مثلما برعت النكتة العربية في تصوير، الشخص الذي يتعاطى لفافات الحشيش، بأنه خفيف الظل وحلو المعشر، وتفنن مخرجو الأفلام الدرامية في نقل هذه الصورة المغلوطة لبلاتوهات السينما. فإن صورة «حامل الجمر» في مقاهي الشباب بالسعودية، بدأت تأخذ ذات المنحى، بتصوير هذا الشخص، بأنه «الطيب والمرح والذي يجيد تقليد الحركات البهلوانية وإلقاء النكات ويحفظ الاسرار». يقول محمد المالكي، وهو موظف أهلي اعتاد زيارة المقهى نفسه في فترة ما بعد العمل المسائي، إن السبب الرئيسي الذي يأتي به لهذا المقهى، هو «خفة دم حامل الجمر» مضيفاً «يخبرني عن احوال العالم بطريقة محببة، ويفهمني بنظرة العين». آخرون يعتبرونه، مرسال الغرام، بينهم وبين قسم «العائلات»، يقول أحدهم وابتسامة مريبة على وجهه: «حامل الجمر يعرفني أكثر من إخواني، رقم هاتفه في جهازي هو الأول، هو يشعل لي الجمر والذكريات التي احببتها هنا» قالها وحامل الجمر يجرّب له رأس «الأرجيلة» ويبتسم هو الآخر الابتسامة المريبة ذاتها. فيما يتسرب «الهمس الناعم» عن ثقة مفرطة يحظى بها «حامل الجمر» عند الفتيات المدخنات. ويختلف حامل الجمر جغرافياً من مدينة لأخرى، إذ يعتقد فالح، وهو سائق تاكسي بين المدن، أن لهجة، حامل الجمر، تتأثر بالمدينة نفسها، قائلا: «يعرفك من سحنتك، ويلقي عليك التحية بطريقة أهل المنطقة، وإن أصبحت صديقه، ستتعرف من خلاله على أشخاص مهمين» .الا أن فالح لم يفصح مقصده من «مهمين» مكتفياً بالقول بلهجة يغلب عليها الطابع الساحلي: «حامل الجمر راعي واسطة». ويسمي أحد حاملي الجمر في مقهى شهير بجدة، نفسه ب «أبي الشباب» كناية عن مناداته بها للمرة الأولى من الزبائن الجدد، رافضاً فكرة أنهم شخصيات فكاهية، تسعى للإضحاك او تبادل النكات : «عملي يحتم علي مجاراة الزبون، غالبهم يفضلون الحديث معي، لا أدخن ومع ذلك أجرب لهم الرأس قبل تقديمه..هذا هو عملي». ويضيف بأن هاتفه النقال، لا يهدأ لأن كل زبون يعتبره صديقه، ويتصل به لتنفيذ طلبه قبل حضوره او حجز طاولة له، مؤكداً أن أكثر ما يؤذيه في عمله، بعض الطلبات التي تخرج أحياناً عن التهذيب، كتوصيل أرقام هواتف من طاولة لأخرى، أو ما شابهها من الأمور. لكن الخلاصة من شخصية «حامل الجمر» التي لم تستثمر حتى الآن في الأعمال الدرامية او الروائية، أن هذا الشخص هو مشروع لقراءة المشهد السعودي من زاوية جديدة.