أطلّت بوادر أزمة بين السودان ومصر، إذ وجّهت الخرطوم انتقادت مبطنة إلى القاهرة بسبب عدم تطبيقها إتفاق الحريات الأربع بين البلدين (التنقل والعمل والإقامة والتملك)، وقررت عدم فتح ملف النزاع على مثلث حلايب الحدودي إلى حين استقرار الأوضاع في مصر. وكشف مسؤول ملف مصر في الخارجية السودانية عصام عوض عن مماطلة الحكومة المصرية في إعادة 100 سيارة وأجهزة للتنقيب عن الذهب صادرها الأمن المصرى من سودانيين اعتُقلوا العام الماضي لدخولهم الأراضي المصرية عن طريق الخطأ. وافرجت القاهرة عن هؤلاء بعد تدخل الحكومة السودانية. ورأى عوض في تصريحات صحافية أن مصر تلكأت في توقيع إتفاق الحريات الأربع لإعتراضها على حرية التملك والتنقل للفئات العمرية ما بين 18 إلى 49 من الرجال السودانيين تخوفاً من أن تشكل تلك الفئة مشكلة أمنية. وأفاد أن القاهرة اعترضت على حرية التملك أيضاً، موضحاً أن مصر تطالب بأن يكون حق التملك حراً بينما ملكية الأراضي في السودان تتم وفق قانون الحكر (بموجب عقد يكسب المحتكر بمقتضاه حق الانتفاع بالأرض لقاء أجر محدود). وأضاف أن مصر أظهرت عدم رغبتها في توقيع إتفاق بين الخرطوموالقاهرة لتبادل المجرمين. وكشف موافقة الخرطوم على طلب مصر تأجيل إفتتاح معبري قسطل ووادي حلفا البريين اللذين كان منتظراً تدشينهما مطلع آذار (مارس) المقبل. وأكد موافقة الحكومة المصرية على طلب السودان إلغاء كلمة الحدود الدولية في اتفاقية المعابر، مشيراً إلى أن الدولتين اتفقتا على الإكتفاء ببند خط عرض 22 كحدود بين البلدين لميناء قسطل ووادي حلفا، من دون التطرق إلى أي موانئ أخرى، فى اشارة إلى مثلث حلايب المتنازع عليه. ولفت إلى قبول الجانب المصري اعتراض السودان على عبارة الحدود الدولية التي وردت في بروتوكول التعاون المشترك بينهما. وتابع: «لو قبلنا بها كان ذلك سيعد اعترافاً بحق مصر في حلايب وشلاتين». وأكد أن فتح ملف النزاع على مثلث حلايب والمناطق الحدودية مع مصر «مرجأ الى حين» وأن الوقت ما زال غير مناسب للتعاطي مع القضية نظراً إلى عدم استقرار الأوضاع السياسية بمصر، وجدد تمسك حكومته بالمثلث على اعتبار كونه أرضا سودانية، قائلاً إنها «لن تجامل في حق السودان». إلى ذلك أعلن الناطق باسم الخارجية السودانية السفير العبيد أحمد مروح عن مساع تركية للتوسط بين الخرطوم وجوبا لرأب الصدع بينهما. وقال في تصريح امس إن الحكومة التركية دعت قيادات دولتي السودان وجنوب السودان إلى زيارة أنقرة من دون تحديد موعد لها. وفي السياق ذاته، اتهم حزب المؤتمر الوطني الحاكم في السودان الولاياتالمتحدة بالوقوف وراء تعثر المفاوضات مع جنوب السودان، ودعاها إلى وقف دعمها للحركات المتمردة. وقال مدير الاستخبارات الخارجية السابق عضو المكتب القيادي في المؤتمر الوطني قطبي المهدي إن الإدارة الأميركية وقفت عائقاً أمام استمرار التفاوض مع دولة جنوب السودان. وأضاف أن الموقف الأميركي كان يقوم بتحريض المفاوضين الجنوبيين على عدم حسم ملف الترتيبات الأمنية وفك ارتباط الجيش الجنوبي مع متمردي الشمال في ولايتي جنوب كردفان والنيل الازرق. وذكر المهدي أن أميركا انحازت بصورة واضحة إلى دولة جنوب السودان وساهمت في دعم متمردي «الحركة الشعبية - الشمال» بالسلاح والمال بجانب دعمها لقيادات نافذة ل «ابتزاز اقتصاد السودان في كافة جوانبه». من جهة أخرى، قضت محكمة جرائم دارفور في الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور بالإعدام شنقاً حتى الموت قصاصاً بحق ستة من متطوعي قوات الدفاع الشعبي التي تقاتل إلى جانب الجيش، دينوا بقتل مواطن أمام حشد من الأهالي في منطقة شنقلي طوباي قبل عامين. وقال المسؤول في مكتب مدعي جرائم دارفور الحاج عبدالماجد الهجرسي، عقب صدور الحكم، إن المحكمة استوفت كل مطلوبات العدالة في جلسات فاق عددها التسعين. وأكد أن المحكمة أتاحت للطرفين تقديم الأدله الكافية وأصدرت حكمها بالإعدام بعد إصرار أولياء الدم على القصاص. على صعيد آخر، تقدم السودان بشكوى رسمية إلى الخارجية البريطانية تتهم عضوة مجلس اللوردات البارونة كوكس بدخول ولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق عن طريق دولة جنوب السودان من دون الحصول على تأشيرة دخول من الخرطوم ومن دون علم السلطات السودانية. وبعث سفير السودان في لندن السفير عبدالله الأزرق بخطاب شديد اللهجة الى البارونة كوكس عنّفها فيه على تسللها للسودان من دون الحصول على تأشيرة في خرق للأعراف الدولية والقوانين السودانية، وطالبها بالاعتذار الى الشعب السوداني.