يكشف مسلسل الهجوم الرخيص الذي تشنه مجموعات متطرفة على «عضوات» مجلس الشورى عبر وسائط الاتصال الحديثة، وعلى رأسها شبكات التواصل الاجتماعي، عن حال غليان شنيعة يعيشها تيار لطالما حارب خطوات الإصلاح الحكومي في السعودية، واستطاع في أحيان قليلة أن ينجح ويفرض أجندته على المجتمع، مع الأسف، لكنه وهذا المطمئن اعتاد في الغالب على الفشل وإثارة الضوضاء من دون جدوى. قبل سنوات تمكن هذا التيار «الظلامي»، الذي يستخدم ورقة «الحرام» و«الفتاوى الطائرة»، من تعطيل عدد من القرارات الإصلاحية موقتاً، منها قرار السماح للنساء بالعمل في الأسواق... تعطل القرار طوال ستة أعوام ابتداءً من 2006 قبل أن يُفعّل بأمر ملكي جديد، كذلك استطاع تعطيل منظومة تطوير وإصلاح المناهج التعليمية التي بدأت قبل نحو عشرة أعوام عبر التغلغل في لجان تطوير المناهج، وإحكام السيطرة عليها بشكل ناعم ونظامي، وهو الأمر الذي أجبر وسائل الإعلام على اختراق هذه المنظومة والكشف عن أن أحد مؤلفي المناهج، التي يُفترض أنها تخضع للتطوير، ليس سوى رأس كبير .. ضج المجتمع حينها وقررت بعد ذلك وزارة التربية والتعليم حذف أسماء مؤلفي المناهج من صفحات الكتب الدراسية من باب «البعد عن الشبهات»، وهو قرار يكشف عن الكثير مما لا تريد الوزارة قوله علانية. لا يمكن لأي مهتم ومتابع للشأن العام في السعودية أن ينكر فاعلية التوجه الإصلاحي القوي الذي انطلق بدفع حكومي بعد أحداث 11 أيلول (سبتمبر)... صحيح أنه تراجع في فترات معينة، لكنه لا يلبث أن ينهض ويستمر، على رغم كل المعوقات التي تواجهه، ولعل من أهم إنجازاته سن قوانين جديدة لتقليم أظافر قوى التخلف، والجريمة الحديثة، وأبرزها «نظام مكافحة الجرائم المعلوماتية»، الذي وإن كان لا يستهدف تياراً أو فئة محددة إلا أنه ضرب أهم وسيلة درج «الظلاميون» على استخدامها في محاربة خصومهم وهي «التشويه الإلكتروني»، هذه الوسيلة التي كانت تُستخدم لابتزاز الوزارات والمسؤولين في منتدى إنترنيتي، مثل «الساحات السياسية» في بداية العقد الماضي، أصبحت مجرمة قانونياً ولها عقوبات رادعة، وهو ما لم تستوعبه «جماهير الظلام» التي انتقلت بأدواتها القديمة نفسها إلى شبكات التواصل الاجتماعي لتظهر لنا أبشع أنواع القذف والتطاول على أعراض الناس لخدمة أجندة الظلام ومحاربة أي خطوة إصلاحية في البلاد. بالأمس القريب هاجم أكاديمي مبعد من التدريس، وهو أيضاً أحد نجوم فرق التشويه القديمة في منتدى «الساحات»، عضوات مجلس الشورى اللاتي تم تعيينهن بأمر ملكي، هجوماً في منتهى الرخص، مستخدماً أبشع الألفاظ في التطاول على أعراضهن، وشاركه في الهجوم العشرات من أفراد عصابته، وهو ما يعني أننا أمام اختبار حقيقي لنظام مكافحة الجرائم المعلوماتية، فإما أن تتم المحافظة على مكتسبات الإصلاح بتطبيق هذا النظام على هؤلاء فوراً من دون تردد، أو انتظار لوائح دعاوى خاصة، وإما الدوران للخلف والاستسلام لتعطيل منظومة الإصلاح بشكل عام، وهذا «كابوس» حقيقي لا يتمناه أي عاقل في هذا الوطن. [email protected] @Hani_Dh