لا تكمن مشكلة الإصابة بسرطان الثدي في كونه ورماً خبيثاً يهدد الحياة، بل إنه يعتدي أيضاً على أحد مناحي أنوثتها. ويعتبر من أكثر الأورام انتشاراً. وفي سياق المؤتمرات العلميّة عن هذا السرطان وعلاجه، استضافت القاهرة أخيراً «المؤتمر الدولي الخامس لأورام الثدي والأورام النسائية». ونوقِشَ فيه 130 بحثاً، في حضور قرابة 50 اختصاصياً وألفي طبيب. في سياق المؤتمر، أشار الدكتور هشام الغزالي، رئيس «الجمعية الدولية لأورام الثدي» إلى الأهمية الكبيرة لعقار «تراستوزوماب إمتانسين» Trastuzumab- DM1 (يُعرَف باسمه المختصر «تي- دي أم 1» T-DM1) الذي يعتبر طفرة في علاج هذا الورم، لأنه أولٌ في احتوائه على أجسام مناعية مضادة تتوجّه تحديداً إلى الخلايا السرطانية لهذا الورم، حاملة معها عنصراً يفتك بهذه الخلايا. وبيّن أن المؤتمر اعتمد 35 قاعدة لتشخيص أورام الثدي التي ترافقها التهابات، وكذلك الطرق الالتهابية وعلاجها. وتشمل هذه القواعد طريقة أخذ العينات وإعطاء العلاج الكيماوي قبل الجراحة، وأنواع العمليات الجراحية وغيرها. وأشار إلى أن اتفاقاً يُبرم في تشرين الأول (أكتوبر) المقبل، ويضع صيغة متوافقاً عليها بين «الجمعية الدولية للأورام» و»الجمعية الأوروبية لجراحات الأورام وعلومها» لتنفيذ بحوث مشتركة في مصر ودول أوروبا. وحضّ الغزالي المُصابات بأورام الثدي أو الجهاز التناسلي، على التفاؤل بمسار العلاجات وتطوّرها. وطالبهن بالاهتمام بالفحص الذاتي للثدي، مؤكداً أن معظم أورام الثدي تكون حميدة. وشارك في المؤتمر الدكتور سامي الخطيب رئيس «الجمعية العربية للأورام»، والدكتور أحمد سعد الدين والدكتورة أم الخير أبو الخير والدكتور طاهر التيويجري (من السعودية) ، والدكتور مروان غصن (لبنان)، والدكتور الفونس طغيان رئيس قسم العلاج الإشعاعي في جامعة هارفارد. وتحدث طغيان عن استخدام العلاج الإشعاعي الجزئي المتمثّل بتعريض حصري للجزء المُصاب من الثدي إلى الأشعة، ما يحافظ أيضاً على جمال الصدر. وشرح استخدام العلاج الإشعاعي الداخلي الثلاثي الأبعاد في الأورام النسائية. وشارك في ورشة العمل نفسها الدكتور جون بير جيرار، عميد «معهد انطوان لاكازن» في نيس (فرنسا)، فعرض تقنية لاستئصال الأورام الحميدة من دون جراحة. وقدم الدكتور دك رنسبري، رئيس «الجمعية الإنكليزية لجراحي تجميل الثدي» والدكتورة ماريا كردوزو من البرتغال، طرقاً عدة لإعادة بناء الثدي. وشهد المؤتمر مناظرة بين الدكتور ماتي ابرو من جنيف والدكتور فرنكونوتي من جامعة مودينا في إيطاليا، حول إمكان الاستغناء عن العلاج الكيماوي عند السيدات بعد فشل العلاج الهرموني. المجتمع المدني يقاوم السرطان رافقت المؤتمر ندوة عن دور المجتمع المدني في مساندة البحث العلمي عموماً، وخصوصاً علاج مرضى الأورام تحدثت فيها وزيرة البحث العلمي في مصر الدكتورة نادية زخاري عن علاج الأورام، مركّزة على تجارب ناجحة مثل «مستشفى 57357 لعلاج أورام الأطفال» و»معهد الأورام القومي»، اللذين طلبا من الوزارة تمويل بحوثهما، على غرار ما فعله 148 مركزاً متخصصاً. وأضافت زخاري أن قانون البحث العلمي المُقدّم إلى مجلس الشورى المصري يعمل على النهوض بصناعة الدواء في مصر، بطريقة تضمن ألا يُجرّب الدواء إلا بعد استكمال مراحل التجارب العلمية المتعارف عليها، كي لا يُصبح المصريون مجرد مختبر بشري لبحوث الشركات وتجاربها. وتحدث الدكتور أحمد عكاشة، أستاذ الطب النفسي في جامعة عين شمس، مُشدّداً على أهمية البُعد النفسي في مقاربة الأورام وعلاجاتها. وأوضح الدكتور معز شهدي، الرئيس التنفيذى ل»بنك الشفاء» أن مؤسسته تقدم الخدمة الطبية مجاناً لغير القادرين، إيماناً منها بدور المجتمع المدني في مساعدة المرضى. ولاحظ أن المجتمع المدني ساهم في ثلاثة مستوصفات في كل محافظة في مصر، خلال السنتين الأخيرتين. وتحدث الدكتور علاء إدريس، رئيس لجنة العلوم والتكنولوجيا في مؤسسة «مصر الخير»، عن دعم المؤسسة للبحوث الصحية للبحث العلمي في مجال الصحة. وأوضح أن «مصر الخير» تموّل مشروعاً لعلاج أمراض القلب الموروثة، يشرف عليه مع الخبير العالمي الدكتور مجدي يعقوب، وآخر لعلاج مرض السكري بخلايا المنشأ بإشراف الدكتور محمد غنيم، وثالثاً لعلاج السرطان بجزيئات الذهب بإشراف البروفسور مصطفى السيد الذي يعمل في «المركز القومي المصري للبحوث».