لا تزال الأخطاء الطبية هاجساً مخيفاً لكل من يدخل المستشفيات، فهي مسلسل لم ينته بعد، إذ إن حلقاته متباينة منها المميتة والكارثية، فيما يدفع ثمنها آلاف المرضى ممن يقعون ضحايا للإهمال الطبي، بينما هناك من دفعوا حياتهم بالكامل ثمناً لجريمة طبية بطلها طبيب وعنوانها الإهمال. وقع الطفل عبدالله القحطاني (9 أعوام) من بين ضحايا المسلسل المتواصل أخيراً بعدما تعرض إلى كسر بإصبع في إحدى قدميه جراء سقوط حجر عليه، فكان حزنه الأكبر بسبب عدم قدرته على مجاراة أقرانه باللعب معهم إلى أن تُفك جبيرته، إذ لم يكن يعلم أن إهمال الطبيب المعالج له في مستشفى الأمير سلمان في الرياض سيكلفه قدمه كاملة. ويوضّح هادي القحطاني، والد الطفل عبدالله، أنه توجه بابنه إلى مستشفى الأمير سلمان، مضيفاً في حديثه ل«الحياة»: «أكدوا لي أن ابني يعاني من كسر مضاعف بعظمة الإصبع، ما استدعى إجراء عملية لتثبيت العظم بالأسياخ، وبعد العملية أمضى عبدالله 15 يوماً من دون أن يتم الكشف عليه من الأطباء، وفي نهاية المدة فوجئت وابني بزيارة اختصاصي العظام وطبيب تجميل، ليبلغوني بعزمهم على بتر قدم ابني». وأكد والد الطفل عبدالله أن حديث الاختصاصي أصابه بالصدمة جراء عزمهم على بتر قدم الطفل، ما دعاه إلى الخروج بابنه من المستشفى الحكومي إلى آخر أهلي عله يجد تشخيصاً مغايراً لحالته، مؤكداً: «صعقت حين أخبرني الأطباء بأن جرح ابني عانى من إهمال وعدم تنظيف ما تسبب في إصابته بغرغرينة في قدمه تستدعي بتر إصبع قدمه الكبير مبدئياً، إن لم يتم بتر القدم كاملة»، مبيّناً أن حال ابنه لم تكن تستدعي بتر أي من أعضائه، إلا إن الإهمال الطبي الذي استمر أسبوعين من دون متابعة لإصابته قد يفقده إحدى قدميه. وأفاد القحطاني أن صمت وزارة الصحة زاد من غضبه وصدمته، على رغم تقديمه شكوى ضد المستشفى جراء ما تعرض له ابنه من إهمال، موضحاً أنه لم يتلق أي رد على شكواه التي قدمها منذ أيام. بدورها، حاولت «الحياة» التواصل مع مدير إدارة العلاقات والإعلام ل«صحة الرياض» سعد القحطاني للرد على الشكوى المقدمة من والد الطفل، بيد أنها لم تجد الرد على الاتصالات والرسائل المتكررة الواردة من الصحيفة. يذكر أن الإحصاءات تؤكد أن مجموع قضايا الأخطاء الطبية المعروضة على الهيئات الصحية الشرعية في المملكة خلال الأعوام الثلاثة الماضية بلغ عددها 5105 قضايا، إذ صدرت أحكام في 2139 قضية، من بينها 1239 قراراً متعلقاً بوفيات الأخطاء الطبية، كما صدرت إدانة في 415 منها استغرقت 6545 جلسة.