تظاهر آلاف التونسيين ظهر أمس بشارع الحبيب بورقيبة في العاصمة للمطالبة بالكشف عن ملابسات اغتيال المعارض شكري بلعيد واحتجاجاً على تعيين وزير الداخلية القيادي في حركة «النهضة» علي العريض في منصب رئيس الحكومة بعد يوم واحد من تكليفه رسمياً بهذه المهمة من قبل رئيس الجمهورية المنصف المرزوقي. وهتف المتظاهرون أمام مقر وزارة الداخلية بشعارات معادية لوزير الداخلية مطالبين بالإسراع في كشف الجناة المتورطين في اغتيال شكري بلعيد. وجاءت هذه الدعوة بعد حملة قام بها نشطاء شبان على شبكات التواصل الاجتماعي بعد رفض حركة «النهضة» مبادرة رئيس الحكومة السابق حمادي الجبالي بتشكيل حكومة تكنوقراط غير متحزبة. وعبّرت أحزاب معارضة عن دعمها هذه المسيرة، وعلى رأسها «الجبهة الشعبية» اليسارية و«الحزب الجمهوري» وحركة «نداء تونس». وفي سياق آخر، انطلق رئيس الحكومة المكلف علي العريض بمشاورات غير رسمية مع عدد من الأحزاب المكونة للمجلس التأسيسي على غرار حزب المؤتمر من أجل الجمهورية وحزب التكتل وحركة وفاء وكتلة الحرية والكرامة، وهي مشاورات لم تخرج عن دائرة الترويكا الحاكمة التي تشكلت بمقتضاها حكومة حمادي الجبالي المستقيلة. ويسعى علي العريض إلى توسيع التحالف الحكومي ليشمل أحزاباً معارضة أهمها الحزب الجمهوري وحزب التحالف الديموقراطي وحزب المسار الديموقراطي الاجتماعي. ووفق مصادر في مجلس شورى «النهضة» فإن رئيس الحكومة المكلف يسعى بقوة إلى استمالة الحزب الجمهوري ليشارك معه في الحكومة. ذلك أن أحمد نجيب الشابي، زعيم الحزب الجمهوري، يتمتع بخصال ربما تحتاجها «النهضة»، وهي البراغماتية والحنكة السياسية والقدرة على التفاوض مع العلمانيين، بالإضافة إلى تاريخه النضالي ورصيد الثقة الذي يتمتع به في داخل تونس وخارجها. لكن الحزب الجمهوري لا يزال متمسكاً بمبدأ عدم المشاركة في الحكومة المقبلة في مقابل استعداده لدعمها في حال تلبية مطالبه المتمثلة خصوصاً في تحييد وزارات السيادة وأهمها الداخلية والعدل. وفي هذا السياق، عبّر عضو مجلس شورى حركة «النهضة» حمزة حمزة ل «الحياة» عن استعداد حزبه للتفريط في وزارات السيادة ومنها وزارة الداخلية، واعتبر أن تحييد وزارة الداخلية الآن أصبح ممكناً بما أن المنصب أصبح شاغراً بعد تكليف علي العريض بتشكيل الحكومة الجديدة، بالإضافة إلى أن وزارتي العدل والخارجية قد حسم أمرهما تقريباً في اتجاه تحييدهما. وعلمت «الحياة» أن حركة «النهضة» تشترط لتنازلها عن وزارة الداخلية مشاركة الحزب الجمهوري في الحكومة المقبلة.