أجرى وزير الخارجية الأميركي جون كيري أمس، محادثات مع شخصيات عدة في القاهرة، بينها القيادي في «جبهة الإنقاذ الوطني» المعارضة عمرو موسى، الذي كسر مقاطعة الجبهة للزيارة، إضافة إلى وزير الخارجية المصري محمد كامل عمرو والأمين العام للجامعة العربية نبيل العربي، فيما يلتقي اليوم الرئيس محمد مرسي ووزير الدفاع عبدالفتاح السيسي. وفور وصول كيري إلى مطار القاهرة ظهر أمس، صعدت السفيرة الأميركية آن باترسون إلى طائرته واجتمعت معه لمدة 20 دقيقة قبل نزولهما ومغادرة الموكب المطار وسط حراسة مشددة. وعقد كيري جلسة محادثات أمس مع نظيره المصري ركزت على الوضع السياسي في مصر وسبل تطوير العلاقات والأزمة في سورية. والتقى بعدها الأمين العام للجامعة العربية نبيل العربي في أحد الفنادق، وبحثا في الملف السوري وعملية السلام. ورغم رفض معظم قادة «جبهة الإنقاذ» دعوات رسمية للقاء كيري وجهتها السفارة الأميركية في القاهرة بسبب دعوته المعارضة إلى التراجع عن مقاطعة الانتخابات البرلمانية المقبلة، ما اعتبرته المعارضة تدخلاً في الشؤون الداخلية، إلا أن كيري التقى القيادي في الجبهة رئيس «حزب المؤتمر» عمرو موسي. واستمر لقاء موسى وكيري 45 دقيقة، ولم يشارك الأول في لقاء جمع الوزير الأميركي بعدد من قيادات الأحزاب وناشطين، بل أوفد نائب رئيس الحزب وزير الخارجية السابق محمد العرابي. وناقش موسى وكيري «مواضيع عدة أهمها الوضع الداخلي ورؤية المعارضة لما يجري، والقضية الفلسطينية والوضع النووي في المنطقة والأزمة السورية»، وفق مصدر قريب من موسى. وقال المصدر إن «كيري قال إنه هنا ليستمع ولا يريد أن يتحدث، وشرح له موسى المشهد المصري واعتراض المعارضة، خصوصاً جبهة الإنقاذ على خوض الانتخابات». ونقلت وكالة «فرانس برس» عن مسؤول أميركي آخر يرافق كيري في زيارته، أن الوزير سيبلغ المعارضة بأن «الوسيلة الوحيدة لضمان أخذ وجهات نظرهم في الاعتبار هي المشاركة (في الانتخابات) وأنه لا يمكنهم أن يكتفوا بالتنحي جانباً وان يفترضوا أنه بطريقة سحرية ما كل ذلك (ما يطالبون به) سيحدث. ينبغي أن يشاركوا ولن يقول لهم (كيري) ماذا يجب أن يفعلوا ولكنه سيقول إن المشاركة هي السبيل الوحيد لتحريك الأمور في اتجاه (تحقيق) رؤاهم». ويلتقي كيري اليوم مرسي للبحث في الأزمة السياسية وسبل بناء توافق سياسي يضمن تشجيع مشاركة المعارضة في الانتخابات البرلمانية المقبلة، كما سيعرضان الأوضاع الاقتصادية في مصر، خصوصاً فرص حصول القاهرة على قرض صندوق النقد الدولي بدعم أميركي. ويلتقي بعده وزير الدفاع. ونقلت وكالة «رويترز» عن مسؤول أميركي كبير أمس أن كيري سيشدد على أهمية تحقيق توافق سياسي في مصر في شأن إصلاحات اقتصادية مؤلمة ضرورية للحصول على قرض من صندوق النقد الدولي. وأضاف أن «الولاياتالمتحدة ترى ضرورة أن تزيد مصر حصيلة الضرائب وأن تخفض دعم الطاقة»، وهي إجراءات من المرجح ألا تحظى بتأييد شعبي. وأضاف أن «رسالته (كيري) الأساسية هي أنه من المهم للغاية أن تقوم مصر الجديدة على أساس اقتصادي متين... ومن أجل التوصل إلى اتفاق على تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية الضرورية بموجب اتفاق مع صندوق النقد ينبغي أن يتوافر اتفاق سياسي أساسي بين كل الأطراف الفاعلة داخل مصر». والتقى كيري مساء أمس عدداً من رجال الأعمال المصريين. وسيختتم زيارته للقاهرة مساء اليوم بلقاء ممثلين لعدد من منظمات المجتمع المدني قبل أن يغادر إلى الرياض لاستكمال جولته التي يختتمها بزيارة دولة الإمارات وقطر. واعتبر «التحالف الديموقراطي الثوري»، وهو تجمع للقوى اليسارية المصرية، في بيان أن «ثمة رابطاً بين القمع الوحشي للمتظاهرين من قبل الشرطة في شوارع المنصورة، وزيارة وزير الخارجية الأميركي إلى مصر». وقال: «لا تغيب عن ناظرينا دلالة تصاعد هذا الهجوم الوحشي على المعارضة في توقيت موازٍ لزيارة الوزير الأميركي... في وقت دانتها المعارضة وامتنعت عن لقائه، واعتبرتها تدخلاً مباشراً مرفوضاً في الشأن المصري الداخلي». ونددت «الجبهة الحرة للتغيير السلمي» ب «التدخل السافر من قبل الإدارة الأميركية في الشؤون الداخلية المصرية، نتيجة الانبطاح الكلي لنظام الإخوان المسلمين واستقوائه بالخارج على حساب الشعب المصري واستحقاقاته الثورية، التي ناضل ومازال يناضل من أجل تحقيقها، وعلى رأسها استقلال القرار المصري ورفض التبعية». وثمنت «موقف القوى الوطنية التي أعلنت عدم خوضها الانتخابات ومقاطعتها»، محذرة من «الاستجابة لأي من الضغوط التي سيمارسها (كيري) من أجل خوض الانتخابات، وإكساب النظام الإخواني الفاشي مزيداً من المشروعية التي فقدها بارتكابه جرائم في حق الشعب المصري».