لعل أهم مكتسبات الثورة المصرية التي لم تنتهِ بعد، أنها فتحت ملف البحث العلمي في مصر، مع انتشار قناعة بأنه طريق وحيد لمعالجة كثير من مشاكل المصريين في التعليم والصحة وغيرها. وفي الآونة الأخيرة، تكاثرت الندوات التي تتحدّث عن مستقبل البحث العلمي في مصر. وعلى هامش «المؤتمر الدولى الرابع للأورام» الذي رعته شركة «فايزر» العالمية للأدوية أخيراً، عُقِدت ندوة عنوانها «نحو بحث علمي لمصر». شارك في الندوة الدكتورة ناديه زخاري وزيرة البحث العلمي وهي أستاذه في علم التحاليل في «المعهد القومي للأورام»، وآن باترسون السفيرة الأميركية في القاهرة، والدكتور أحمد عكاشة أستاذ الطب النفسي، والدكتور عادل عدوي مساعد وزير الصحة المصري. الإنفاق على البحث العِلمي في هذه الندوة، أشارت الوزيرة زخاري إلى أن البحث العلمي ضرورة تفرضها المشاكل التي يعانيها المجتمع المصري. وأكّدت ضرورة زيادة إنفاق مصر على البحث العلمي، مشيرة إلى وجود صناديق خاصة تمول بعض البحوث، إضافة إلى دعم يأتي من اتفاقات دولية مع أميركا وأوروبا. وأشارت إلى أن هذه المصادر غير كافية. وأوضحت أن الإنفاق الحكومي على البحث العلمي لا يتجاوز 0.4 في المئة من الناتج القومي، مبيّنة أن معظمه يذهب أجوراً للأيدي العاملة، وليس للبحوث بحد ذاتها. ونبّهت زخاري إلى تصاعد نسب الإصابة بسرطان الثدي، متوقّعة أن تصل إلى 10 في المئة في 2050. وبيّنت أن فرص الإكتشاف المُبكّر لسرطان الثدي أفضل منها في أنواع اخرى من السرطان، لأن الثدي عضو طرفي يسهل إكتشاف الورم فيه مُبكّراً، ما قد يرفع إمكان الشفاء إلى 95 في المئة. وشدّدت على أهمية الفحص الذاتي للثدي وإجراء صور «ماموغراف» له، خصوصاً بعد سن الأربعين. وأرجعت زيادة انتشار الأورام مصرياً إلى عادات غذائية غير سليمة، وانتشار الوجبات الجاهزة، وزيادة تلوّث الهواء، وانتشار التدخين، وقلّة ممارسة الرياضة وغيرها. وتحدثت السفيرة باترسون عن أهمية البحث العلمي بالنسبة الى مصر. وقالت: «ستدعم الولاياتالمتحدة مشاريع البحث العلمي في مصر. وسنمدّ يد العون لبحوث الصحة، خصوصاً ما إتّصل منها بسرطان الثدي». وتحدث عكاشة عن أهمية نشر ثقافة البحث العلمي في المجتمع المصري، مبيّناً أنها ترتكز على الصدقية وتحمل المسؤولية والإنضباط وإتقان العمل والقدرة على التعاون. وقال: «لا يوجد من يستطيع العمل بمفرده. مُنِحَت معظم الجوائز العالمية في البحث العلمي إلى فرق عمل تشاركت في صنعها». وتناول سُبُل دعم المُصابة بالسرطان نفسياً، مشيراً إلى أن الثدي والرحم يمثلان رمز الانوثة للمرأة، ما يعني أن إصابتهما بالسرطان تحمل شبح الإستئصال، ما يمثّل كارثة نفسياً قد تصل بالمُصابة إلى معاناتها الاكتئاب المرضي. وأضاف أن أمراض السرطان ترافقها كآبة مرضية لدى غالبية المرضى، خصوصاً السيّدات. وأن هناك مراكز لعلاج هذه الحالات، تُسمى «مراكز علاج الأمراض النفسية للأورام». وتحتاج المُصابات بأورام في الثدي أو الرحم إلى دعم نفسي ومساندة إجتماعية قد يأتيان من الزوج والابناء والاقارب والاصدقاء. وفي سياق متّصل، أشار الدكتور عادل عدوي مساعد وزير الصحة إلى وجود 11 مركزاً حكومياً في مصر لعلاج الأورام، مُشدّداً على أن تكلفة علاجها على نفقة الدولة تصل الى 3 بلايين جنيه مصري سنوياً. وخلص للقول إن دعم البحث العلمي في مصر يعود بمردود إيجابي، خصوصاً لجهة خفض تكاليف العلاج، والوصول بالخدمة الصحية إلى مستويات لائقة عبر الإستعانة بطرق علمية حديثة فيها.