خفضت وكالة «موديز» للتصنيف الائتماني الدرجة الممتازة (AAA) التي كانت تتمتع بها بريطانيا بينما يواجه هذا البلد خطر العودة إلى الانكماش مجدداً. وقال وزير الخزانة البريطاني جورج أوزبورن إثر صدور قرار الوكالة مساء الجمعة: «هذا المساء تلقينا تذكيراً مؤلماً بمشاكل الدين التي يواجهها بلدنا. لن ندير ظهرنا لمشاكلنا وسنتجاوزها». وكانت «موديز» وجهت تحذيراً أول إلى لندن قبل سنة لكنها التفتت بعد ذلك إلى دول منطقة اليورو التي تواجه صعوبات بسبب أزمة الدين. وفي تلك الالتفاتة حرمت «موديز» فرنسا من تصنيفها الممتاز الذي يسمح لها بالاستدانة بأفضل الشروط في أسواق المال. ويومها بدت بريطانيا المتمسكة بعملتها القوية والسوق المالية المزدهرة فيها، في منأى نسبياً عن خفض تصنيفها قبل أن تلتفت إليها وكالات التصنيف المالي مجدداً بعد انتكاسة جديدة لاقتصادها في نهاية 2012. وأشارت «موديز» في بيانها إلى «الضعف المتواصل لآفاق (النمو) في الأمد المتوسط» لبريطانيا، وإلى أنها تتوقع أن يستمر تباطؤ النشاط الاقتصادي في البلاد إلى «النصف الثاني من العقد» الحالي. وقطع الاقتصاد البريطاني خطوة أولى باتجاه الركود من خلال انكماش بنسبة 0.3 في المئة في الفصل الرابع من 2012 بعدما خرج في الصيف من ثاني ركود له منذ بداية الأزمة. وإذا تأكد الانكماش في الأشهر الثلاثة الأولى من العام، ستشهد بريطانيا ثالث ركود منذ بدء الأزمة المالية في 2008 - 2009. وقالت كبيرة المحللين في «موديز» سارا كارلسون لوكالة «فرانس برس» إن «عوامل تجتمع لكن هناك عملية تخفيف ديون للقطاعين العام والخاص خنقت النمو بالتأكيد». وتحدثت أيضاً عن نسبة «تضخم مرتفعة» تؤثر في العائلات. وأفادت «موديز» بأن تدهور الوضع في منطقة اليورو التي تعد من الشركاء التجاريين الرئيسين لبريطانيا كانت له «انعكاسات سلبية» عليها. وبينما بدأت حكومة رئيس الوزراء المحافظ ديفيد كامرون تطبيق خطة تقشف واسعة، عبّرت الوكالة عن قلقها من حجم الدين البريطاني وشددت على «التحدي» الذي تشكله خطة ضبط الموازنة. وأشار صندوق النقد الدولي إلى أن الدين العام البريطاني سيرتفع في 2013 ليبلغ 93.3 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي. وأكدت كارلسون أن «اتجاه الدين لن يتغير قبل 2016». إلا أن «موديز» حرصت على التأكيد على متانة الاقتصاد البريطاني الذي يتمتع «بقدرة تنافسية كبيرة» و»متنوع في شكل جيد»، بينما تبقى «الملاءة المالية لبريطانيا عالية جداً»، على حد قولها. وأكدت كارلسون أن «خطر العدوى (من منطقة اليورو) محدود بفضل السياسة النقدية المستقلة (لبريطانيا) وباستفادة الجنيه الإسترليني من وضعه كعملة احتياط دولية». وقال المحلل في مجموعة «آي اتش اس غلوبال اينسايت» هاورد آرتشر إن قرار «موديز» يضع الحكومة البريطانية في «وضع مربك» لكن يفترض أن لا يكون له سوى «تأثير محدود» في اقتصاد البلاد. وأضاف آرتشر في مذكرة «لأن القليل من الدول ما زالت تتمتع بالدرجة الممتازة (AAA)، لا يشكل خسارة هذا التصنيف مشكلة كبرى ولا يشكل تهديداً للثقة بالأسواق التي ما زالت كبيرة كما من قبل». لكن على لندن أن تتوقع تحرك الوكالتين الكبيرتين الأخريين للتصنيف الائتماني. وكانت «ستاندرد أند بورز» أعلنت في منتصف كانون الأول (ديسمبر) أنها تنوي حرمان بريطانيا من تصنيفها الممتاز، بينما رأت «فيتش» أن الآفاق الاقتصادية في هذا البلد «سلبية».