تشهد سويسرا تراجعاً في عدد الشركات المحلية المتعثرة مالياً أو المفلسة، على عكس بعض دول الاتحاد الأوروبي، وعلى رأسها اسبانيا. ويترجم محللون هذا التراجع بدرجة عالية من التعاون الذي يجمع المسؤولين الحكوميين والمصارف والشركات تحت سقف واحد. وفي ما يتعلق بعدد الشركات الناشئة، التي تستوطن في سويسرا ويعود نشاط جزء منها إلى ما هو معروف ب «أوف شور»، فارتفع نحو ثلاثة في المئة في الأشهر الثمانية الأولى من السنة مقارنة بالفترة ذاتها العام الماضي. وذلك يعني أن سويسرا احتضنت منذ مطلع السنة 27 ألف شركة جديدة، ويُتوقع أن يرتفع هذا العدد إلى 41 ألفاً حتى نهاية السنة. وتراجع عدد الشركات المفلسة هذه السنة ثمانية في المئة إلى نحو 3800 شركة فقط، مقارنة بنحو 16 ألفاً في أسبانيا. وأشار مراقبون محليون إلى أن ما تشهده سويسرا من حركة انتعاش في عدد الشركات الناشئة «ستارت آب»، يعود إلى ما قبل عام 2008 عندما كانت سويسرا، وأسرارها المصرفية، المعقل الرئيس للشركات المتعددة الجنسية. وحينها، وصل عدد الشركات الناشئة التي أسست إلى نحو 50 ألفاً، نحو خمسة في المئة منها أميركي الجنسية. واعتبر خبراء مال أن ما يحصل في سويسرا اليوم لفتة نوعية من شأنها حذف الذكريات السود لعام 2012، عندما بلغ عدد الشركات المحلية المفلسة نحو 6500 شركة، ما جعل المصارف السويسرية تسارع إلى إغلاق مصادر التمويل، تاركة هذا الملف إلى الإدارات الكانتونية وبعض المؤسسات القادرة على تقديم دعم، غير مضمون، تراوح قيمته بين 50 و500 ألف فرنك سويسري لكل شركة ناشئة. وتلعب الإدارات الكانتونية دوراً بارزاً في تشجيع تأسيس شركات جديدة على أراضيها، فالمعادلة المالية الجديدة تتمحور حول تغطية ما يصل إلى 25 في المئة من تكاليف تنفيذ مشاريع الشركات الناشئة في كل الكانتونات السويسرية تقريباً. ولافت أن معظم الشركات الناشئة لا يتجه إلى القطاع التكنولوجي، بل ينتمي إلى القطاع الفندقي أو السياحي أو المعني بصناعة الألبسة والأحذية. ويُتوقع أن يصل عدد هذه الشركات إلى ثلاثة آلاف حتى نهاية السنة. وأوضح خبراء أن عدد الشركات المفلسة في مجالات البناء والصناعات اليدوية والفندقية كان الأعلى هذه السنة، بينما سجل رقماً متواضعاً جداً في القطاعات الكيماوية، والأدوية والعقارات. ويحاول عدد من الشركات المحلية المتعثرة مالياً الحصول على تمويل خارجي في مقابل بيع حصص من الأسهم في مشاريع قائمة إلى مستثمرين أجانب، بينهم رجال أعمال خليجيين. وإفلاس الشركات المحلية له كلفة عالية لدى حكومة برن لجهة توليد ثغرة جديدة في حقل التوظيف الذي تسعى سويسرا إلى دعمه بالملايين من الفرنكات سنوياً. ويعرض عدد من الكنتونات السويسرية على الشركات الناشئة تغطية معاشات طاقم موظفيها في الأشهر الستة الأولى من السنة، بهدف مساعدتها على تحقيق انطلاقة مالية مريحة.