مشروع أوروبا الهادف إلى تعزيز امنها للطاقة ببناء خط «نابوكو» الرئيس لأنابيب الغاز، والذي يصل إلى بحر قزوين بالالتفاف على روسيا، يشرف على الانهيار مع ظهور دور اكبر لتركيا في إنشاء خطوط الأنابيب. وأدت تطورات أخيرة من بينها قرارات اتخذتها أنقرة، إلى خفض أهمية خط «نابوكو» للغاز، الذي يهدف إلى نقل اكثر من 30 بليون متر مكعب سنوياً من الدول المطلة على بحر قزوين إلى أوروبا. وقال نائب المدير السابق لشركة «تي بي أيه أو» النفطية التركية، نجدت بامير إن «مشروع نابوكو يعيش في غيبوبة منذ فترة طويلة قبل إبرام اتفاق ساوث ستريم... لكن لا احد يجرؤ على القول إن نابوكو اصبح ميتاً». وكان من المقرر أن يمتد الخط نحو 3900 كيلومتر عبر تركيا ويمر بعد ذلك في بلغاريا ورومانيا والمجر ليصل إلى النمسا حيث يتصل مع شبكة توسيع كبرى. ووقعت تركيا كذلك في كانون الأول (ديسمبر) اتفاقاً مع أذربيجان لبناء خط أنابيب «ترانز-أناضوليا» لينقل 10 بلايين متر مكعب من الغاز من أذربيجان إلى الأسواق الأوروبية، ما يضعف مشروع «نابوكو» الذي يواجه صعوبة في الحصول على التزامات بإمدادات الغاز. وفي العلن يقول مسؤولون أتراك إن واحداً من بين ستة شركاء في «نابوكو» لا يزال يدعم هذا الخط. فوزير الطاقة التركي تانر يلديز قال أخيراً «نواصل جهودنا لتنفيذ هذا المشروع». إلا أن محللين يعتقدون أن أنقرة ليست متحمسة لهذا المشروع. ويقول محلل الطاقة في مؤسسة «إي اتش أس غلوبال انسايت»، اندرو نيف إن «تركيا ليست ملتزمة تماماً بمشروع نابوكو، فهي تعتبر نفسها وسيطاً للطاقة». أما السفير الأميركي السابق في تركيا، المدير الحالي لمركز «دينو باتريشيو يوراسيا» في المجلس الأطلسي في الولاياتالمتحدة، روس ويلسون، فأشار إلى أن الموافقة على مشروع «ساوث ستريم» حسّن موقع أنقرة مع استمرار الخلاف حول المشروع النهائي». وقال إن «أياّ من التطورات الأخيرة في شأن ساوث ستريم لا يقوض أو يهدد بأية طريقة أخرى ممر الغاز الجنوبي»، حيث يمكن أن يكون هذا الممر هو خط «نابوكو» أو «أي تي جي أيه» أو «تي أيه بي» أو أي خط جديد في جنوب شرقي أوروبا. وتابع: «يمكن أن يزيد من وزن تركيا في المفاوضات النهائية خلال الأشهر المقبلة حول الانتهاء من خط ممر الغاز الجنوبي، واتفاقات شراء المبيعات وغير ذلك». ويعد اثنان من خطوط الأنابيب المنافسة الأخرى اكثر تواضعاً لنقل الغاز من تركيا عبر اليونان إلى إيطاليا، وهما مشروع «أي تي جي أي» الذي يربط بين تركيا واليونان وإيطاليا، و»ترانس ادرياتيك بايبلاين». ولفت المدير السابق لشركة «بوتاس» التركية الحكومية الشريكة في تحالف «نابوكو»، ميتي غونكيل إلى «أن خط نابوكو هو مشروع غير مكتمل منذ البداية». لكنه تساءل «من هي الجهة التي ستشحن الغاز عبر خط الأنابيب؟» وتعتبر وسط آسيا الساحة الخلفية لموسكو، وتحتفظ شركة «غازبروم» الروسية بمعظم الإمدادات، فيما يعد الحصول على الغاز من منطقة شمال كردستان العراقية محفوفاً بالأخطار نظراً إلى الاحتكاكات السياسية مع الحكومة المركزية في بغداد. كما أن النزاع بين الاتحاد الأوروبي وطهران حول برنامجها النووي يزيل إيران من قائمة المزودين المحتملين، كما أن سورية مستبعدة كذلك بسبب الاضطرابات التي تشهدها. وشرح مدير «مركز قزوين للطاقة والبيئة» في «أكاديمية أذربيجان الديبلوماسية»، النور سولطانوف، أن خط أنابيب جنوب شرقي أوروبا «أس إي إي بي» يقدم الحل الأفضل. وتماماً مثل «نابوكو» فإن هذا الخط سيمتد إلى النمسا ليخدم الأسواق الأوروبية الأكثر ربحية، لكنه اقل كلفة نظراً إلى قدراته الأقل واستخدامه للبنية التحتية الموجودة حالياً. ويمكن أن يقدم الاتحاد الأوروبي مشروع هذا الخط بدلاً من «نابوكو» على المدى القصير، لكن قدراته الأقل لن تستفز روسيا على الأرجح، وفق سلطانوف الذي قال «في عالم خطوط الأنابيب غير المثالي، فإن مشروع «أس إي إي بي» يمثل افضل الخيارات الممكنة بالنسبة لجميع الأطراف». ويشير محللون إلى أن تزايد حاجات أوروبا من الغاز يعني أن هذا الخط لن يتمكن من خفض اعتمادها على روسيا قي شكل كبير، حتى لو أنشئ خط أنابيب رئيس مثل «نابوكو». وتتوقع شركة «بي بي» البريطانية أن يزداد استخدام الغاز لإنتاج الطاقة في الدول الأوروبية من 40 في المئة حالياً إلى 60 في المئة عام 2030، مع توقع تضاعف واردات أوروبا من الغاز بحلول العام ذاته نتيجة لذلك. وبلغت واردات أوروبا من الغاز 444 بليون متر مكعب من إجمالي 553 بليوناً استخدمتها دول الاتحاد الأوروبي في عام 2010، طبقاً لبيانات «مكتب الإحصاءات الأوروبي» (يوروستات).